عندما قرّر مجلس الدفاع الاعلى مطلع الشهر الجاري، التحرك لمنع فرض توطين اللاجئين السوريين، وهدم كل الأسقف الأسمنتيّة للخيم في المخيّمات، ظنّ كثيرون ان القرار كلامي ليس إلا، ولكن وبحسب مصادر مطلعة فإن المجلس لم يكن جدّيا بالسابق كما هو اليوم، والمهلة التي أعطاها الجيش اللبناني للنازحين لهدم الأسقف والجدران تنتهي في 15 حزيران، سيكون بعدها مضطرا للدخول بكامل "عتاد الهدم" وتنفيذ القرار.
في عرسال 126 مخيماً، و32 ألف نازح يتوزّعون على 6200 خيمة، ويُطلب من السلطات اللبنانية أن يكون سقف الخيمة قماشيًّا لا اسمنتيًّا. وبحسب المصادر فإن المجلس الاعلى للدفاع تحرّك بعد تقارير وصلت اليه عن ارتفاع كبير لأعداد الخيم والغرف الاسمنتيّة بعد انتهاء الحرب على الارهاب العام الماضي، واندحار الارهابيين من عرسال ومحيطها، كاشفة أن هذا العدد وصل في عرسال ومحيطها الى حوالي الـ2000 غرفة، ما يجعل التحرّك ضروريا قبل فوات الأوان، وقبل أن نصبح أمام مشهد "مخيّم عين حلوة" جديد، يخرج عن سلطة الدولة وقدرتها على ضبط الامور.
وتكشف المصادر أن المعنيين بهذه الملفّات تبلّغوا جدّية المجلس الاعلى للدفاع في اجتماع عُقد في مركز قيادة اللواء التاسع في بلدة اللبوة في البقاع الشمالي منذ اسبوعين تقريبا، وتمّ فيه الاتفاق على إزالة الأسقف الاسمنتيّة والجدران والغرف التي كثر انتشارها في عرسال، مشيرة الى أنّ الجيش أعطى المهل لكي يقوم ساكنو هذه الخيم بتنفيذ القرار، على أن يُسمح لهم ببناء خمسة مداميك بارتفاع متر واحد، للحماية من الثلوج شتاء والزواحف صيفا.
من جهتها تبلّغت بلديّة عرسال بالقرار، فبدأت عملها بمناشدة النازحين تنفيذه قبل انتهاء المهل ودخول الجيش الى الخيم، وبحسب مصادر البلديّة فإنّ كثرة المخيّمات في البلدة لا تعني انتشار الاسمنت في كل مكان، كاشفة عن تواجد أربعة مخيّمات انتشرت فيها أسقف الاسمنت، هي مخيم أبناء الشهداء، مخيم الياسمين، مخيم الزعيم، ومخيم قرية حيط، مشدّدة على أن النازحين تبلّغوا بأن قرار الهدم يتضمّن فقط هدم الأسقف لا إزالة المخيّمات بالكامل، ولكن بنفس الوقت هناك بعض الغرف المبنيّة سيتم هدمها ما قد يعرض النازحين للتشرد بسبب مخالفاتهم.
تعلم البلدية بأنّ قرار مجلس الاعلى للدفاع ليس للمناورة، لذلك عمدت بحسب المصادر الى التأكيد على النازحين بانّ القرار جديّ، كاشفة أن عددا منهم نفّذوه بينما ينتظر البعض القادم من الأيام بحال تأجّل التنفيذ او ألغي بعد تدخّلات لجهات لبنانيّة ودوليّة تحاول التأثير على قرار الدولة اللبنانيّة. وتضيف مصادر بلدية عرسال: "نحن مع قرار الدولة ولكن نطالب فقط بالتعامل مع النازحين انسانيًّا، ومساعدة من يخسر مكان سكنه على إيجاد البديل ضمن المخيّمات".
لن تنفع التدخّلات لثني الجيش عن تنفيذ قراره، تؤكّد المصادر، مشيرة الى أنّ بيان هيئة علماء المسلمين في لبنان التي حذّرت في بيان تحت عنوان "أوقفوا الحرب على الضعفاء"، من مخاطر قرار هدم الأبنية السكنيّة للنازحين السوريين معتبرةً أنَّه بمثابة "مجزرة إنسانيّة"، لن يغيّر من واقع الامور، فالدولة لن تترك الملف سائبًا كما حصل في الملفّ الفلسطيني.
لا يكفي قرار محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر بمنع إدخال مواد البناء من الحديد والإسمنت إلى بلدة عرسال، بل يجب ان يترافق بخطّة شاملة لمنع فرض توطين السوريين بالقوة وبأي ثمن كان، والعمل على عودتهم الى بلدهم بأسرع وقت ممكن.