أعرب رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، عن استغرابه "إصرار بعض القضاة على الإعتكاف قبل إقرار الموازنة، وقبل التأكّد من صحة الوعود الّتي أكّدها له مرارًا الرؤساء الثلاثة"، كاشفًا أنّ "لقاءً جمعه مع وزير المالية علي حسن الخليل، في الإفطار الّذي دعا اليه رئيس الحكومة سعد الحريري مساء الجمعة الماضي، أي بعد دعوته القضاة صباح الجمعة للجلسة العمومية. وأكّد له خليل عدم نيّة الحكومة المساس بحقوق القضاة، وإدراج مطالبهم في مشروع الموازنة".
كما كشف في حديث صحافي، عن محضر الجلسة الّتي "وضع فيها القضاة أمام ضميرهم المهني والإنساني، لاسيما بعد الضمانات والتأكيدات الّتي حصل عليها والّتي أصبحت حقيقة مُدرجة في البيان الوزاري". وطالب القضاة بـ"العودة إلى ضمائرهم المهنيّة والإنسانيّة والوطنيّة وبمتابعة عملهم بانتظار الموازنة والعودة عن الإعتكاف، لأنّهم يحمّلون المواطن الثمن كما يحمّلونه أعباءً غير مسؤول عنها".
وتسائل فهد: "لماذا الإعتكاف قبل صدور الموازنة؟ ولماذا الإفتراض ومحاسبة الحكومة من الآن وهي لم تتّخذ أيّ قرار بعد؟ وما ذنب المواطنين الذين ينتظرون متابعة قضاياهم؟". وذكّر بقانون العمل "الّذي يقضي بوجوب الرجوع إلى الحوار قبل اللجوء الى الإضراب مباشرة"، شاجبًا "القرار المتسرّع لبعض القضاة"، ومتسائلًا: "على أي أساس؟".
ولفت إلى أنّ "الموازنة ما زالت مشروعاً، أي هي حتّى الساعة بمثابة "مشروع موازنة" سيتمّ إرساله لاحقًا إلى لجنة المال والموازنة، وسيستغرق بحثه ثلاثة أو أربعة أسابيع"، مطالبًا القضاة "الإنتظار إلى حينها لتتضح أرقام الموازتة، وللتأكّد من إدراج مطالبهم ضمنها، فيبنى على الشيء مقتضاه، فيعتكفون عندئذٍ ويُضربون اذا لم يتم إنصافهم".
إلى ذلك، نبّه القضاة إلى "دورهم وإلى المسؤوليّة الكبيرة الملقاة على عاتقهم، وهي مسؤوليّة وطن، وإلى دقّة مهمّة القاضي، فهو ليس بموظف عام عادي، بل هو شخص دقيق المسؤوليّة، فيما الشقّ الأهمّ في مهمّته بأنّها رسالة، أي أنه يحمل رسالة إحقاق الحق في القضاء". ووجّه سؤالًا مباشرًا إلى القضاة المعتكفين: "من هم المواطنون الّذين يلجأون إلى القضاء غير الّذين اغتُصبت وانتُهكت حقوقهم وأُكِلَت... وهل يخذلهم القضاء أيضًا ويطلب منهم الإنتظار للبتّ في قضاياهم حتّى إشعار آخر؟".