موازنة الجيش والقوى الامنية كانت طوال اليومين الماضيين الشغل الشاغل للرأي العام، إذ أسفرت الموازنة عن خفض في ميزانية الجيش وسائر القوى الأمنية بما يقارب العشرين في المئة، وطاولت الخفض الموازنات السرية الخاصة بالأمن والمتطلبات اللوجستية التي وصل الخفض فيها الى حدّ ترشيق وجبة الطعام، فضلاً عن اللوجستية للجيش والأجهزة الأمنية والعسكرية، ما حدا بقائد الجيش العماد جوزف عون الى رفع الصوت بطريقة التنبيه من الافتئات على المؤسسة العسكرية، وإضعاف قدرتها على القيام بمهماتها، وهي التي تنتشر في الداخل وعلى الحدود، وتقوم بمهمات خارجة عن نطاق عملها في كثير من الأحيان.
صودف انّ هذا الخفض اتى على وقع انتهاء زيارة العماد عون لواشنطن، التي التقى فيها، من ضمن قادة جيوش عربية واقليمية، مسؤولين أميركيين في الكونغرس ووزارة الدفاع، سعياً للحفاظ على المساعدة الأميركية للجيش التي تقدَّر سنوياً بـ 180 مليون دولار.
هذه المساعدة تأتي من ثلاث جهات اميركية رسمية هي الكونغرس ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية، وكل جهة من هذه الجهات تقدّم ما يسمح به القانون الاميركي للجيش اللبناني ولجيوش أُخرى عربية كالأردن ومصر على سبيل المثال لا الحصر، مساعدات على شكل هبات عسكرية وبعثات تدريب، وتدريب ضباط، وتجهيزات يحتاجها الجيش.
تقول مصادر عسكرية «إن قائد الجيش لعب الدور الطبيعي في الحفاظ على هذه المساعدة، في ظل وجود اصوات ومطالبات بخفض المساعدة، الّا انّ ذلك لم يحصل، لأسباب عدة منها استمرار الرهان على الجيش لحفظ الاستقرار، وهو ما يقوم به الجيش». وتضيف «من المفارقة أن ينال الجيش مساعدات من اكثر من دولة في العالم، فيما يتم خفض موازنته في لبنان، الى حدّ الوصول الى الاضطرار لخفض وجبة العسكري، ونأمل أن يُحل هذا الموضوع بعد التشاور الذي سيحصل بين وزير الدفاع الياس بوصعب ووزير المال علي حسن خليل، لأنه غير مقبول، ونعتقد أنه سيُحل».
وتشير المصادر الى «انّ المؤسسة العسكرية جاهزة لاتّخاذ خطوات في عصر النفقات، لكن في الوقت نفسه ما يحصل على مستوى البلد لا يشير الى انّ عصر النفقات يبدأ من المكان الصحيح، ويضيف انّ الجيش لا علاقة له بالسياسة، ويُفترض أن لا يتم تحميله ما يؤثر على قيامه بمهماته الكبيرة.
وتكشف المصادر انه في الاجتماع الذي عُقد أمس الاول في وزارة الدفاع والذي ضمّ قائد الجيش العماد جوزف عون ومدير المخابرات العميد انطوان منصور، والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والمدير العام لأمن الدولة العميد انطوان صليبا، تم الاتفاق والإجماع على أن يشمل التدبير الرقم 3 القوى المنتشرة على الارض وقياداتها حتى لو لم تكن في مكان الانتشار جغرافياً، كما على شموله كل الأجهزة المكلّفة مهمات أمنية، فيما يعطى التدبير الرقم 2 للعسكريين المكلفين مهمات ادارية، وهذا يعني انّ التدبير الرقم 3 سيشمل الجيش بهذين المعيارين، وكذلك قوى الامن الداخلي والامن العام وأمن الدولة، وسيقدَّم هذا الاقتراح الى المجلس الأعلى للدفاع لإقراره، على أن يعقد المجلس جلسة قريبة.
تختم المصادر بالاشارة الى «انّ الاعتراض على الموازنة لا يقتصر على جملة التخفيضات التي أُقرّت، بل يشمل الشروط الجديدة لتسريح الضباط، وهذه الشروط ستؤدي الى زيادة عدد العمداء والضباط في الخدمة من الرتب الكبيرة، وهو امر له نتائج في توزيع هرمية القيادة، فضلاً عن أن يشكل افتئاتاً على الضباط الذين يحق لهم أن ينالوا تسريحهم من دون اقتطاع نسبة 25 بالمئة منهم».