أدان القضاء الأوسترالي خالد الخياط بجرم التخطيط لتفجير طائرة إماراتية فوق مدينة سيدني الأوسترالية، لكنّه برأ شقيقه الأصغر عامر الذي اعترف أمام محققي فرع المعلومات بأنّه الانتحاري المفترض، وكان يحمل في حقيبته عبوتين ناسفتين وغازاً ساماً لقتل عشرات الركاب. وبين لبنان وأوستراليا، خرج مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، طالباً تمييز قرار رئيس المحكمة العسكرية إخلاء سبيل الانتحاري المتهم، بناءً على طلب وزير الدفاع!
في واحدة من حالات نادرة، قرر مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، «الطعن» ــــ بناءً على طلب وزير الدفاع الياس بوصعب ــــ بقرار أصدرته المحكمة العسكرية الدائمة. «الندرة» تكمن في أن يكون تمييز قرار المحكمة قد تم بناءً على طلب وزير الدفاع. فهذه الصلاحية التي يمنحها قانون القضاء العسكري للوزير، قليلاً ما تُستخدم. وهذه المرة، تقرر تمييز قرار المحكمة بإخلاء سبيل الموقوف عامر الخيّاط، الذي يلاحقه القضاء اللبناني بتهمة محاولة تفجير طائرة إماراتية فوق مدينة سيدني الأوسترالية، علماً بأنّ القضاء الأوسترالي برّأه ولم يُسطّر بحقّه مذكرة توقيف حتى، لاقتناع تكون لديه بأنّ إخوته دسّوا قنبلتين في حقيبة سفره من دون علمه لتفجير الطائرة أثناء إقلاعها فوق سيدني لضرب «ثلاثة عصافير بحجرٍ واحد»: «غسل عار» شقيقهم المثلي، «قتل الكفَرة» الذين سيكونون على متن الطائرة الإماراتية، وتحقيق «نصر نوعي» لمصلحة تنظيم الدولة الإسلامية المحاصر. غير أن طلب جرمانوس تمييز قرار المحكمة إخلاء السبيل، بناءً على طلب وزير الدفاع، وضعته مصادر قضائية في خانة تأكيده أنه يتبع لوزارة الدفاع، لا للقضاء العدلي، لتأكيد ما تقدم به من دفوع أمام هيئة التفتيش القضائي التي طلبت الاستماع إليه في أحد الملفات القضائية التي ورد اسمه فيها على خلفية التحقيقات الجارية في فضيحة الفساد القضائي التي طاولت عددا من القضاة والموظفين القضائيين والضباط ورجال والأمن. ورفض جرمانوس الخضوع لسلطة التفتيش القضائي، لافتاً إلى وجود «استشارة» من وزير الدفاع السابق يعقوب الصراف، تفيد بأن القضاة العسكريين غير مشمولين بسلطة التفتيش القضائي. إلا أن مصادر عسكرية أكدت لـ«الأخبار» أنها ليست المرة الأولى التي يطلب فيها وزير الدفاع من مفوض الحكومة استئناف قرار أو تمييز إخلاء سبيل، علماً بأن محكمة التمييز العسكرية لم تتأخر لفسخ قرار تخلية الموقوف عامر الخياط، وقررت إبقاءه موقوفاً، وأعادت الملف إلى المحكمة العسكرية الدائمة، برئاسة العميد حسين عبد الله، لمتابعة محاكمته. وتجدر الإشارة إلى أن وزير الدفاع استند إلى المادة 79 من قانون القضاء العسكري التي تُجيز له تمييز الأحكام والقرارات الصادرة عن المحكمة العسكرية وعن قضاة التحقيق العسكريين.
ربطت مصادر قضائية بين قرار جرمانوس ورفضه الخضوع لسلطة التفتيش
وبالعودة الى ملف المحاكمة، بدا لافتاً قرار محكمة التمييز رفض إخلاء سبيل عامر الخياط، رغم أن حكم المحكمة الأوسترالية أدان فقط الشقيق الأكبر خالد الخياط (51 عاماً) بجرم محاولة تهريب قنبلتين وغاز سام على متن طائرة الاتحاد الإماراتية، والذي حال الوزن الزائد لحمولة الحقيبة دون إتمامه المهمة، ما دفع خالد إلى إعادة استخراج القنبلتين لتعثر الشرطة الأوسترالية عليهما بعد أسبوعين. وتبيّن أنه تلقى القنبلتين عبر البريد من تركيا! وذكر خالد أثناء محاكمته في أوستراليا أنه لُقِّن كيفية تحضير العبوة الناسفة عبر تعليمات أرسلت إليه عبر تطبيق «تيليغرام». وأفاد خالد رئيس المحكمة الأوسترالية بأنّه طُلِب إليه اختبار الغاز السامّ على أرنب أو فأر في غرفته. وذكر الموقوف أن مشغّله من قبل تنظيم الدولة الإسلامية كان يطلب إليه تصوير كل خطوة وإرسالها عبر محادثة مشفرة على تطبيق التيليغرام، علماً بأنه أبلغ القاضي أنه رضخ لطلبات مشغله خوفاً من أن يقوم شخص آخر بتنفيذ المهمة. وذكر أن رؤيته للأطفال داخل المطار دفعه إلى تغيير رأيه، لكن المحكمة لم تأخذ بأقوال خالد، على اعتبار أن كاميرات المراقبة وإفادة موظفة التفتيش تؤكد أن الوزن الزائد دفع بخالد الى سحب القنبلتين (المخبّأتين داخل ماكينة لفرم اللحوم ولعبة باربي) من حقيبة شقيقه عامر. أما بشأن عامر الخياط الذي اعترف أمام محققي فرع المعلومات بأنه علِم بشأن القنبلة قبل أيام من قدومه، قبل أن يتراجع أمام قاضي التحقيق ورئيس المحكمة العسكرية في لبنان، فقد تسلّم رئيس المحكمة العسكرية من المدعي العام الأوسترالي رسالتين، تضمنت إحداهما إجابة عن سؤاله بشأن معلومات عن ملف التحقيق. وقد برز لافتاً في رسالة المدعي العام الأوسترالي كريستيان بورتر إشارته الى أن التحقيق الذي أجرته الشرطة الأوسترالية لم يُفضِ إلى إلغاء جواز سفر عامر الخياط ولا إلى إصدار مذكرة توقيف قضائية بحقه.