ما يحمله ساترفيلد حمله قبله هوف وهوشين ولم يغيرا من موقف لبنان قيد أنملة حول الترسيم
برزت في اليومين الماضيين مؤشرات إيجابية في ما خص إطلاق المفاوضات لترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وفلسطين المحتلة برعاية الولايات المتحدة الأميركية، وقد حصل ذلك في خلال الزيارتين التي قام بهما مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد إلى كل من لبنان وإسرائيل والتي حمل خلالهما مقترحات متبادلة بشأن آلية التفاوض وترسيم الحدود.
بداية لا بدّ من الاشارة إلى ان هذا المسعى الأميركي الذي يتولاه ساترفيلد الذي عمل سفيراً لبلاده في فترة سابقة في لبنان لم يكن الأوّل لواشنطن في هذا السياق، فقد سبقه إليه المبعوث فريديريك هوف، وآموس هوشين استكمل من بعده الوساطة الأميركية، وكان الموقف اللبناني في هاتين المرحلتين هو ذاته ولم يتبدل والقائم على قبول الحوار برعاية الأمم المتحدة في حضور الولايات المتحدة الأميركية كوسيط نزيه يُساعد على بلورة الحل.
يكشف مصدر وزاري سابق على اطلاع واسع بمسار التحرّك الأميركي تجاه حل أزمة الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل ان الموفد الأميركي ساترفيلد سمع في زيارته الأولى إلى لبنان الموقف اللبناني الموحّد الذي يريد ترسيم الحدود البحرية، وأخذ عنصراً جديداً في هذا المجال وهو ان تكون أميركا شريكة في المفاوضات والقبول بالبحث بترسيم الحدود البرية، وقد حمل ساترفيلد الموقف اللبناني معه إلى تل أبيب وأبلغه إلى المسؤولين الإسرائيليين، وخلافاً لما قيل في الإعلام فإن الجانب الأميركي ليس هو من تجاوب مع المقترحات اللبنانية، بل الجانب اللبناني هو الذي تجاوب مع الطرح الأميركي، وبما ان إسرائيل لا مصلحة لها في رفض المفاوضات لأنها تعتبر حصول ذلك فرصة بالنسبة إليها للتفاوض المباشر مع لبنان وإن كان ذلك بوجود الأمم المتحدة والأميركي.
ويؤكد المصدر الوزاري ان الخلاف بشأن الترسيم البحري هو حول تقسيم البلوكات، اما في شأن الحدود البرية فإن لبنان ما يزال يتحفظ عليها في حال لم تشمل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي لا تعترف إسرائيل بأنها جزء من لبنان بانتظار وثيقة سورية تقدّم وتثبت هذا الشيء، وهذا الأمر ما زال حوله إشكالات كثيرة.
في رأي المصدر الوزاري ان الحديث الدائر حالياً عن حصول تقدّم في المفاوضات بشأن ترسيم الحدود ينقصه الدقة، نعم، توجد أجواء تفاوضية ولكن لا يوجد تقدّم أو انتظار حلول تقدّم في هذه المفاوضات في وقت قريب، ولكن الفريقين يهمهما استمرار التفاوض لا بل تعزيزه في ظل تدهور الأوضاع في المنطقة حتى لا يشمل أي تطوّر يحصل في الشرق الأوسط، الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.
وعما إذا كان خائفاً من حصول حرب اميركية - إيرانية ودخول خليجي على الخط وانعكاس ذلك على الواقع اللبناني وتحديداً على الجبهة الجنوبية يسارع المصدر الوزاري إلى القول ان إسرائيل وحدها تريد اندلاع الحرب بين واشنطن وطهران، ولكن لا أميركا ولا إيران يريدان اشتعال هذه الحرب وإن كان هناك خوف من دخول طرف ثالث على الخط من خلال عملية مخابراتية ما تؤدي إلى اندلاع هذه الحرب التي إن وقعت لن تكون بمثابة حرب عالمية ثالثة بل أقرب إلى يوم القيامة.
ويقول المصدر صحيح ان ما هو قائم اليوم بين إيران والولايات المتحدة خطير في ظل تبادل التهديدات واستعراض القوة، لكن إلى الآن لا توجد مصلحة أميركية في شن حرب تدميرية على إيران، وكذلك العكس، ولو كان هناك قرار في الحرب لكان حصل ذلك بعد احتراق سفن النفط في الفجيرة في الإمارات، أو بعد ضرب المنشآت النفطية في السعودية، أو بعد الصاروخ الذي سقط بالقرب من السفارة الأميركية في بغداد، إذ ان هذه المحطات تشكّل ذريعة لواشنطن لشن الحرب، على غرار ما فعلت إسرائيل خلال غزوها لبنان حيث أخذت من اغتيال سفيرها في لندن ذريعة للقيام بغزو لبنان واحتلال أراضيه، وبما ان واشنطن لم تأخذ ما حصل ذريعة فإن ذلك يعني انها لا تريد الانزلاق الى الحرب أقله في الوقت الراهن.