ما جرى منذ 10 ايام في مخيم المية ومية شكل خطوة غير مسبوقة في ملف الوجود الفلسطيني وستكون تحولاً جذرياً في العلاقة اللبنانية – الفلسطينية وتنزع "الشبهة الامنية" عن المخيمات ووظيفة البريد الامني والسياسي والذي يستعمله كثيرون ضد كثيرين. وتؤكد اوساط فلسطينية بارزة ان ملف ضبط وتنظيم السلاح الفلسطيني هو مطلب فلسطيني رسمي وتقدمت به منظمة التحرير والدولة الفلسطينية الى لبنان منذ العام 2006 وحتى ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب من الحكومة اللبنانية ان تتولى هي حماية الفلسطينيين داخل المخيمات وان ينتشر الجيش اللبناني فيها كونها ارض لبنانية وتخضع للسيادة اللبنانية. وفي حين تؤكد الاوساط ان مطلب نزع السلاح وجمعه وحصر امن المخيمات بالدولة هو مطلب حركة فتح، تتمسك حركات المقاومة والفصائل الاسلامية بالسلاح على إعتبار انه ضمانة لمقاومة العدو ولتحقيق العودة بعد تحرير الارض وكون السلاح الفلسطيني المقاوم سيشكل رديفاً لسلاح المقاومة اللبنانية ويكون رفيقها في دروب النضال المشتركة وان نزعه في هذا التوقيت يخدم العدو وصفقة القرن ويُقدّم تنازلات مجانية لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو رغم الهزائم المتتالية لجيشه على ابواب غزة. وتشير الاوساط الى ان السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها هو مضبوط الى حد كبير ولا يشكل مصدر ازعاج او قلق امني او خطر على الاستقرار داخل المخيمات او خارجها باستثناء بعض الجيوب التكفيرية في عين الحلوة والتي تحتاج الى معالجة امنية دقيقة لاستئصالها مع حصرها داخل مربعاتها الامنية.
وتعتبر الاوساط ان ملف تنظيم الوجود العسكري وجمع السلاح في المخازن في المية ومية وإزالة كل المظاهر المسلحة من اللباس الى المقرات والدشم وان يتولى الجيش مسألة امن المخيم عبر الانتشار على مداخله وان يحتكم سكانه وفصائله الى القضاء والدولة اللبنانية وتسليم كل مخل بالامن الى القوى الامنية اللبنانية، خطوة هامة جداً على خط تكريس الاستقرار الامني والسياسي داخل المية والمية وبعد خروج جمال سليمان وعائلته وبعض المقربين منه من تنظيم "انصار الله" الى سوريا. ولكن الاوساط تلفت الى ان الهم الاساسي للاجىء الفلسطيني كاخيه المواطن اللبناني هو لقمة العيش وحبة الدواء والعيش بكرامة ولا اجندات سياسية او تفكير بصفقة قرن او توطين. وتشدد على ان هناك إجماعاً فلسطينياً بين القوى الفلسطينية ورغم التناقض والصراع بين حماس وفتح على الحقوق الانسانية وعدم إذلال اللاجىء لا من الاونروا ولا من الجهات المانحة الدولية.
في المقابل تؤكد اوساط في محور المقاومة ان جميع القوى المؤلفة لهذا المحور من ايران الى سوريا وحزب الله والفصائل الفلسطينية المقاومة ترحب بأي خطوة من شانها ان تنظم الوجود الفلسطيني وان تنظم وجود السلاح وحصر وظيفته بالمقاومة ضد العدو والتمسك بحق العودة. والمحور بأكمله يرفض ان تكون المخيمات مرهونة لاجندات توطين ولغايات واهداف لا تخدم القضية الفلسطينية وتقف وراءها دول عربية وخليجية واقليمية ودولية ومنها تكريس الوجود الفلسطيني في الشتات اكان في لبنان او سوريا او الاردن. ويعتبر المحور ان استعمال السلاح الفلسطيني داخل المخيمات لاغراض الاقتتال الداخلي مشبوه وخطير ومرفوض وهو امر وُضع له حد في الآونة الاخيرة وابتداءاً من مخيم المية ومية وسيكون محور بحث اينما توفر الظرف المطلوب لذلك، اما وضع مخيمي صبرا وشاتيلا فمرتبط بملف المخدرات وترويجها وتعاطيها بالاضافة الى الجرائم الجنائية الاخرى ولا خلفية سياسية وراء ما يحدث فيهما. وتشير الاوساط الى ان حزب الله يرفض المس بالسلاح الفلسطيني المنضبط والمرتبط بالمقاومة وحق العودة ويطالب بإنصاف الفلسطيني اللاجىء انسانياً وإجتماعياً واقتصادياً مع تأمين العيش الكريم له وتامين العمل والاستشفاء وإعطاء حق التملك المرهون بالعودة الى فلسطين متى تأمنت، فالعيش الكريم للفلسطيني حق مكتسب له ولا علاقة له لا بصفقة القرن ولا بالتوطين.