أجريت في كازاخستان انتخابات رئاسية غير عادية في التاسع من حزيران، وتميزت بأهميتها التاريخية في هذه الجمهورية الفتية المستقلة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وجذب هذا الحدث انتباه العديد من وسائل الإعلام والصحافة العالمية. وللحقيقة فهي المرة الاولى منذ 30 عامًا التي لم يكن الرئيس الاول للبلاد نور سلطان نزارباييف ضمن المرشحين، ففي اذار 2019، تنحى نور سلطان نزارباييف أول رئيس لكازاخستان منذ الاستقلال وتنازل عن صلاحياته كرئيس للدولة طوعًا. وبموجب الدستور، انتقلت مهام الرئيس إلى رئيس مجلس الشيوخ، قاسم جومارت توكاييف الذي أعلن في 9 نيسان عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
اضافة الى قاسم جومارت توكاييف، الذي ترشح باسم الحزب الحاكم "نور أوطان"، انضم الى المعركة الرئاسية الانتخابية 6 مرشحين آخرين من مختلف الأحزاب السياسية والجمعيات العامة وهم جامبيل اخميتبكوف عن الحزب الشعبي الشيوعي، دانيا ايسابييفا عن حزب "اك غول" (طريق الحقيقة)، أميرجان كوسانوف مرشحاً عن الحركة الوطنية "مصير الأمة"، وتولاتاي رخيمبيكوف من حزب أويل "القرية"، وأمان - جيلدي تاسبيووف عن اتحاد النقابات العمالية في كازاخستان وصديق - بيك توغيل عن الاتحاد الاجتماعي عن جمعية (أولي دالا كيرنداري) نسور السهوب العظمى.
وتمت عميلة الانتخاب لرئيس كازاخستان عبر افتتاح حوالي 10 آلاف مركز اقتراع في جميع أنحاء البلاد و في خارجها. وبمشاركة من قبل المراقبين لنزاهة وشفافية الانتخابات الرئاسية الذين بلغ عددهم 1013 مراقب كممثليين عن 9 منظمات دولية و 41 دولة في العالم.
واصدرت لجنة المراقبة الدولية للانتخابات الرئاسية والمنبثقة عن منظمة الامن والتعاون في أوروبا تقريراً عرضت فيه عبر بيانها عن نتائج الانتخابات، وأقرت أنه لم تحدث انتهاكات كبيرة أثناء عملية التصويت. واشاد ممثلو المنظمات الدولية الأخرى بالأجواء الانتخابية الهادئة والممارسة الشفافة للعملية الديمقراطية، مثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وكذلك بعثة منظمة شنغهاي للتعاون، ومراقبون من كومنولث الدول المستقلة "CIS". وشاركت الصحافة العالمية في تغطية عملية التصويت وبلغ عدد المراسلين الاجانب 227 مراسلًا أجنبيًا من أكثر من 40 دولة .
واشارت لجنة الانتخابات المركزية الرسمية في بيانها إلى أن قاسم جومارت توكاييف قد حقق فوزًا ساحقًا في الانتخابات، حيث أدلى أكثر من 70٪ من الناخبين بأصواتهم لصالحه. وهذا يعني أن الغالبية العظمى من سكان كازاخستان تؤيد الحفاظ على استمرارية السلطة والاستقرار والوئام بين الأعراق في البلاد. وكان الرئيس الحالي قد اعتمد واعلن هذه النقاط في برنامجه الانتخابي. وعبر المعارضون للحكومة الحالية عن ارائهم وقالوا كلمتهم. وحاز أميرجان كوسانوف مرشح الحركة الوطنية "على أكثر من 16٪ من الأصوات، وهو رقم قياسي لا يستهان به بالنسبة لكازاخستان".
وبعد إعلان النتائج الرسمية، اعترف مرشح المعارضة بهزيمته وهنأ قاسم جومارت توكاييف على فوزه. واعتبر الخبراء السياسيين ان هذه الخطوة هي إشارة إيجابية لها مدلولات حقيقية عن التفاهم والتعايش المتبادل لوجهات النظر المختلفة في الحياة السياسية الكازاخستانية.
ولم يمر اليوم الانتخابي من دون احتجاج. وعرضت القنوات التلفزيونية في جميع أنحاء العالم مشاهد عن قمع الشرطة لتظاهرات غير عفوية في العاصمة، ولم يكن هناك من بين المتظاهرين أي مؤيدين لأي مرشح معارض، بل كانوا مواطنيين من البلاد حرضهم من الخارج "المصرفي الهارب" مختار أبلازوف وأنصار حركته. وبدلاً من النضال النزيه والتنافس الشفاف على اعلى منصب رسمي في البلاد، كان مطلبهم إلغاء الانتخابات ورفض اي حوار مع السلطات. وتم اشاعة هكذا وجهات نظر متطرفة مماثلة في كازاخستان اليوم من قبل جزء صغير من سكان البلاد.
وأظهرت الانتخابات الماضية اقبالاً وطنيا من الناخبيين المحليين، فقد بلغت نسبة الاقتراع 77٪ من الناخبين الذي ادلوا باصواتهم في صناديق الاقتراع في ذلك اليوم. وعليه، فقد اتخذت كازاخستان الخيار الأكثر أهمية لها ولمصلحتها، الا وهو الاستقرار والازدهار الاقتصادي، وتعزيز الدولة، وبالطبع بالاضافة الى تطوير وتعزيز الديمقراطية.