لأننا في زمن امتحانات آخر السنة، المدرسية والجامعية، ولا سيما في اختصاصات العلوم السياسية والعلاقات الدولية، فحبذا لو أن أحد الأسئلة التي يجب ان تُطرَح على الطلاب في اختصاص الديبلوماسية والعلاقات الدولية، هو هذا السؤال:
ما هو عدد الأسفار التي قام بها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل منذ تسلمه وزارة الخارجية؟ وما هو عدد مؤتمرات الطاقة الإغترابية التي انجزها؟
***
الداعي إلى هذه الأسئلة أن ما قام به الوزير جبران باسيل من أسفار، لم يسبقه إلى عددها مَن سبقوه في وزارة الخارجية من زمن كميل شمعون حتى اليوم.
جبران باسيل يصح فيه القول إنه "الديبلوماسي الطائر"، ونكاد أن نقول انه أمضى في الجو أكثر مما أمضى على الأرض: من فرنسا إلى بريطانيا إلى إيرلندا إلى إيطاليا إلى روسيا إلى الولايات المتحدة الأميركية إلى اسبانيا إلى بلجيكا الى ارمينيا إلى غيرها من الدول، هذا عدا الدول العربية والافريقية.
***
ليس مهمًا عدد الأسفار فحسب بل نمط الأسفار الذي استحدثه الوزير باسيل، بمعنى ان كل "سفرة" كانت تُنجِز أكثر من ملف:
ملف العلاقة بين لبنان والدولة التي يزورها.
ملف الجالية اللبنانية في تلك الدولة.
ملف المتفوقين اللبنانيين في تلك الدولة أيضًا.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، وفي أثناء زيارته الأخيرة لأيرلندا، ألتقى لبنانيين لامعين في مجالات عملهم، التقط معهم صورًا تذكارية، وغرَّد عبر حسابه على تويتر قائلًا:
"مع احلى شباب بايرلندا... عم يشتغلوا بأهم شركات عالمية متل LinkedIn Google Amazon وغيرهما... من بين كل اللقاءات هيدي أهمها بالنسبة الي... انتو فخر لالنا وين ما كنتوا".
***
في الزيارة الى ايرلندا، لا بد من التنويه ان الوزير باسيل هو أول وزير خارجية لبناني يزور هذا البلد ويلتقي المغتربين فيه، ويقول لهم: "انتم موجودون في دولة تشبهنا من حيث القيم الانسانية والوطنية. لا نعرف عددكم لكننا نعدكم بفتح قنصلية تعمل على جمعكم ورعايتكم، نطلب منكم ان تكونوا وكلاء للاقتصاد اللبناني، ان تستهلكوا وتسوّقوا منتجاتنا. كذلك امامكم فرصة لتعزيز العلاقة وبناء الشراكة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وهو قطاع خدماتي اساسي يمكن للبنان ان يستفيد منه بالتعاون مع ايرلندا ذات الخبرات العالية في هذا المجال".
***
الحدث الأكبر كان في العاصمة البريطانية لندن حيث اعد السفير اللبناني في بريطانيا رامي مرتضى برنامجًا حافلًا للوزير باسيل، من بنوده:
محاضرة لطلاب جامعيين لبنانيين، ولقاء مع الجالية اللبنانية في لندن.
لقاء نظيره البريطاني جيريمي هانت بحضور الوفد المرافق وناقش معه العلاقات الثنائية وكيفية تعزيزها خصوصا من خلال توقيع إتفاقية شراكة إقتصادية لإدارة مرحلة ما بعد خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الاوروبي في الخريف المقبل.
وطالب باسيل نظيره بتسهيل إجراءات تصدير المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية الى بريطانيا وطالبه بتعيين موفد تجاري خاص لرئيسة الوزراء البريطانية الى لبنان. كما شكره على المساعدات التي تقدمها بلاده الى لبنان ولاسيما مساعدة الجيش اللبناني والقوى الامنية متمنيا الاستمرار في تقديمها.
وفي المحطة اللندنية أيضا لقاء وزير التجارة الخارجية ليام فوكس وقد بحث معه سبل تعزيز التبادل التجاري والإستثماري في لبنان كما طالب الوزير باسيل الوزير البريطاني بتشجيع الشركات البريطانية على الاستثمار في لبنان ودعاه لزيارة لبنان على رأس وفد من هذه الشركات، كما عرض الوزير البريطاني تجربة بلاده في مجال إستقطاب الإستثمارات الاجنبية.
***
بصمات السفير اللبناني في لندن رامي مرتضى واضحة في كل تفاصيل الزيارة ونجاحها. السفير مرتضى هو الديبلوماسي المخضرم الذي يحمل إرثًا ديبلوماسيًا قل نظيره ، فهو تنقَّل في المسؤوليات الديبلوماسية من عُمان إلى روما إلى بلجيكا حيث كان سفيرًا استثنائيًا ما دفع ملك بلجيكا فيليب الاول إلى منحه وسام التاج الملكي البلجيكي من رتبة الصليب الاكبر.
إلى الإدارة المركزية حيث كان مستشارا لوزير الخارجية، وتولى بنجاح عدة ملفات ثم إلى لبنان منذ قرابة عامين، وقد بدت بصماته واضحة في كل النشاطات اللبنانية في العاصمة البريطانية، سواء في الإعداد لمنتدى الاعمال والاستثمار اللبناني البريطاني والذي اعتُبر حدثا غير مسبوق لناحية التواصل مع القطاع الخاص وتقديم الفرص الاستثمارية في الاقتصاد اللبناني، ولا سيما في البنى التحتية والنفط والغاز والخدمات المالية، وحشد المنتدى ما لا يقل عن 250 شركة بريطانية وعالمية.
***
هكذا، الديبلوماسية الناجحة تستلزم رئيسًا للديبلوماسية في قمة الديناميكية، هو الوزير جبران باسيل، وسفراء ناجحين مبادرين كالسفير رامي مرتضى.