يمرّ لبنان في الآونة الأخيرة بواحدة من أحرج الأوقات التي مرّت بها الدولة، وهي باتت بحاجة للقيام بالإصلاح في المجالات كافة لتحسين الإقتصاد وبالتالي تخفيف العجز. ولتحقيق ذلك تركزت الأنظار على الموازنة التي حملت تقشّفاً مالياً... وهنا لا يمكن القول سوى أن الحكومة تسعى من خلال هذه الإجراءات ليس فقط للقيام بالاصلاح المالي، إنما تحاول إعادة التوازن الى القطاع الإقتصادي منعاً للإنهيار وسعياً للنهوض دون الحاجة الى الخارج!.
جيّد كلّ ما يحصل ولو إعترض كثيرون على تخفيف مصاريف من هنا أو هناك، أو تخفيض رواتب وغيرها من الأمور، لكن يجب الإعتراف أساسا أن كل هذه الإجراءات هي غيض من فيض ما تحتاجه الدولة للبناء من جديد وتحريك العجلة الإقتصادية... فعلت الحكومة الكثير ولكن هناك أبواب أخرى تدر المداخيل مثل ربط الحسابات المصرفيّة للبنانيين بأرقام ماليّة، فماذا يعني هذا وما مردوده المالي على خزينة الدولة؟!.
عملياً في لبنان الحساب المصرفي للفرد يخضع لقانون السريّة المصرفيّة ولا يدفع الشخص ضرائب عليه بعكس الحساب المصرفي للشركات حيث يضطر هؤلاء لدفع ضريبة للدولة عبر وزارة المالية. وهنا تشرح مصادر متابعة أن "لا قانون أو سلطة لأيّ مصرف أن يمنع دخول أرباح من أعمال حتى لو كانت بمئات آلاف الدولارات الى حسابات فرديّة، وأن يفرض على الأشخاص تحويلها الى حسابات الشركة التي يملكونها، إن كان الحساب مفتوحا في نفس المصرف الذي يملكون فيه حساباً مصرفياً فردياً"، مشيرةً أيضاً الى أن "الفرد يمكن أن يفتح حساباً شخصياً في أحد المصارف وحساباً للشركة في مصرف آخر، وهنا لا يمكن للمصرف الأول أن يدرك أن للشخص حساباً بإسم شركته في مصرف آخر لأنّ التحويلات الماليّة إن إنطلقت من مصرف لحساب شخص معيّن لا يملك للمصرف أن يرفضها عندما تصل الى حساب الشخص المعني أياً كان السبب ما يعني لأغراض عمليّة، فماذا يعني كلّ هذا"؟.
بحسب المصادر، فإن الحساب المصرفي الشخصي لا يخضع لنظام الضريبة ولا يجب التصريح عن الأرباح فيه لوزارة الماليّة على عكس الحساب المصرفي للشركات. وهنا تلفت المصادر الى أنه "لا يحق للمصرف، وتبعا لنظام السرية المصرفية، رفض أيّ تحويلات ماليّة الى حساب مصرفي شخصي حتى ولو كانت بسبب الأعمال وتتضمّن فواتير"، مشيرة الى أن "هذه المسألة يمكن تسميتها "بالتهرب الضريبي" يقوم بها الأشخاص للهروب من دفع الضريبة التي تنتج عن الارباح في الحساب المصرفي للشركات، ولكن المصارف لا يمكنها القيام بغير ذلك لأنّ قانون السرية المصرفية لا يسمح لها"، مضيفةً: "هذه المسألة ولمعالجتها تحتاج الى تعديل في القوانين والتشبّه بالخارج فهناك كلّ فرد يملك رقماً مالياً يدفع بموجبه الضرائب أينما ذهب في العالم سواء كان حسابا عاديا أو للعمل".
"المصارف اللبنانيّة تولي أهمية كبيرة لمكافحة التهرّب الضريبي للأجانب لأن هذا الأمر يعرض الشخص والمصارف للعقوبات". هذا ما تؤكّده المصادر، لافتة الى أنّها "وبموجب الإتفاقيات التي وقعت مع أوروبا وأميركا مُلزمة أن تسأل عن سبب فتح الحساب للشخص الأجنبي وهي مُلزمة بالتصريح شهرياً عن الأجانب الذين يفتحون حسابات". معطية أمثلة على ذلك "إذا حاول أميركي خارج الولايات المتّحدة وفي أي بلد في العالم فتح حساب مصرفي دون أن يقدّم رقما مالياً، تطاله العقوبة كفرد وكمصرف في البلد المُضيف في آن، من هنا تسعى المصارف اللبنانية الى مكافحة التهرّب الضريبي للأجانب حتى لا تطالها العقوبات".
في المحصّلة تعمل المصارف اللبنانية على مكافحة التهرب الضريبي على صعيد العالم إلا أنّ المكافحة الداخليّة تحتاج الى تعديل في القوانين إن حصلت ستدر أموالاً طائلة على خزينة الدولة!.