أكّدت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية السيدة كلودين عون روكز أن "كم من الجهد يجب أن نبذل بعد، في سبيل إزالة كلّ أشكال التمييز ضد المرأة في ثقافتنا وعقولنا ومجتمعاتنا، وكم سنةً يجب أن تمرّ من عمرنا بعد، ونحن نناضل لتنزيه قوانيننا اللبنانية من المواد المجحفة بحق النساء"، مشيرة إلى أن "المساواة التامة بين المرأة والرجل ستتحقق لا محالة، مهما كثرت العراقيل ومهما صعبت الظروف، والدليل على ذلك، يتجلى من خلال مراجعة لتاريخ الحركة النسائية في لبنان وتطورها، وللشخصيات التي كانت وراء نشأتها واستمرارها، هذه الشخصيات التي تسلّحت بقوة العزيمة وصلابة الإرادة، فواجهت المجتمع التقليدي الذي كان أكثر تصلباً في السنوات الماضية، وغيرت وجه مجتمعنا للأفضل من خلال إبداعها في المجالات الفكرية والعلمية والمهنية".
وأوضحت عون روكز، خلال حفل إطلاق معرض "النساء والسلطة والسياسة: الجداول الزمنية " الذي نظمته "مؤسسة هيفوس الدولية"، بالشراكة مع "مؤسسة دعم لبنان" و"وكالة يوريكا"، في إطار برنامج تمكين المرأة للقيادة، المنجز بتمويل من برنامج تمويل القيادات والفرص للنساء، التابع لوزارة الخارجية الهولندية، أن "المعرض يتيح لنا استعادة الأحداث التي مر بها بلدنا، والتي أثرت على تطور مجتمعه وعلى اقتصاده وعلى الحياة اليومية لمواطنيه. ولا بد لنا ونحن نستعرض الماضي، من التوقف عند المحطات المضيئة التي سجلت فيها رائداتنا الأوليات، الإنجاز تلوى الآخر وتخطين بتحقيقها الصعاب والحواجز التي بناها أمامهن مجتمع تراكمت فيه ترسبات الجهل والعقم الفكري. فمن النضال من أجل تعليم الفتاة وتشييد أول مدارس البنات، انطلقت النهضة في بلدنا وعمت بلاد الجوار التي وجدت فيها محيطاً ثقافياً وسياسياً واقتصادياً أكثر تطوراً.
ومع أوائل الأديبات والصحافيات ترسخت كرامة المرأة المثقفة وبعدها ظهرت النساء العالمات والطبيبات والمهندسات".
ولفتت إلى أن "كوكبة من الرجال المتنورين الراغبين في تحقيق تقدم مجتمعهم، والعارفين بأن أي تقدم لن ينجز في المجتمع من غير مساهمة النساء الفعالة في إنمائه، قد ساندت رائداتنا الأوليات في كفاحهن. ومع استعادة ذكرى كبيراتنا من الرائدات الأوائل لا بد لنا من أن نحيي أيضاً ذكرى هؤلاء الرجال الداعمين لهن"، مشيرة إلى أن "مثل الرائدات الأوليات، نواجه اليوم، الواقع والصعوبات التي تراكمت أمامنا، والتي تعيق مشاركة حقيقية للنساء في توجيه مسار مجتمعنا وبلدنا. ومثلهن نجاهد لتنزيه القوانين والتشريعات من الأحكام المجحفة بحقوق النساء والتي لم تعد تتناسب وحياتنا المعاصرة. فمن متطلبات الحفاظ على النظام العام، استحداث تشريعات تتناسب من جهة مع تطور المجتمع، وتوجه هذا التطور نحو مزيد من العدالة والرُقي من جهة أخرى. بذلك تتأمن حماية المواطنات والمواطنين وبذلك أيضاً تحمي المجتمعات أنفسها من آفات التصدع وشلل المؤسسات وجنوح الفئات الشابة إلى مسالك غير قانونية وأحياناً إجرامية".
وكشفت "أننا اليوم مدركون بالأخطار التي تحيط بنا، وثقتنا كبيرة بقدرة مجتمعنا على تخطيها وآمالنا هي في قدرة وشجاعة وإقدام شاباتنا وشبابنا على تحقيق تطلعاتهم في بناء بيئة اجتماعية سليمة تعتمد مبادئ التمسك بقيم العدالة والمساواة بين المواطنات والمواطنين"، معتبرة أن "من شأن هذا المعرض، الذي يضع قضية المرأة ومشاركتها في تكوين وجه لبنان في سياق التطور التاريخي لبلدنا، أن يشدد الإرادة والعزم لدى اجيالنا الصاعدة في تحقيق الأهداف التي يتطلع إليها جيلنا الحالي، في إحقاق المساواة المنشودة بين الإناث والذكور وفي مشاركة فاعلة للنساء في القيادة وصناعة القرار".
وشدّدت على أن "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية تعمل حالياً على أصعدة عدة، بهدف تحقيق تقدم في هذا المجال، والسياسات التي تعتمدها، تتناول مروحة واسعة من المبادرات التي تشمل السعي إلى استحداث قوانين مشجعة للمشاركة السياسية للمرأة، منها المطالبة بكوتا نسائية وازنة في قانون الانتخابات النيابية والبلدية، والسعي إلى تعيين عدد أكبر من النساء في الوظائف الرفيعة في الإدارة والقضاء والأمن وفي السلكين الديبلوماسي والعسكري. كما تجهد الهيئة كي يشكل الرأي العام، خاصة لدى الشباب، عاملاً ضاغطاً لدى القيادات التربوية والثقافية والسياسية والاقتصادية، لحملها على تبني سياسات تلتزم مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص المتاحة للنساء وللرجال"، مؤكدة أن " الهيئة تبني سياساتها في هذا المجال على قناعاتها الراسخة بضرورة مشاركة جميع فئات المجتمع في اعتماد الخيارات وبضرورة مشاركة النساء الفاعلة في إدارة شؤون البلد".
وتجدر الإشارة إلى أن المعرض سوف يمتد إلى يومي 10 و 11 أيار الجاري من الساعة 2 بعد الظهر ولغاية الساعة 8 مساء.