تستعد كازاخستان في عامها الثامن والعشرين من نيلها للاستقلال لإجراء انتخابات غير عادية، وذلك بعد ان تخلى الرئيس الاول لكازاخستان المستقلة في شهر اذار من هذا العام نور سلطان نزارباييف طواعية عن منصبه، وقد ترك نزارباييف خلفه ارثاً جيداً بعد حكم دام نحو 30 عامًا.
وتتميز كازاخستان بارث من السلام والوئام في بلد يعيش فيه أكثر من 100 مجموعة عرقية. وهذا ليس مفاجئًا فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وعندما اندلعت نزاعات مسلحة بين الأعراق في العديد من دول الاتحاد السوفياتي السابق، نجحت كازاخستان في تجنب هذا المصير. ولقد تعلمت كازاخستان من التجربة المريرة لعدد من دول ما بعد الاتحاد السوفيتي، بأن الصراعات والنزاعات لا تجلب الا عدم الاستقرار السياسي والتدهور الاقتصادي.
وقد ساعد هذا الاستقرار في الجمهورية التي تمتلك احتياطيات جيدة من النفط والموارد الطبيعية الأخرى، بالنمو والتطور بفترة وجيزة، وتنامي اقتصادها بشكل ملحوظ. عندها اطلق أول رئيس للبلاد، نور سلطان نزارباييف، مقولته الشهيرة: "الاقتصاد اولاً، ومن ثم السياسة".
وليس سراً أن أساليب حكم نزارباييف كانت محل انتقاد من الغرب. واتهمه بعض السياسيين بالميل إلى الإملاء، وتخلف المؤسسات الديمقراطية، قائلين إن الرئيس يتمتع بصلاحيات مطلقة وكبيرة. لكن الوقت أظهر صوابية هذا التوجه السياسي الحكيم. وكازاخستان هي اليوم واحدة من دول ما بعد الاتحاد السوفيتي القليلة التي تمكنت من وضع سياساتها على المسار الموثوق. وبنى نور سلطان نزارباييف حكماً قويًا وفعالًا مكّن شعب كازاخستان من القيام بانجازات وتجاوزالعديد من العواصف الاقتصادية والازمات السياسية. والسبب يعود الى الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والموارد الطبيعية، وقامت كازاخستان باستقطاب الكثير من الاستثمارات حين ما لم تستطع العديد من دول ما بعد الاتحاد السوفيتي جذبها.
ووضعت الجمهورية امامها مهمة طموحة وهي ان تكون من ضمن ثلاثين دولة متقدمة في العالم وبسرعة متسارعة نفذت ما تصبو اليه، وحققت نجاحًا كبيرًا. ووفقًا لدستور البلاد وبعد استقالة نزارباييف الطوعية، انتقلت صلاحيات رئيس الدولة إلى رئيس مجلس الشيوخ قاسم جومارت توكاييف أحد أقرب مساعدي نزارباييف الذين شاركوا بنشاط في بناء الدولة المستقلة. وقيّم المراقبون هذا المسار بانه اشارة على تأكيد وسعي كازاخستان للاستمرارية والاستقرار في السياسة الداخلية.
ولكي يحوز توكاييف على الدعم الشعبي وتعزيزاً لشرعيته بتوليه اعلى سلطة في الدولة، واستناداً للدستور، وجه نداء خاصاً أعلن فيه عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 9 حزيران من هذا العام. وفي خطابه أعطى رئيس الدولة الجديد ضمانات بأن "الانتخابات ستكون شفافة و نزيهة".
وقد تم الانتهاء من التقدم من الترشح لمنصب الرئيس في كازاخستان. وفقًا للقانون، حيث قام 8 أشخاص يمثلون مختلف الأحزاب والحركات السياسية بما في ذلك الأحزاب المعارضة للحكومة الحالية بالترشح. ويحتاج كل مرشح الآن إلى جمع 118140 توقيعًا لدعمه في جميع أنحاء كازاخستان، وهو ما يمثل 1 بالمائة من إجمالي عدد الناخبين.
تجدر الاشارة الى انه ليس من السهل التنبؤ بنتيجة الانتخابات الرئاسية. ولكن مما لا شك فيه أن كازاخستان ستواصل في المستقبل القريب لعب دور القاطرة في منطقتها. وبعد سنوات كثرة من الاستقلال، وبفضل الوحدة والوعي والانتماء الوطني العام، يتم تعزيز الثقة بدورالدولة مما يمنع عدم التشكيك بها على الصعدين الداخلي و الدولي.