احتفلت رعية مار تيودوروس الكبير في بلدة بحديدات قضاء جبيل، بتبريك وإعلان انتهاء أعمال ترميم كنائس سيدة البزاز، مار اسطفانوس الشهيد ومار نقولا (زخيا) وتثبيت ذخائر مار نقولا في الكنيسة، وإطلاق كتاب "الكنز الموروث" عن كنائس بحديدات الأثرية؛ وذلك خلال احتفال أُقيم في باحة الكنائس الأثرية بمباركة راعي الأبرشية المطران ميشال عون ممثَّلًا بكاهن الرعية الخوري إيلي العلم، وبرعاية وزير الثقافة محمد داوود ممثّلًا بالمدير العام للآثار سركيس الخوري.
ولفت العلم في عظته خلال ترؤسه القداس الإلهي، إلى أنّ "كنائس الشهداء هذه، تذكّرنا بهوية الكنيسة المارونية، الشاهدة للمسيح والشهيدة لأجله، فالكنيسة لا تتباهى فقط بأمجادها السالفة بل تعمل على رجاء الحياة والقيامة"، مبيّنًا أنّ "بحديدات تحتفل اليوم بعنصرتها، إذ هبّت فيها ريح إيمان وثقاقة هزّت منازلها والوطن، كما هزّت رياح العنصرة علية أورشليم والعالم. فانطلقت الالسن تمجد فرحا، وهبت الاقدام من كل هدب وصوب لتنظر الحدث الكبير".
وركّز على أنّ "هذا اليوم لا يُسمّى بعيد فقط، بل بفصح لأنّنا نعبر فيه من مرحلة إلى مرحلة من تاريخنا وتاريخ لبنان، من النسيان إلى العودة من الباب العريض إلى خارطة القداسة والسياحة الدينيّة، تماشيًا مع نداء البابا فرنسيس الّذي أعلن لبنان وجهة للسياحة الدينيّة"، منوّهًا إلى أنّ "بحديدات لا تستمدّ أهميّتها من آثارها فقط، بل من بطاركة القرى المجاورة الّذين مرّوا فيها وصلّوا في كنائسها".
وشدّد على أنّ "بحديدات أرض بطاركة، أرض مقدّسة وقنوبين ثانية، وأقلّ ما يُقال عن بحديدات انّها صورة عن لبنان مهد الحضارات وأرض الأديان".
أمّا سركيس الخوري فأعلن أنّ "لهذه البلدة مكانة مهمّة في وزارة الثقافة، وقد كان لنا دور أساسيّ في عمليّة ترميم الجدرانيات داخل كنيسة مار تيودوروس الأثريّة الّتي هي من أهمّ الكنائس في لبنان، ونحن ضنينون جدًّا في الحفاظ على التراث اللبناني ليس فقط لأنه مكّون من بناء حجري".
وذكر أنّ "المديرية العامة للآثار لا تهتم فقط بالحجر بل تؤمن أنّ الحجر هو من صنع البشر"، مشيرًا إلى أنّ "ذلك يعود إلى تاريخ مجتمعنا واجدادنا وأبائنا الذين كانوا يعيشون في هذه الارض وللتضحيات التي قدموها من اجل بناء مداميك هذه الكنائس الاثرية المتميزة بالتراث الماروني الذي يرمز الى الفقر والتواضع".
وأكّد "ضرورة الحفاظ ليس فقط على النسيج العمراني بل أيضًا على النسيج الاجتماعي"، مفيدًا بأنّ "لدى وزارة الثقافة الكثير من التطلّعات للمواقع الموجودة على لائحة التراث العالمي، وهذا فخر واعتزاز لنا كلبنانيين مقارنة مع الدول الكبرى الأُخرى". وذكّر بأنّ "وادي قنوبين هو الموقع الماروني الوحيد على لائحة التراث العالمي"، لافتًا إلى أنّ "التراث الكنسي غني جدًّا في لبنان، ولكن للأسف في هذه الأيام لا يتمّ المحافظة عليه كما نريد".
وركّز على "ضرورة الحفاظ على هذا الإرث الكنسي لنتركه للأجيال المقبلة"، داعيًا الشباب إلى "التعلّق بإرثهم وتاريخهم خصوصًا في ظلّ الأزمات الّتي يتعرّض لها لبنان في هذه الأيام". ونوّه بـ"الجهود الّتي بُذلت لترميم هذه الكنائس"، مؤكّدًا أنّ "بالرغم ممّا تعرّض له أجدادنا في السابق، إلّا أنهم ظلوا متمسكين بأرضهم وأصبح تاريخهم أثمن من كلّ شيء".