الروح تحتاج الى تأهيل وترويض الى شحن وإعداد فإنه يمر عليها ما يمر على كل حالة في هذه الحياة، وإلا صدأت وقست وابتعدت عن المشروع الذي وجدت لأجله.
شهر رمضان من أهم المحطات التي أرادها الله لعباده أن يعودوا بأرواحهم الى حيث يجب أن تكون، أن تحمل الصفاء والمحبة والصدق والصداقة مع الأنسان الآخر وأن تعلم أن التصادم والأختلاف لا يولد فكرا ولا يطور عقلا ولا يقدم خطوة في هذه المسيرة الإنسانية الطويلة، التي لايمكن أن يستغني فيها إنسان عن آخر، فضلا أن نرى أن وجودنا لا يقوم الا على إلغاء الآخر.
شهر رمضان المبارك يريد لنا جميعا مؤمنين ومسلمين أن نغتنم الفرصة في إعادة بناء نفوسنا القائمة على مبدأ كلّنا عيال الله وأحبنا الى الله أرحمنا بعياله، ونحن اليوم نحتاج الى هذه الرحمة التي تهدّمت قواعدها بعد الذي مرّت به منطقتنا وما خلفته موجة هوجاء لم تبق حجرا على حجر، فضلا عن نفوس سرعان ما انجرفت مع الأمواج الهائجة المتلاطمة التي لم ترحم أحداً ولم تستثن فئةً.
شهر رمضان هو الفرصة التي علينا أن نغتنمها ونخلق منها واحةً خضراء تلتقي عندنا هذه النفوس المكسورة، علّنا نقدر على جبرها وإعادة الثقة لها، وأن نكون أقوى من أؤلئك الذين مازالوا ينفخون بسمومهم ويرمون بآثامهم في كل الإتّجاهات يريدون إبقاء تفسّخ المجتمع وتشتّت الكلمة.
يا من نلتقي على التقرّب الى الله في هذا الشهر الكريم، علينا أن نسعى بكل جدّ أن يكون هذا الشهر كما أراده الله تعالى شهر خير ومحبّة وتسامح وتجاوز عن كل ما جنيناه خلال السنة الماضية من حياتنا، وأن نسعى لجمع القلوب ورفع الأحقاد وإزالة الضغائن فإن ذلك من أعظم التقرب الى الله وعن الله سبحانه وتعالى.