وصلت الموازنة الى المجلس النيابي بعد طول انتظار، ولكن هذا لا يعني أن طول المناقشات التي مرّت بها بالحكومة سيسهّل إقرارها بجلسة عامة، فالجميع أبدى ملاحظاته بعد خروجها من مجلس الوزراء، وينتظر وصولها الى لجنة المال لمحاولة تغيير بعض ما توافق عليه الوزراء، ولعل كلام أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله عن اعتراض الحزب على بعض البنود يأتي في السياق الذي يؤشّر إلى إمكانيّة إعادة فتح باب السجالات من جديد من البوابة البرلمانية.
في هذا الإطار، لم تكن النقاشات داخل مجلس الوزراء سهلة على الإطلاق، لكن إستمرار الخلافات قد يكون أمراً مستغرباً، لا سيما بعد إعلان السيد نصرالله أن الحزب سيرفع الصوت عالياً خلال المناقشات في المجلس النيابي، نظراً إلى أنه ممثل في الحكومة، وبالتالي كان من المفترض أن ينتهي النقاش على طاولة مجلس الوزراء، والأمر نفسه ينطبق على حزب "القوّات اللبنانية"، الذي أظهر ممثلوه في الحكومة تحفظاً على بعض البنود.
من هذا المنطلق، بات من المتوقع بحسب مصادر نيابيّة أن تشهد جلسات مناقشة الموازنة في المجلس النيابي شد حبال بين مختلف الأفرقاء، لا سيما أن هذه النقاشات، وكما كانت في مجلس الوزراء، لن تنطلق من خلفيّات "حسابيّة" فقط، بل حسابات الشارع والربح والخسارة، وهو ما رافق عمل اكثر من طرف حكومي.
وتتوقع المصادر أن يقف النواب في لجنة المال والموازنة عند كل اقتراح وبند، حيث سيتم تعديل وإلغاء بعضها، وفتح السجالات حول بعضها الآخر، مشيرة الى أن القوى السياسية صاحبة الصوت المنخفض بالحكومة سترفع صوتها بالمجلس النيابي.
وعليه، لا تخفي المصادر النيابية مخاوفها من إحتمال إنهيار التوافق غير المكتمل على الموازنة، والذي حصل على طاولة مجلس الوزراء، نظراً إلى أن إمكانية التعديل في المجلس النيابي واردة، ولو ان حقوق النواب تتضمن الرفض او القبول او تخفيض الأرقام اكثر، من دون زيادتها، وبالتالي الضغوط السياسية من جهة والشعبيّة من جهة أخرى من المفترض أن ترتفع أكثر، نظراً إلى أن النواب هم أكثر من يسعى إلى كسب التأييد الشعبي، عبر الذهاب إلى الخطابات التي تدغدغ مشاعر الناخبين.
وتشير هذه المصادر إلى أنّ التحالفات قد تتبدّل بين بند وآخر، إلا أنّ المشكلة تكمن في السقف الذي من المفترض أن يسعى الجميع للحفاظ عليه، خصوصا وان الحكومة نفّذت طلبات المجتمع الدولي كاملة للحصول على اموال مؤتمر "سيدر". وفي هذا السياق ترى مصادر "التيار الوطني الحر" أن القوى الممثّلة في الحكومة لا تختلف عنها في المجلس النيابي، ما يعني أنّ الصورة العامة للموازنة لن تتغيّر لأنّ الجميع يعرف كلفة التغيير، وكلفة تطيير الموازنة.
وتؤكد المصادر أن المطلب الأساسي اليوم هو التزام القوى السياسيّة في مجلس النواب بما التزمت به في الحكومة، وعدم الدخول بحفلة مزايدات تطيح بما انجزناه من تخفيض للعجز وما حققناه بخفض العجز التجاري.
التهميد لبدء درس الموازنة في المجلس النيابي لم يوحِ بالخير، فإلى جانب كلام السيد نصرالله ينبغي التوقف عند السجال الكبير الذي انتهى اليه اقرار الموازنة بالحكومة، وأساسه اعتراض "حزب الله" و"حركة امل" وتيار "المردة" على ضريبة الـ3 بالمئة على كل البضائع المستوردة، اذ تؤكد المعلومات أنّ المعترضين لم يستسلموا للأمر الواقع، وهم يحضّرون العدّة "النيابيّة" لنقاش طويل وجدّي بالمجلس النيابي.