بعد مرور 3 سنوات على الإنتخابات البلدية والإختيارية الأخيرة، من المتوقع أن تعود السجالات إلى العديد من المجالس البلدية، على خلفيّة القدرة القانونية على طرح الثقة بأي رئيس مجلس بلدي ونائبه بعد مرور 3 سنوات على انتخابهما من قبل أكثرية الأعضاء.
وفي حين يبرز هذا الواقع في العديد من المجالس البلدية، يبدو أن المعركة الأقوى ستكون في طرابلس، نظراً إلى أن عدداً من الأعضاء كانوا قد بدأوا التحضير لهذه المواجهة مسبقاً، لا سيما أن المجلس الحالي بات من دون غطاء سياسي واضح، بعد أن قرر الوزير السابق أشرف ريفي، الذي كان الداعم الأول للائحة التي حازت الأغلبية، بعد خوضها الإنتخابات بوجه أخرى كانت مدعومة من أغلب القوى السياسية، رفع الغطاء عنها، الأمر الذي دفع برئيس المجلس أحمد قمر الدين إلى وضع معظم أوراقه عند تيار "المستقبل".
في الأسباب الموجبة لتحركهم، يضع أعضاء المجلس المعارضين علامات الإستفهام على أداء قمر الدين، لكن العامل الأبرز على هذا الصعيد، بحسب ما تؤكد مصادر مطلعة لـ"النشرة"، هو أن هؤلاء لا ينتمون إلى مرجعية سياسية قادرة على حسم خياراتهم من جهة، بالإضافة إلى توافقهم على أن لا مشكلة في وصول أي منهم إلى رئاسة المجلس، في المقابل لم يحسم باقي الأعضاء موقفهم، في الوقت الذي يدعم فيه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الرئيس السابق للائحة التوافقية عزام عويضة، إلا أن أسئلة تُطرح حول مصلحة ميقاتي في دعم أي مرشح، لا سيما إذا لم يكن قادراً على حسم الخلافات القائمة؟!.
من وجهة نظر هذه المصادر، أي جهة سياسية لن تقدم على دعم أيّ مرشح بشكل مباشر وعلني، إلا بحال كانت تضمن نجاحه في السنوات الثلاث المقبلة، والأكيد أن هذا الأمر مستبعد حتى الآن في ظل الإنقسام بين أعضاء المجلس البلدي، نظراً إلى التداعيات التي ستترتب على مثل هكذا خيار على المستوى الشعبي.
الأعضاء المعارضون، الذين وقّعوا على الكتاب الرسمي الذي يطالب بطرح الثقة بقمر الدين، هم خالد الولي، خالد تدمري، زاهر سلطان، أمين جبلاوي، محمد تامر، باسل الحاج، أحمد القيصر، رياض يمق، باسم بخّاش، أحمد بدوي وأحمد حمزة، يضاف إليهم صفوح يكن، الذي لم يوقع الكتاب لأنه كان خارج لبنان.
وتؤكد مصادر هؤلاء على وجود إتفاق بينهم على دعم أي شخص يتم التوافق عليه من قبلهم، نظراً إلى أنهم يشكلون فريق عمل واحد لديه خطة عمل، في حين بين الأعضاء الآخرين عدم توافق حال دون صدور أي بيان واضح عنهم حتى الآن، لكن المحسوم أن أغلبهم يرفض أيضاً فكرة التمديد لقمر الدين، لا بل أن أحد الأعضاء منهم أكد أنه على مسافة واحدة من الجميع، وسيكون له موقف خاص به بعد عيد الفطر.
وتشير المصادر نفسها، عبر "النشرة"، إلى أن لا خلفيات سياسية للإنقسام القائم، لكنها تؤكد أن المسار الذي ستسلكه الأمور غير واضح، نظراً إلى وجود خلاف قانوني حول عدد النصف زائد واحد، فعدد أعضاء المجلس البلدي هو 24، عضو مستقيل ما يعني أن العدد الحالي هو 23، والنصف هو 11.5، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هو عدد النصف زائد واحد 12 أو 13؟!.
من وجهة نظر الأعضاء المعارضين، لا يجب أن يكون هناك مشكلة حول هذا الأمر، لا سيما أنه عند التوافق على أي اسم من الأعضاء 12، من المفترض أن يتم تبنّيه من القوى والشخصيّات الفاعلة في المدينة، أو على الأقل من قبل أحد أعضاء المجلس من الفريق المقابل خدمة لمصلحة المدينة، خصوصاً أن أيّ جهة لا مصلحة لها بالإستقالة التي ستؤدي إلى الفراغ أو إلى إنتخابات مبكرة.
وفي حين لم يطرح المعارضون الثقة بنائب رئيس المجلس خالد الولي، خصوصاً أنه أحد الأعضاء الـ12، تلفت المصادر المطلعة إلى وجود خلاف بين الفريق الآخر على اسم نائب الرئيس، في حال قرروا طرح الثقة بالرئيس ونائبه، وتشير إلى أن الواضح حتى الآن أن ميقاتي يتبنى عويضة للرئاسة، بحال كانت الأمور تتّجه نحو التغيير، لكنه في المقابل لن يشن ّحرباً على الرئيس الحالي في حال لم يحصل ذلك.
وتؤكد المصادر نفسها وجود إتصالات بين "المستقبل" و"العزم" حول هذا الملف، حيث تشير إلى أن الحسم من المفترض أن يكون بعد لقاء يعقد بين ميقاتي ورئيس الحكومة سعد الحريري، إلا أنها تشدد على أنّ الجو العام هو أن أحداً لا يدعم التجديد لقمر الدين، خصوصاً أن هذا الأمر يعني تغطية المرحلة السابقة.
في المحصّلة، تؤكد هذه المصادر أن جميع الإحتمالات مفتوحة، ومنها التجديد لقمر الدين، وتلفت إلى أن التوافق بين الحريري وميقاتي قد يؤمّن نجاح مرشحهما، بغض النظر عن أن الفريق المعارض يملك الأكثرية (12 من أصل 23)، في إشارة إلى إمكانية سحب أعضاء من الفريق الأخير، لكنها تسأل: "هل يوافق المستقبل على دعم عويضة"؟.