صعّد العدو الإسرائيلي عسكرياً ضد قطاع غزة، وهو ما كان متوقعاً في إطار الرسائل الإيجابية من الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، بأن التصعيد وارد في أي لحظة ضد غزة، بما يُشكّل استجابة لمطالب ليبرمان بعدم التهدئة لمشاركته في الحكومة اليمينية المتطرفة.
ويحرص نتنياهو على تمرير المرحلة الصعبة والشائكة والمعقدة لتشكيل الحكومة، وإصدار قوانين في "الكنيست" تحصّنه من الملاحقات القانونية بدعاوى الفساد والرشاوى، ومن ثم نكث الوعود وفقاً لمصالحه، تهدئة أو تصعيداً.
فقد صعّدت قوات الاحتلال من عدوانها بغارات وقصف استهدف أمس (الجمعة)، المشاركين السلميين في مسيرات العودة وكسر الحصار على الحدود الشرقية لقطاع غزة، تحت شعار "الجولان عربية سورية"، ما أدى إلى سقوط 3 شهداء وعشرات الجرحى، مع إصابة جنديين إسرائيليين بجراح.
فقد أطلق "قناصة" الاحتلال رصاصهم باتجاه المتظاهرين السلميين، فيما أطلقت طائرات من دون طيّار صواريخ ضدهم، في وقت أغارت فيه طائرات حربية إسرائيلية، وقصفت مدفعية الاحتلال مسيرات العودة وعدداً من المواقع في القطاع.
والشهداء الثلاثة، هم: عبدالله إبراهيم محمود أبو ملوح (33 عاماً) من مخيم النصيرات، علاء علي حسن البوبلي (29 عاماً) من مخيم المغازي ورائد خليل أبو طير (19 عاماً).
وزعم الاحتلال أن جنديين أصيبا برصاص "قناص" قرب السياج الحدودي.
وأعلنت غرفة العمليات المشتركة للأجنحة العسكرية التابعة لفصائل المقاومة الفلسطينية، الاستنفار إثر الاعتداءات الإسرائيلية.
وأكدت "سرايا القدس" الجناح العسكري لـ "حركة الجهاد الإسلامي" في فلسطين أن "مقاومتنا مستمرة ضد هذا العدو، ومقاتلينا مستعدون لكافة السيناريوهات".
وأعلنت "الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار" مواصلة المسيرات، مُطلقة على مسيرة الجمعة المقبلة شعار "موحّدون في مواجهة الصفقة".
في غضون ذلك، تعكف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على الإعلان عن "صفقة القرن" التي جرى تأجيل إعلانها، في ظل رفض القيادة الفلسطينية لها قبل طرحها، لأن البيت الأبيض نفذ الكثير من عناوينها المنحازة للكيان الإسرائيلي.
وفي توصيف مستشار البيت الأبيض وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاريد كوشنر لـ "صفقة القرن" بأن "خطة السلام في الشرق الأوسط، ستكون نقطة بداية جديدة لمعالجة الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني".
وأوضح أن "الموعد المتوقع للكشف عن المقترحات سيكون في شهر حزيران - أي بعد انقضاء شهر رمضان".
وأشار خلال مشاركته في ندوة في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" إلى أن "ما سنتمكن من إعداده هو حل نعتقد أنه سيكون نقطة بداية جديدة للقضايا السياسية، ومن ثم إطاراً لما يُمكن القيام به لمساعدة هؤلاء الناس على بدء حياة أفضل".
وألمح إلى أن ما سنطرحه هو "إطار عمل أعتقد أنه واقعي... وقابل للتنفيذ، وأعتقد بشدة أنه سيقود الجانبين إلى حياة أفضل"، مشيراً إلى أن "الخطة ليست محاولة لفرض الإرادة الأميركية على المنطقة".
وكلف كوشنر والمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات بالإعداد للخطة منذ نحو عامين، حيث من المرتقب أن تتألف من شقين سياسي واقتصادي، يظهر فيهما واضحاً الانحياز لصالح الكيان الإسرائيلي.
وقبل أن يتم الكشف عن مضمونها، نفذ ترامب سلسلة من القرارات التي تصب في هذا الاتجاه، من الإعلان عن الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة للكيان الإسرائيلي، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السوري المحتلة، وممارسة الضغوط على
السلطة الوطنية الفلسطينية بوقف المساعدات التي تقدمها لها، وأيضاً الالتزامات إلى وكالة الأونروا". هذا في وقت عبر فيه الجانب الفلسطيني عن رفضه لصيغة الصفقة.
ورأى أمين سر اللجنة التنفيذية لـ "منظمة التحرير الفلسطينية" الدكتور صائب عريقات أن "إطلاق صفة الصفقة بدلاً من المعاهدة، يدل بوضوح على نيّة الإملاءات وليس الاتفاق عبر المفاوضات".
وأشار عريقات خلال لقائه، أمس (الجمعة)، وفداً أميركياً رفيع المستوى من ولايات عدة، مكوّن من 50 شخصية من القطاعات الأكاديمية والسياسية والاقتصادية والثقافية ومؤسسات المجتمع المدني، إلى أن "الصفقة قد تعني موافقة طرف على بيع ممتلكاته نتيجة إفلاس - أي أنها تحمل في طياتها طرفاً رابحاً وآخر خاسراً - وهو اصطلاح يستخدم في عالم العقارات وألعاب الترفيه التلفزيونية، في حين تعني معاهدة السلام اتفاقاً بين طرفين أو اكثر، ينتج عنها معادلة ربح لجميع الأطراف، ويطلق على استسلام الأطراف التي تهزم في الحروب (صك)".
واعتبر أن "جميع قرارات الإدارة الأميركية بشأن القدس واللاجئين والاستيطان والحدود وضم لأراضٍ فلسطينية محتلة والجولان العربي السوري المحتل، وغيرها من القرارات تعتبر باطلة ولاغية، ومخالفة فاضحة للقانون الدولي والشرعية الدولية، ولن تخلق حقاً ولن تنشئ التزاماً".
هذا في وقت أعادت فيه السلطة الوطنية الفلسطينية أموال الضرائب التي حوّلها الاحتلال الإسرائيلي، احتجاجاً على خصم قيمة الأموال التي تدفعها كرواتب للأسرى وعائلات الشهداء، وهي المرة الثانية التي تُعيد فيها السلطة هذه الأموال المقرصنة.