كل المؤشرات توحي بأن منطقة الشرق الأوسط ستكون في المرحلة المقبلة على موعد مع أيام ساخنة، قبل إعلان الإدارة الأميركيّة عن بنود "صفقة القرن" التي تعدّ لها منذ أشهر بعد شهر رمضان، والتي تجمع مختلف الأوساط على أن ما ظهر منها حتى الآن لا يبشّر بالخير، من الإعلان عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وصولاً للاعتراف بسيادة تل أبيب على الجولان السوري المحتل.ّ
السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه، في الوقت الراهن، هو ماذا بعد؟ أو ماذا تخفي الولايات المتحدة من بنود تتعلّق بالصفقة التي تحضّر لها؟ ولبنان معني بشكل أساسي في هذا الأمر، خصوصاً أن هناك أراض لا تزال محتلّة، بالإضافة إلى ملفّ اللاجئين الفلسطينيين، الذي تؤكد مختلف المعطيات أنّ الصفقة لن تتضمّن عودتهم بأيّ شكل من الأشكال.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسيّة مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن كل ما يحصل على مستوى المنطقة يرتبط بشكل أو بآخر بما بات يعرف باسم "صفقة القرن"، حيث تريد الإدارة الأميركية تحضير الأرضيّة اللازمة للإعلان عنها، وتلفت إلى أن ذلك يتطلّب منها على ما يبدو "تسخين" مختلف الملفّات، خصوصاً بما يتعلق بالقوى التي من الممكن أن تقف بوجهها.
بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا الواقع يدفع بواشنطن، التي تتبنى في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجهة النظر الإسرائيليّة بشكل كامل، إلى التشدد أكثر في التعامل مع الجمهورية الإسلاميّة في إيران، بالتزامن مع السعي إلى إطالة أمد الأزمة السوريّة، من دون تجاهل العقوبات الاقتصاديّة على "حزب الله"، خصوصاً أنها تحظى بدعم من قبل العديد من القوى الفاعلة على مستوى المنطقة.
وعلى الرغم من أنّ المصادر نفسها لا تزال تستبعد خيار الذهاب إلى المواجهة العسكريّة في أيّ ساحة، حيث ترى أنّ الإدارة الأميركيّة تسعى إلى تحسين أوراق قوّتها قبل الذهاب إلى طاولة المفاوضات، وهو النهج الذي لا تتردد في الإعلان عنه صراحة، تشير إلى أن التشدد في هذا المجال قد يبدل من الصورة العامّة، لا سيما أن الجانب المقابل يبدو أنه انتقل إلى مرحلة الرهان على عدم التجديد لترامب في الانتخابات الأميركيّة المقبلة في العام 2020، أيّ أنّه يسعى إلى اعتماد إستراتيجيّة تمرير الوقت، على أمل فوز مرشح ينتمي إلى "الحزب الديمقراطي" يكون أكثر ليونة من الرئيس الحالي.
في ظلّ هذا الواقع، من الطبيعي السؤال عن موقع لبنان من كل ما يحصل، خصوصاً بعد الانتقال من مرحلة التهويل بالحرب الإسرائيليّة إلى مرحلة التهويل بالانهيار الاقتصادي والمالي، الأمر الذي أكّد غالبية المسؤولين فيه أنه لا يعبر عن حقيقة الواقع الفعلي، لا سيما لناحية الحديث عن إفلاس الدولة.
من وجهة نظر المصادر السياسيّة المطلعة، كل ما يحصل غير بريء على الإطلاق، حيث ترى أن هناك على ما يبدو من يريد القول في نهاية المطاف أن الخروج من الواقع الراهن يتطلب تقديم تنازلات سياسيّة، أيّ أنّ حصول لبنان على أيّ مساعدة سيكون مشروطاً، وتحذّر من أنّ هذا الأمر قد يعني تشديد الضغوط في المرحلة المقبلة، وتؤكّد أن من يعتقد أن لبنان سيكون بعيداً عن تداعيات "صفقة القرن" مخطئ، حيث سيكون في قلب الحدث لأنه معني بما يتم التحضير له.
في الختام، تحذّر المصادر نفسها من الانجرار وراء محاولة التهويل القائمة، لا سيما مع امتلاك لبنان للكثير من أوراق القوة على هذا الصعيد، وبالتالي من المفترض التعامل برويّة مع مختلف الملفّات، بعيداً عن لعبة المزايدات السياسيّة، لأنّ المطلوب تجاوز المرحلة المقبلة بأقل قدر ممكن من الخسائر، لأن ما يحصل على مستوى المنطقة ليس بالأمر السهل.