لفت مطران كندا للموارنة بول مروان تابت، خلال ترؤسه قداس مرافقة لراحة نفس البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، في كاتدرائية مار مارون في مونتريال- كندا، إلى "أنّني لا أعلم إذا كان لقاؤنا اليوم لقاء فرح أو حزن، لكن ما أعرفه أنّه لقاء حول القربان نصلّي خلاله ونستذكر شخصًا من بيننا يشبهنا، نرى فيه أو في حياته وكلامه ومواقفه ونضاله قطعة منّا، جزءًا من قناعاتنا، صورة عن لبنانكم ولبناني، فاستحقّ لقب بطاركة أنطاكية: "مجد لبنان أعطي له".
ونوّه إلى أنّ "البطريرك صفير، قرن زمن عمره، شذى فيه يمنا قداسة سيرة كرائحة الورد والعطور والياسمين، ويسرا مواقف ونضال وإنجازات كعرس قانا وصليب الجلجلة والعنصرة. إنّه الدائم الكبير، "السادس والسبعون" إبن التسعة والتسعين سنة"، مركّزًا على أنّه "كاهن احترامه جزيل، وأسقف صاحب سيادة، وبطريرك كاردينال صاحب غبطة، استحقّ "مجد لبنان" الّذي أعطي له". وشدّد على أنّ "البطريرك صفير لم يتغيّر أو يتبدّل، لم يساوم أو يهادن، لم يراوغ ويتلون... كان موقفه واحدًا في أمسه ويومه".
وأوضح المطران تابت أنّ "الحياة علّمتني أن أترك للزمن زمنًا وللمكان مكانًا، فالزمن لم يكن صديقه أو حليفه، ولا المكان كان أفضل... حرب ودمار حينًا، إحتلال وأمر واقع حينًا آخر، ومساومات ومشاريع حلول مدفوع ثمنها بإخراج إقليمي أو دولي، وهو لم يطو ولم ينطو. أبقى في الشأن العام على الدور الوطني، وترك السياسة لأهلها، لا مساومة على المبدئيّات، ولا مفاضلة في التقنيّات، فاحتكم إليه كلّ قاص ودان، ولم يتخطّاه من توافق معه على الموقف، كما فرض احترامه على من خالفه الرأي أو عاداه".
وذكر أنّ "داخل البيت الكنسي، مجمع ماروني جديد منذ عام 1736، وإنجازات على صعيد الليتورجيا والتنظيم الاداري والمؤسسات الكنسية الجديدة، والمحاكم والعمل الإجتماعي ووسائل الإعلام وغيرها. وعلى دروب الإنتشار ومحطات الإغتراب أبرشيات جديدة وزيارات حيث يدعو الواجب والضرورة. مرّ على القارات الخمس أكثر من مرة، لكن الأساس بقي حيث يجب أن يبقى: لبنان".
وبيّن أنّ "البطريرك صفير تعلّم في مدارس أربعة: مدرسة العائلة الّتي فيها نمى في النعمة والقامة وتعلّم الصلاة والتأمّل والقيم ولغة القلب، مدرسة الضيعة الّتي فيها انصبّ على المعرفة وأتقن اللغة العربية ولغة المنطق الصحيح والعقل، مدرسة الكهنوت الّتي فيها عمل على نحت شخصه وشخصيّته وانسحاق قلبه وعيش الفضائل الإلهية والإنسانية والتحضير للخدمة الرعوية والبشارة بالإنجيل وتعلم الأصول. ومدرسة الحياة الّتي فيها تدرّج على العمل في الظلّ والصمت، وإتقان واجب الساعة الحاضرة، والإقدام دونه الخوف، والكلام البليغ عندما تدعو الحاجة".
وأفاد تابت بأنّ "البطريرك صفير قرأ سير أسلافه وظروف حياتهم وخدمتهم ومعاناتهم، ووضع لنفسه منظومة قيم عمل بوحيها، وخطة طريق مشى عليها، كي لا يضلل من جهة ولا يتعثر من جهة أخرى. أبعد عنه أصحاب النفوس الصغيرة، كنسيّين ومدنيّين، وصادق كتاب الصلاة والقداس اليومي والتأمل والكتابة، والأحب إليه دفتر "مجارياته" وفيه كتابة ملخص كل يوم عما كان "يجري معه أو من حوله".