أكّد مجلس الإنماء والإعمار أن أية بدائل من مشروع سدّ بسري لا تؤمّن القدر الكافي من المياه اللازمة لتلبية الحاجات المتزايدة لبيروت وجبل لبنان وهي ذات تكلفة أكبر اساساً، مكرّراً أن لا صحة لمقولة إن بحيرة السدّ تتسبب بمخاطر زلزالية، نظراً إلى أن لا فالق زلزالياً متحركاً تحتها مباشرة، وإلى أن ارتفاع منسوب المياه فيها لا يكفي أصلاً لتحريك أي فالق زلزالي.
وردّ المجلس في بيان على بعض النقاط التي أثيرت خلال التحرّكات والتصريحات الأخيرة لعدد من الناشطين.، نافيا أن تكون تكلفة مشروع سد بسري نفسه أكثر من مليار دولار، مذكّراً بأن "تكلفة إنشاء السدّ نفسه لا تتعدى 200 مليون دولار. أما التكلفة الإجمالية لمشروع تزويد بيروت وجبل لبنان بالمياه، بكل مكوناته بما فيها الاستملاكات، فهي 617 مليون دولار".
أما عن القول إن تكلفة البدائل نحو 250 مليون دولار فقط، فأكد المجلس إن "هذه الأرقام غير صحيحة على الإطلاق، فضلاً عن أن البدائل لا توفّر الكميات الكافية من المياه". وأشار في هذا الإطار إلى أن "سدّ بسري يؤمّن حجم تخزين عالياً (125 مليون متر مكعّب سنوياً) يلبي احتياجات ومتطلبات منطقة بيروت الكبرى، في حين أن حجم مصادر المياه الجوفية متدنٍ جداً بالمقارنة مع حجم مخزون السدّ، وبالتالي لا يمكن تأمين هذه الكمية من المياه الجوفية (الآبار). كما إن تأمين الكمية نفسها التي يوفرها سد بسري يحتاج إلى أكثر من 200 بئر، ويرتّب بالتالي كلفة تشغيلية مرتفعة جداً، تبلغ ما بين 40 و50 مليون دولار في السنة الواحدة، نظراً الى الحاجة لضخ المياه من الآبار، فضلاً عن كلفة انشائها وتجهيزها في الاساس، في حين أن تكلفة تشغيل السد بسيطة نسبياً لأنه يعتمد على الجاذبيّة لا على ضخ للمياه من تحت الأرض، مع العلم ان مخزون المياه الجوفية يبقى في مطلق الاحوال محزوناً استراتيجيا يمكن ان يكون مكملاً عند الحاجة، مع الاخذ بعين الاعتبار عدم الافراط في استعماله كما هي الحال".
أما بالنسبة إلى خيار تحلية مياه البحر المقترح من قبل الناشطين، فأوضح المجلس أن "تكلفته تزيد عن 60 مليون دولار سنويا، فضلاً عن أن حلّ تحلية مياه البحر ليس منطقياً بوجود مياه سطحية حلوة في لبنان ".
وفي ما يتعلق بسدّ الدامور الذي يطرحه البعض كبديل ايضاً، فحجم التخزين فيه لا يتجاوز 42 مليون متر مكعب (أي نحو ثلث قدرة سد بسري) وبالتالي فإنّ حجم تخزين المياه في سد الدامور لا يكفي لتزويد منطقة بيروت الكبرى باحتياجاتها من مياه الشرب حتى على المدى القصير، في حين أنّ حجم التخزين في سد بسري يكفي لتزويد هذه المنطقة، المقدّر عدد سكّانها في العام 2035 بحوالى 1.9 مليون نسمة، بكمّية تبلغ 500 ألف م3 يومياً خلال فترة الجفاف".
وقد أوضح المجلس "ان الطروحات الأخرى التي تعمل عليها مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، والمتمثلة من جهة بضبط الهدر في شبكات التوزيع في منطقة بيروت الكبرى ومن جهة أخرى بتحسين التغذية من نبع جعيتا (عبر محطة التكرير في الضبية)، تساهم ايضاً في زيادة التغذية بالمياه لكن بشكل محدود نسبياً وليس كافياً لان المنطقة تبقى بحاجة الى مصادر أساسية من المياه الوافرة لتلبية الحاجات الكبيرة، خصوصاً خلال فصل الصيف".
وذكّر المجلس بأن "اعتماد خيار سدّ بسري جاء استناداً على دراسة مقارنة للبدائل الممكنة لزيادة تغذية المياه لبيروت الكبرى، بما فيها كل الخيارات المشار اليها اعلاه، خلصت إلى التأكيد على اعتماد خيار مشروع سدّ بسري كأولوية ضرورية لتزويد منطقة بيروت الكبرى بكميات إضافية من المياه على المدى المتوسط، نظراً إلى أن هذا الهدف لا يمكن أن يتحقق بغيره من الخيارات ".
