كثيرة هي الأشياء التي يستخدمها الناس من أجل تمضية الوقت، وواحدة منها أصبحت في وقتنا الحالي التدخين على أنواعه ومنه تدخين "الأرغيلة" في المطاعم خصوصاً دون أن يدركوا أن الثمن "الجسدي" الذي يدفعه هؤلاء البشر كبير لناحية الإصابة بالأمراض وتحديداً السرطان الذي إرتفعت نسبته كثيراً في لبنان لأسباب عديدة واحدة منها التدخين...
إذا قصد اللبناني بلدا آخر للسياحة أو للإقامة فيه يجد أن سعر علبة "التبغ" او "التمباك" في لبنان أقل بكثير من الخارج، فقد يصل ثمنها في بعض الدول كأميركا الى حوالي عشرة دولارات للأولى، هذا الإجراء يخفّف كثيراً من نسبة المدخّنين نظراً لإرتفاع الأسعار ويؤدي الى زيادة المداخيل على خزينة الدولة كما أنّه يخفّف العبء الأكبر على أي وزارة صحة حول العالم، الا في لبنان حيث لا يتعدى سعر علبة التبغ الألفين أو الثلاثة آلاف ليرة أما علبة "التمباك" فلا تتعدى الخمسة آلاف ليرة ما يعني أن شراءها سهل... وهنا السؤال: "ماذا يمكن أن تُدخل الدولة من أموال الى خزينتها في حال رفعت نسبة الضرائب على جميع مشتقات التبغ"؟.
رفع الضرائب الى 130%
"كثيرة هي المداخيل التي يُمكن للدولة أن تجبيها في حال رفعت الضرائب على التبغ بنسبة 130% فيصبح سعر العلبة خمسة آلاف ليرة". هذا ما تؤكده منسقة الحملة المدنية 174 الإعلامية رانيا بارود عبر "النشرة"، لافتةً الى أن "200 مليار ليرة هو المبلغ بأقل تقدير الذي يمكن أن تحصّله الدولة جرّاء هذه الزيادة وحتى ولو إرتفع التهريب بنسبة 300% عما هو حالياً"، ومضيفة: "في دول الجوار سعر الدخان مرتفع أكثر من لبنان وعادة يتمّ التهريب من الدول الأقل كلفة الى الأكثر كلفة، فكيف سيتم التهريب من الخارج الى لبنان وهناك السعر مرتفع أكثر"؟، معتبرةً أن "إجراء زيادة الضرائب على هذا القطاع لا يؤدّي الى زيادة في المداخيل فقط بل الى تقليص نسبة المدخنين خصوصاً من الفئات العمريّة الصغيرة والمتوسطة".
الف ليرة ضريبة لا تكفي
تؤكد رانيا بارود أن "زيادة ألف ليرة كضريبة على "النارجيلة" ليس كافياً وزيادة الضرائب على التبغ ليس الإجراء الوحيد الذي يُمكن من خلاله إدخال الأموال الى خزينة الدولة، فمنذ اقرار قانون منع التدخين في الأماكن العامّة هناك حوالي ثمانية آلاف محضر ضبط سُطِّرت في حال تم تحصيلها سيكونون مصدرا إضافيا لزيادة المداخيل"، مشيرةً في نفس الوقت الى أنه "وفي حال طُبّق القانون فقط ودخلت الشرطة السياحيّة الى أيّ مطعم أو مقهى مقفل، ووجدت فيه من يدخّن أو ينفخ النارجيلة يُغَرَّم الشخص 130 ألف ليرة، ومالك المطعم مبلغًا يصل الى ثلاثة ملايين ليرة، كبداية، وقد تصل العقوبة في بعض الأحيان الى السجن".
تعديل قانون التدخين؟!
"في حال إتخذ القرار بتطبيق القانون فلدى الدولة كلّ الوسائل للقيام بذلك من شرطة سياحيّة الى مراقبين في وزارة الصحة، مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد"، هذا ما تؤكده رانيا بارود، معتبرة أنها "جميعها جهّات يمكنها القيام بهذه المهمّة وادخال الملايين في حال استبعاد الرشاوى". إلا أن "النشرة" علمت أن "هناك إتجاها لدى بعض المعنيين في الدولة الى السعي لتعديل القانون الحالي حتى يتناسب مع الشارع اللبناني الذي يميل الى التدخين على أنواعه في المطاعم"، على الرغم من أنّه في حال اقرار هذا التوجّه سيشكّل خسارة كبيرة للخزينة وعبئًا ماليًّا ضخما على وزارة الصحّة لن تستطيع الدولة مواجهته.
في المحصّلة يبقى رفع الضرائب على التبغ مصدرا من المصادر التي تساعد على زيادة المداخيل وتخفّف في نفس الوقت من الضرر الذي يطال الناس... فهل تفعلها الحكومة وتفكّر بطريقة منطقيّة بتخفيف الهدر الصحّي، فيؤدّي ذلك لأنْ يفكر المدخّن مرتين قبل الاستمرار "بالانتحار" أم أن "المافيات" التي تتحكّم بهذا الموضوع والمستفيدة منه ستبقى الأقوى؟!.