لفت راعي أبرشية بعلبك للموارنة المطران حنا رحمة إلى "أنّنا بنينا للسوريين مدرسةً خاصّة ومستشفى شبه مجانية للطبابة، فاستولوا على أرضنا وأكلوا معنا ومن خيراتنا، من كهرباء وغذاء وغيرها، وحتّى إنّهم يستثمرون أراضينا، ولم تكن لدينا مشكلة لأنّنا تناسينا ذاكرة الحرب مع أنّ الّذي فعله السوريون في لبنان لا يمكن أن يُنسى، إن كان من خلال القصف والقتل أو الخطف والتهجير"، مركّزًا على أنّ "في المقابل، استقبلناهم كأخوة عندما نزحوا، لكنّهم يتصرّفون اليوم كأنّنا نحن الضيوف وهم أهل المنزل، وهو أمر غير مقبول"، هذا ما كشفه
وشدّد في حديث صحافي، على أنّ "حادثة دير الأحمر غير مسموحة"، محذّرًا من "مسلسل الأحداث الأخيرة التّي تحوم فوق لبنان ولا تطال المنطقة فقط". وأصرّ على "تنفيذ القرار النهائي للأهالي في دير الأحمر"، موضحًا "أنّنا نُنذر اليوم القاصي والداني بأنّ الفعاليّات جميعها في الجوار اتّخذت قرارًا بمغادرتهم، ولم يعُد مرحَّبًا بوجودهم بيننا".
وتذمّر المطران رحمة من "الصخور الّتي هوجم بها باصُ الدفاع المدني الّذي يمثّل وزارة الداخلية أي الدولة اللبنانية، الأمر الّذي فاجأ الجميع" واصفًا إياه بـ"التعدّي غير المسبوق وغير المقبول، لا سيما بعدما شاهدنا "الدواعش" منذ يومين في طرابلس و"دواعشهم" مع الدفاع المدني في مناطقنا".
وبيّن أنّ "الأهالي في دير الأحمر والجوار لن يقبلوا بعد اليوم بتطاول بعض النازحين على اللبنانيين، وقرّروا بعد الحادثة ومن لحظتها التمييز والمراقبة بالعمق في المخيمات مَن اختار أن يكون لاجئًا أو نازحًا أو "داعشيًّا". وأشار إلى أنّ "الحرش الّذي تمّ إحراقُه دُفعت أموال طائلة لتشجيره"، ملمّحاً الى أنّ "الحادثة مفتعلة، وإلّا لماذا تجمّع أكثر من 30 عنصرًا للمشاركة في ضرب العامل في الدفاع المدني عوض إطفاء الحريق أو "إطفاء" المشكل؟ فالعكس هو الّذي حصل، وتلقّت الدولة رسالةً قاسية وغير مشرّفة".
وذكر أنّ "أثناء معايدته إحدى العائلات منذ يومين بمناسبة عيد الفطر، رووا له عن تكاثر الإشكالات بين اللبنانيين والسوريين في المنطقة، الّتي غالبًا ما يتمّ فيها سحبُ سلاح بين الجانبين في "السهل" (أي سهل البقاع) وأنّ الأمر بات يتكرّر أخيرًا،"وهذا مؤشر خطر لأنّ الجميع يعلم أنّ العناصر الموجودة داخل المخيم ولا سيما الشباب يتقنون جميعًا استخدامَ السلاح بحكم تجنيدهم سابقًا حُكمًا في الجيش السوري، الأمر المقلق لأنّ هناك مخيمات عدة في المنطقة".
وعمّا إذا كانت الحادثة ستنسحب على باقي المخيّمات، أفاد رحمة بـ"أنّنا لا ندين جميع المخيمات في الجوار، بل نحذّرهم جميعًا وتحديدًا المخيم الّذي افتعل ساكنوه الإشكال على الرغم من أنّ حاجز الجيش يبعد عنه مئة متر، وعلى رغم من ذلك لم يأبه قاطنوه ولم يهابوا القوى الأمنية والعسكرية وتجرّأوا على مهاجمة الدولة ومَن يمثلها بالإعتداء ضربًا وبالصخور".
كما أيّد "طرد المجموعة الّتي تسبّبت بالإشكال"، مطالبًا بـ"معاقبتها لتكون درسًا لمَن يفكّر من النازحين بالتطاول على رموز الدولة اللبنانية"، ومؤيّدًا "انتقالهم فورًا إلى بلادهم، لأنّ مكان المواجهة ليس في لبنان، ومَن أراد المواجهة فليذهب إلى سوريا، فنحن لم نستقبله ليقاتل، إستقبلناه كضيف ونازح وإذا أراد القتال فليعُد إلى سوريا".
وعن تزامن أحداث طرابلس ودير الأحمر، أشار إلى أنّهم "يرتابون من بعض الأجهزة الّتي تتواصل مع عددٍ من سكان مخيّمات النازحين. هناك مجموعات تأتي من سوريا إلى محيط القرى المجاورة لا يتمّ تعدادُها كنازحين، هي ليست معلنة فيما يلجأ أحيانًا شبّان للاختباء في القرى المسيحية هربًا من أمر ما، وغير مُستبعد أن يكون بينهم "دواعش"، فلا أحد يمكنه تكهّن توجّهاتهم".
وركّز رحمة على أنّ "صحيحًا أنّ اليد العاملة السورية نحتاجها في لبنان واعتدنا عليها منذ القدم، وهناك الكثير من العمّال السوريين الّذين يأتون للمساعدة في الزراعة ويغادرون إلى بلادهم بعد العمل، لكن اليوم تغيّر الوضع وأصبحوا يستقدمون معهم عائلاتهم واستحسنوا منافع البقاء في أرضنا، في وقت أصبحت خيم النازحين عبارة عن منازل أكبر من منازلنا، ولم تعد خيَمًا بل صُبّت بالباطون وتبلغ مساحة البعض منها أكثر من المئة وخمسين مترًا، لأنّ المساعدات الخارجية تطمرهم، فأصبحنا نحن أكثر فقرًا منهم إلى درجة انّهم باتوا يبيعوننا المساعدات الغذائيّة الّتي يحصلون عليها كهبات".
وعن غياب الوعي الوطني، أوضح بأنّه "موجود والعيون مفتّحة لكن لم نصدّق أن تكون لديهم الجرأة على مهاجمة سيارة الدفاع المدني والتنكيل بها وبالعامل ايضًا، وكلّ ذلك فقط لأنّه لم يتمّ إبلاغُهم بقدوم الدفاع المدني على الرغم من أنّ الإطفائي كان مسرعًا لإطفاء الحريق الّذي نشب في الحرش وقد كلّفنا الكثير لتشجيره".
وحول زامن الحدثين الأمنيّين في الدير مع أحداث طرابلس، أعلن "أنّه لا يستبعد تأثير الواحد على الآخر، لأنّ ما جرى أمس في الدير يثبت أنّ هناك نوايا مرتبطة بالنظام وأتباعه، وهناك انحياز للجوّ السياسي العام، وأنّ هناك نفسيّة مندسّة فرحت بالحادثة ولم تشارك في الإطفاء بل أذكت الحريق متأثرة بالأجواء السياسية العامة الأخيرة".