مرة جديدة تعود الولايات المتحدة الأميركية إلى البحث في إمكانية تصنيف حركة "الإخوان المسلمين" منظمة إرهابيّة، بعد أن كانت بحثت في هذا الأمر في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن في دورته الأولى، من دون أن يصدر قرارا في هذه المسألة.
في الأيام الماضية، أعلن البيت الأبيض أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل على تصنيف الحركة تنظيماً إرهابياً أجنبياً، بالتنسيق مع زعماء بعض الدول العربيّة، في حين أبدت الحركة استغرابها من أن تكون صياغة توجّهات الإدارة الأميركيّة مرهونة "بدكتاتوريّات قمعيّة" في الشرق الأوسط.
في هذا السّياق، تجمع مختلف الأوساط المتابعة لهذا الملف بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، هو من طلب الأمر من ترامب، وهو يحظى بدعم كل من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، نظراً إلى أنّ هؤلاء يخوضون مواجهة مع "الإخوان المسلمين" في أكثر من دولة عربيّة وإسلاميّة.
من وجهة نظر مصادر مطلعة، هناك الكثير من العوائق التي قد تحول دون إصدار قرار عن إدارة ترامب بهذا الشأن، أبرزها يتعلق بالقانون الأميركي الذي يشترط أن تكون المنظمة أجنبيّة، ومارست أو لديها نيّة ممارسة أو تملك القدرة والإرادة على ممارسة أعمال إرهابيّة، كما أن يكون هناك تهديداً مباشراً لأمن المواطنين الأميركيين أو تهديداً للمصالح القومية الأميركية، الأمر الذي لا ينطبق على الحركة، لا سيما بالنسبة إلى الشرطين الثاني والثالث.
بالإضافة إلى ذلك، تشير المصادر نفسها إلى أن الكونغرس يملك القدرة على إيقاف أي قرار بهذا الشأن، حيث يملك الحق في الموافقة أو المعارضة خلال مهلة 7 أيام من تاريخ تبليغه به من قبل وزير الخارجية، لكن بحال مضت الأيام السبعة من دون صدور أي موقف عن الكونغرس فإنّ القرار يصبح سارياً.
وفي حين أحدث الإعلان عن هذا التوجه ضجة واسعة على الصعيدين الإقليمي والدولي، لدى قيادات في الحركة، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها لـ"النشرة"، بأن هكذا قرار لا يمكن أن يصدر، نظراً إلى التداعيات التي قد تنتج عنه، خصوصاً أن لـ"الإخوان المسلمين" حضوراً واسعاً في العديد من الدول العربيّة والإسلاميّة، أبرزها في تركيا حيث يعتبر حزب "العدالة والتنمية" الحاكم من أبرز فروع الحركة الأم، بالإضافة إلى كل من تونس والمغرب والأردن على سبيل المثال لا الحصر، إلا أنّ ذلك لا يعني إهمال هذه المسألة بأيّ شكل من الأشكال، خصوصاً أن أحداً لا يستطيع أن يتوقع ما قد يقدم عليه الرئيس الأميركي الحالي، الذي يعتبر أعداء الحركة حلفاء إستراتيجياً له على مستوى المنطقة.
على صعيد متصل، تجزم المصادر المطلعة بأن التوجه الأميركي يعود إلى التطورات القائمة في أكثر من دولة عربيّة، حيث الصراع بين الجانح السعودي-الإماراتي-المصري مقابل الجناح التركي-القطري يتعاظم، وتؤكد بأن واشنطن إختارت أن تكون إلى جانب الأول، نظراً إلى أن مصالحها تحتّم هذا الأمر، سواء كانت الماليّة أو السياسيّة، وترى أن الكثير من المفاجآت منتظرة من قبل ترامب قبل موعد الإعلان عمّا بات يُعرف باسم "صفقة القرن".
بالنسبة إلى هذه المصادر، التحول الأبرز على هذا الصعيد كان لدى الإنقلاب على حكم الرئيس المصري السابق محمد مرسي، الذي كان بدعم مباشر من قبل الرياض وأبو ظبي، إلا أن "الإخوان المسلمين"، باستثناء الفرع المصري، كانت تراهن على تحول ما في العلاقة مع الرياض مع تسلم الملك سلمان بن عبد العزيز للعرش في السعودية، وتذكر بأنه في شهر شباط من العام 2015 شارك أعضاء من الحركات الإسلامية، المقربة من "الإخوان"، في مؤتمر لمقاومة الإرهاب في السعودية، بالرغم من أن الحركة كانت مصنّفة إرهابية من قبل العديد من الدول الخليجية.
في المحصّلة، في الأيام المقبلة قد يصدر ترامب قراراً من هذا النوع، من المتوقع أن تكون تداعياته كبيرة على مستوى المنطقة، لكن السؤال الذي يطرح في أوساط الحركة بشكل قويّ هو عن الثمن الذي سيقبضه مقابل ذلك من قبل حلفائه في المنطقة، لا سيما أنهم يعتبرونها التهديد الأول لهم.