من جهة أخرى، أكد مجلس الإنماء والإعمار أن الشروط الفنية الموضوعة من قبل اللجنة الدولية للسدود الكبيرة بالنسبة إلى إمكان تسبب السدود بمخاطر زلزالية (النشرة الدورية الرقم 137 /2009)، وهي أن يزيد ارتفاع منسوب المياه فيه عن مئة متر وبالحد الأدنى يزيد المخزون عن المليار متر مكعب، وأن يكون الفالق الزلزالي المتحرك والمشبع موجوداً في قلب الموقع، هي شروط لا تنطبق على موقع سد بسري. فالارتفاع الأقصى لمنسوب المياه في بحيرة سدّ بسري يقل عن 70 متراً، وبالتالي فإن الضغط الذي يتأتى منه يبقى متواضعاً جداً. أما بالنسبة إلى الفالق الزلزالي، فإن الدراسات الحديثة أظهرت عدم وجود فالق متحرّك مباشرة في موقع السد أو البحيرة، إذ أنّ فالق روم يمر بالقرب من موقع السدّ، على بعد نحو كيلومترين اثنين منه، وليس تحته مباشرة أو على طول البحيرة، وان وجود أي كسر جيولوجي صغير في الموقع او محيطه هو امر طبيعي لا يعني انه فالق زلزالي نشط قابل للحراك وذو تأثير على الفوالق الاخرى.
وأوضح مجلس الإنماء والإعمار أن الخبير التركي الدكتور مصطفى إرديك لا يعمل للبنك الدولي، كما ردّد بعض الناشطين متهمين اياه بالتضارب في مهامه بين مجلس الانماء والاعمار وبين البنك الدولي، بل هو عضو في اللجنة المستقلة المكلفة مراجعة الدراسات التي تضعها المكاتب الفنية والاستشارية عن السد وابداء الملاحظات بشأنها في حال وجودها. وهذه اللجنة شكّلت عملاً بالأصول المتبعة عالمياً في مشاريع السدود الكبيرة وقد نالت موافقة البنك الدولي، أما تمويل عقود خبرائها فيعود إدارياً إلى مجلس الإنماء والإعمار، وهي تضم خبراء ذوي خبرة فنية عالية، وأعضاؤها مستقلون عن البنك الدولي وعن مجلس الإنماء والإعمار، ولا سلطة لأي من الجهتين على آراء هؤلاء الخبراء. وقد ذكر المجلس بان الدكتور ارديك، وهو خبير عالمي في علم الزلازل، هو عضو في اللجنة الدولية للسدود الكبيرة وفي عدة هيئات محلية وعالمية في هذا المجال، كما يشغل منصب مدير معهد بحوث الزلازل في تركيا حالياً وأستاذ جامعي في هذا الاختصاص، وهو حائز على جائزة ساساكاوا للوقاية من الكوارث في الأمم المتحدة، وفائز بجائزة القمة للعلوم من أجل السلام في منظمة حلف شمال الأطلسي، وحاصل على ميدالية بروس بولت من اتحادات معاهد أبحاث هندسة الزلازل، وان في رصيده خبرة كبيرة في دراسـات الزلازل لمشاريع عدة منها السدود الكبيرة عالمياً.
وبالنسبة إلى ما أثاره بعض الناشطين عن عدم الأخذ بالتوصيات الصادرة عن الندوة التي أقيمت في مجلس النواب، وما ذكروه عن حذف بعض هذه التوصيات، ذكّر المجلس بأن التوصيات صادرة عن لجنة الأشغال العامة النيابية، وأي حذف أو إضافة إليها يعود إلى اللجنة نفسها، ولا علاقة لمجلس الإنماء والإعمار به. وأشار إلى أن ثمة آلية وأصولاً إدارية واضحة لإبلاغ المجلس بالتوصيات، تتمثل في إحالتها من مجلس النواب الى مجلس الوزراء، ومنه تحال على مجلس الإنماء والإعمار لنشر الدراسات وتنفيذ المطلوب في التوصيات، وهو ما لم يحصل بعد وفق الآلية الإدارية المتبعة، رغم نشر التوصيات في الإعلام. وأكد المجلس أنه جاهز لنشر الدراسات والعمل بالتوصيات ما إن يتسلمها وفق الأصول الإدارية المتبعة.
وطمأن مجلس الإنماء والإعمار إلى أن السدّ لن يكون "خزاناً للحشرات" كما وصفه البعض، ولا "مصدراً لنشر التلوث والأوبئة". وأشار في هذا الإطار إلى أن منظومة للصرف الصحي ستقام في محيط السد كله لكي تصل المياه الى البحيرة نظيفة، كما إن مخططاً توجيهياً وضع لحماية البحيرة من التلوث، وستوضع خطة بيئية تنموية تحوّل محيط السدّ إلى متنزه ومنطقة سياحية- ترفيهية جاذبة.
وعن القول إن التبخّر المتأتي من البحيرة سيؤدي إلى جعل مناخ المنطقة رطباً وسيؤدي إلى تغيير الطبيعة والمحيط الحيوي فيها، أوضح المجلس أن الوادي في حذ ذاته يشكل مكاناً لوجود الرطوبة، وأن إضافة بحيرة على النهر الموجود أصلاً في المرج لا يزيد الرطوبة بمستوى يؤثر على المناخ ولا على المزروعات والغابات المحيطة في المنطقة.