بعد إعتداء طرابلس الإرهابي الذي نفذه عبد الرحمن مبسوط واستشهد بنتيجته أربعة من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، خرج من تيار "المستقبل" من يدافع عن الموقوفين الإسلاميين كردّ فعل على الحملة التي شُنّت ضدهم بهدف دفع القضاء الى التشدّد بأحكامه معهم. أبرز من جاهر بهذا الموقف، هو عضو المكتب السياسي في التيار الأزرق، النائب السابق مصطفى علوش إذ قال "ّفي قضية الاسلاميين المتشدّدين أي تشدّد نتيجة حادثة طرابلس، سينعكس سلبا". وإذا كان بإمكان اللواء أشرف ريفي أن يقول ما يريد في الإعلام أو في المجالس الخاصة عن هذا الملف أو غيره، كونه ليس حزبياً منظّمّاً في تيار المستقبل، "فكلام علوش لم يمرّ مرور الكرام لدى رئيس الحكومة سعد الحريري" تقول مصادر قيادية في التيار، وتضيف، "لم يكن الحريري يريد التطرق رسمياً الى ملف الموقوفين الإسلاميين لا من باب الدفاع عنهم ولا من باب الهجوم عليهم، في الوقت الذي سقط فيه عسكريون شهداء على مذبح الوطن، في إعتداء طرابلس الإرهابي، وفي الوقت الذي لم يكن الشارع اللبناني قادراً على تقبّل أي حديث عن الإسلاميين والعفو العام بسبب الغضب العارم الذي ولّدته دماء الشهداء". المصادر القيادية في تيار المستقبل تكشف أن الحريري وخلال الإتصالات التي أجراها من الخارج بعد الإعتداء الإرهابي، "طلب من معاونيه التمني على علوش عدم تكرار ما قاله عن الموقوفين الإسلاميين، وعمّم على نواب ووزراء التيار الإلتزام بخطاب دعم الجيش وقوى الأمن الداخلي والوقوف الى جانب المؤسسات الرسمية، بعيداً كل البعد عن الخطاب الشعبوي الذي يساير شريحة من الشارع الطرابلسي". وفي هذا السياق، تكشف المعلومات أن الوقفات التضامنية الشعبية مع الجيش وقوى الأمن الداخلي، أكان تلك التي أقيمت في طرابلس أم الأخرى التي شهدتها بلدة ببنين في عكار، جاءت نتيجةً للجو الذي عمّمه رئيس الحكومة على قيادة تياره.
أما ما دفع الحريري الى قول ما قاله على هذا الصعيد، فيكشف المطلعون أنه كان على قناعة بأن الموقف الرسمي الذي يجب أن يصدر عنه لا يمكن أن يكون ملتبساً بل داعماً للجيش وقوى الأمن، وذلك لقطع الطريق أمام أي محاولة قد يلجأ اليها البعض لإعادة عقارب الساعة الى الوراء في عاصمة الشمال، وتحديداً الى زمن التطرف والمجموعات الإرهابيّة التي تأسر ساعة تشاء حوالى ٥٠٠ ألف نسمة تعيش في طرابلس، بقوّة السلاح والرصاص والقنص والدشم، وهذا أمر فيما لو حصل، كان يمكن أن يطلق رصاصة الرحمة على حكومة "الى العمل" التي تنتظر إستحقاقات عدّة، من تحصيل أموال مؤتمر "سيدر" وصولاً الى إقرار خطة الكهرباء وغيرها من المشاريع والخطط التي نصّ عليها البيان الوزاري، ووضعها الوزراء الى جدول أعمالهم.
قال الحريري ما قاله، فكان إلتزام تام به، وما ساعده على إتخاذ موقفه الحاسم، هو أن موعد الإنتخابات النيابيّة مؤجل، وملفّ العفو العام غير مطروح، وبالتالي، هو ليس مجبراً على مسايرة أحد خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالإرهاب والإرهابيين.