لفتت صحيفة "الخليج" الإماراتية في إفتتاحيتها الى أن "العالم يحتفل هذه الأيام بالذكرى لـ 74 للانتصار على النازية والفاشية، فإن هذا الانتصار تمثل بمعناه المادي في الهزيمة العسكرية لكل من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، إلا أن العالم لا يزال يعاني الأفكار النازية والفاشية التي لم تهزم، مثلها مثل أي فكر عنصري يميني متطرف ينظر إلى العالم من منطلق التفوق العرقي أو القومي، أو يعادي الآخر المختلف ديناً ولوناً وثقافة"، مشيرة الى أن "العالم نجح في اجتثاث النازية كقوة عسكرية كانت تهدد العالم، إلا أنه فشل في هزيمتها فكرياً، وهي لا زالت تمثل تهديداً جدياً؛ لأنها بدلت الأسماء والعناوين فقط من خلال دول وأحزاب ومنظمات تؤمن بالفكر الفاشي العنصري وتمارسه، وقد وجدت خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد أحداث 11 أيلول 2001، وبعد انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2016، أسباباً للصعود والتوسع، ومادة لنشر أفكارها ومفاهيمها، كانت خميرتها السياسات العدائية التي أطلقها ترامب ضد العديد من الشعوب والدول، والقائمة على التمييز والكراهية للآخر، والهجرة التي عصفت بالعالم خلال الأعوام القليلة الماضية بسبب ما سمي بـ"الربيع العربي"، وما أدى إليه من حروب وإرهاب في العديد من الدول العربية والإفريقية، واضطرار الملايين للهجرة طلباً للأمن".
واضافت: "بما أن أوروبا كانت مقصد معظم اللاجئين، فإن الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تعتنق الفكر الفاشي العنصري استثمرت هذا العامل لتجييش مواطنيها، وتخويفهم من الآخر اللاجئ الذي يهددهم وجودياً ودينياً وثقافياً، وأطلقت دعوات لرفضهم وسد الطرق في وجوههم؛ بل أقامت بعض الدول الجدران للحؤول دون وصولهم"، مشيرة الى أنه "في مثل هذه البيئة العنصرية، وتزايد زخم "الإسلاموفوبيا" شهدت العديد من الدول الأوروبية تصاعداً ملحوظاً للأحزاب الفاشية التي تمكن بعضها من الوصول إلى السلطة، فيما تعاظم دور أحزاب يمينية أخرى في الحياة السياسية الأوروبية، امتداداً إلى الولايات المتحدة وأيركا الجنوبية".
وأضافت: "لعل إسرائيل تمثل نموذجاً فاقعاً للدولة العنصرية النموذجية التي استفادت أيضاً من هذا المد الفاشي الذي اجتاح العالم"، مشيرة الى أنه "مع صعوده وسيطرته على مفاصل السياسة الأميركية تحديداً، وجدت إسرائيل فرصتها، وأطلق قادة الاحتلال العنان لترجمة معتقداتهم الدينية العنصرية المتماثلة مع الأفكار الفاشية القائمة على التمييز العرقي الذي يعلو على بقية البشر من منطلق أكذوبة "شعب الله المختار" و"الوعد الإلهي"، وذلك من خلال السعي بكل الوسائل المتاحة لإلغاء الشعب الفلسطيني وإنكار وجوده وتصفية حقوقه المشروعة، عبر مصادرة أرضه وتهويدها ومحاصرته، وارتكاب المجازر بحقه، وتجويعه ورفض كل القرارات الدولية التي تقر بحقوقه"، مشددة على أننا "أمام مرحلة جديدة من الفاشية بأسماء جديدة ودول جديدة تبث الكراهية والحقد، وتمجد القوة والعنف وتدق طبول الحرب، وتفرض قوانينها على العالم، وتتنكر لحقوق الإنسان، والأمم المتحدة وقراراتها، ولا تعترف بالاتفاقيات الدولية، أو الشراكة مع الآخرين".