لفت وزير الصحة العامة جميل جبق، إلى "المدى الكبير الّذي تستحوذ عليه مكافحة التدخين في دول العالم، في حين أنّنا في لبنان عاجزون عن تحقيق هذا الأمر"، كاشفًا "أنّه خجل عندما وجد نفسه مضطرًا للرد على أسئلة طرحت عليه في الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية في جنيف عن مسار لبنان في منع التدخين". وسأل: "هل نقول إنّ التدخين موجود بقوّة في منازلنا ومطاعمنا ومستشفياتنا وفي كلّ أماكننا العامة، وهل نقول إنّ ثمة أهالي يتركون أولادهم المراهقين يدخّنون النرجيلة داخل المنزل؟".
وأعرب عن أسفه، خلال إطلاقه استراتيجية وزارة الصحة العامة لمكافحة التدخين- البرنامج الوطني، في احتفال ببلدية الجديدة- سد البوشرية، لمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين وتجنب مخاطره، لأن "نكون ندّعي الحضارة فيما نحن عاجزون عن تطبيق القوانين بدءًا بقانون مكافحة التدخين، خشيةً من تراجع إيرادات المطاعم، فيما التدخين وتبعاته السلبية يكلّف وزارة الصحة سنويًّا ما لا يقلّ عن 200 مليون دولار لأدوية الأمراض المستعصية"
وأوضح جبق أنّ "في هذا المجال، لبنان من أوائل الدول في العالم حيث ينتشر سرطان المثانة والرئتين والمريء، وارتفع معدّل هذا السرطان في العقد الأخير ثلاثة أضعاف، استنادًا إلى إحصاءات "الوكالة الدولية لبحوث السرطان- IARC".
وتناول الإجراءات الواجب اتباعها لمكافحة التدخين وهي: "أوًّلا تطبيق المادة 13 من اتفاق المنظمة الإطارية ومبادئها التوجيهيّة، لفرض حظر شامل على إعلان التبغ والترويج له ورعايته، ثانيًا تطبيق القوانين اللبنانية المختصّة الصادرة في الأعوام 1995- 2007- 2011- 2012، وجميعها تنصّ على التحذير من مخاطر التدخين وتضع شروطًا على التصنيع والاستيراد وغرامة مالية مرتفعة على كلّ من لا يلتزم، ثالثًا مضاعفة أسعار التبغ، إذ يتمّ بيع "الكروز" في لبنان بعشرين دولارًا في مقابل بيعه في أوروبا بسبعين دولارًا و110 باوند في بريطانيا".
وأكّد جبق أنّ "القوى الأمنية قادرة على منع التهريب على غرار عملها في حماية الحدود. ولهذا الأمر أهميّة كبيرة في الحدّ من نسبة التدخين في لبنان". وذكر أنّ "من الإجراءات الواجب اتباعها أيضًا "رابعًا، تطبيق القانون 174 الصادر العام 2012 والرامي الى الحدّ من التدخين وتنظيم صنع ودعاية منتجات التبغ، خامسًا حظر تقديم العينات المجانية، وسادسًا حظر تزويد القاصرين دون 18 سنة بأي منتج من المنتجات التبغية".
كما أعلن "أنّه سيتشدّد كثيرًا في هذا الأمر، بحيث يصار إلى اتخاذ إجراءات قاسية جدًّا تصل إلى حدّ إقفال المطعم الّذي يوفّر إمكان التدخين والنرجيلة لمن هم دون 18 سنة، أو تغريمه بمبالغ كبيرة جدًا"، مركّزًا على "ضرورة تكثيف الجهود وتوحيدها وطنيًّا ودوليًّا لمواجهة معوّقات مكافحة التبغ من المتضررين تجاريا".
وشدّد على "ضرورة استعمال أسلوب ملزم وتفعيل الرقابة والملاحقة الدائمة، وهذا لا يكون إلّا بالتعاون البنّاء والجدّي الدائم بين وزارة الصحة ووزارات الاقتصاد والداخلية والسياحة ووزارة الإعلام، بمؤازرة ودعم من الأجهزة الأمنية، وفق خطة متابعة وملاحقة شبه يوميّة، لأنّ أيّ عمل لا يمكن أن يستمرّ إلّا بالتفاعل وبثّ الروح فيه لتحقيق الهدف وإنجاز المهمّة".
وطالب جبق مجلسي الوزراء والنواب بـ"سنّ وتنفيذ تشريعات لرفع اسعار التبغ"، معلنًا "توقيع مرسوم يلزم المصنع والمستورد بوضع التحذيرات المصورة على علب التبغ لكي يتم تسليط الضوء أكثر على آفة التدخين".
إلى ذلك، أورد الأرقام الّتي تظهر المخاطر الصحية للتدخين، مفيدًا بأنّ "حاليًّا، 1.1 مليار من البالغين في العالم هم من المدخنين، عالميًّا تبلغ نسبة المدخنين من الأطفال في سن 13 و 15 عامًا 7%، إلّا أنّ هذه النسبة أعلى في لبنان إذا اعتبرنا أنّ عمر الطفل ما دون 18 عامًا"، مشيرًا إلى أنّ "عند احتراق مادة "النيكوتين" تنتج أكثر من 4000 مادّة كيميائيّة، 250 منها على الأقلّ مضرّة، و69 منها مواد مسرطنة".
وذكر أنّ "التدخين يقتل سنويًّا ما يزيد على 7 ملايين شخص من بينهم أكثر من 000 600 شخص من غير المدخنين، وعدد الضحايا سيتجاوز ثمانية ملايين شخص بحلول العام 2030"، لافتًا إلى أنّ "بحسب دراسات "الوكالة الدولية لبحوث السرطان- IARC"، يعادل كلّ نفس نرجيلة لمدّة ساعة متواصلة 400 سيجارة".
وشرح أنّ "الإقلاع عن التدخين يؤدّي خلال سنة واحدة إلى انخفاض نسبة الإصابة بأمراض القلب التاجية إلى نصف معدّله عند المدخن، وتراجع نسبة خطورة الاصابة بالسكتة الدماغية وهبوط معدّلات خطورة الإصابة بسرطان الرئة إلى نصفها تقريبًا مقارنة بالمدخنين، وتناقص خطورة الاصابة بمختلف السرطانات الأخرى". وبيّن أنّه "إذا توقّف المدخّن عن التدخين عند سنّ الثلاثين، يكسب 10 سنوات اضافية من متوسط العمر المتوقّع. وعند بلوغ سن الأربعين تقريبًا، سيكسب 9 سنوات من متوسط العمر المتوقّع".