لفت مسؤول عسكري متقاعد، في حديث إلى صحيفة "الشرق الأوسط" إلى أنّ "هيكليّة التهريب قائمة منذ الحرب اللبنانية في سبعينيّات وثمانينيّات القرن الماضي وخلال فترة الوصاية السورية"، مبيّنًا أنّه "يمرّ عبر المصنع بترتيب قوامه غضّ نظر ورشوة لبعض ضباط المخابرات المحسوبين على النظام السوري، الّذي لم يكن يرغب في التوجّه إلى النظام الحر".
وأوضح أنّ "دفع الرشاوى يكون بالليرة السورية، مع الإشارة إلى أنّ خروج البضائع من لبنان شرعي وفق القانون الّذي لم يكن يلزم حتّى من ينقل الأموال بالتصريح عنها، وقد تمّ تعديل هذا القانون الّذي يلزم بالتصريح عن الأموال المنقولة، لكنّ آليّة مراقبة التنفيذ غير موجودة". وركّز على أنّ "بالتالي، مرور البضائع من لبنان إلى سوريا ليس مخالفًا للقانون، إلّا بمقدار ما يضرّ بالاقتصاد، إن لجهة رواج تهريب المواد النفطية بشكل يؤدّي إلى نقص في الأسواق اللبنانية، أو لجهة بعض السلع الأساسيّة الّتي تفتقر إليها سوريا في المرحلة الحاليّة بسبب الحرب؛ ممّا يؤدّي إلى ارتفاع أسعارها لتزايد الطلب عليها".
وشدّد المسؤول على أنّ "الخطر يكمن في ما يتمّ تهريبه من سوريا إلى لبنان، من مواد غذائيّة تغرق الأسواق اللبنانيّة وتتسبّب بكساد الإنتاج المحلي. ومع تدنّي سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الصعبة، لا سيما الدولار الأميركي، تتعزّز ظاهرة التهريب من سوريا إلى لبنان، من أجل الحصول على العملات الصعبة".
وبيّن أنّ "معادلة التهريب والدولار في البقاع، أدّت إلى رواج الخطف المنظّم لتجّار سوريين يهرّبون سلعهم، ويحضرون إلى لبنان عن طريق المصنع، ليتقاضوا ثمن ما يبيعونه بالعملة الصعبة. وغالبًا ما تتمّ عمليّة الخطف والسرقة في منطقة جديتا القريبة من المصنع، وذلك برصد التجار بعد قبض دولاراتهم؛ ممّا يعني أن شبكتي الخطف والتهريب تتعاونان عبر الحدود".
وعن اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الشهر الماضي، وقراره تشديد إجراءات المكافحة، سواء لجهة إغلاق المعابر غير الشرعية، أو لضبط عمليات التهريب الّتي تتمّ عبر المراكز الجمركية، أشار المسؤول السابق إلى أنّ "الجهود الأمنية لإقفال المعابر غير الشرعية يقتصر على الصورة الإعلامية أحيانًا".
وفسّر أنّه "لا يمكن التحكّم بهذه المعابر في منطقة القصر في الهرمل، الّتي تحدّ منطقة القصير السورية، فالمعابر غير الشرعية قريبة من وجود القوى الأمنية، وعندما تبادر القوى الأمنية إلى وضع ساتر ترابي تسدّ به المعبر وتصوّره الكاميرات، تأتي جرافة لتزيل التراب وتعيد فتح المعبر، عندما تغيب الكاميرات"، منوّهًا إلى أنّ "الأهالي يتحدّثون عن مقتل عناصر من "حزب الله" في تلك المنطقة لدى حصول إشكالات مع المهرّبين".