قبل أن تغزو الشائعات شواطىء لبنان تحرك المجلس الوطني للبحوث العلمية على طول الشط اللبناني وأجرى الدراسات اللازمة لتبيان الاماكن الصالحة للسباحة، وتحديد تلك الملوثة ونسبة تلوثها، فكانت النتيجة أن 14 موقعا من أصل 26 تمت دراستهم من الشمال الى الجنوب يشكلون نقاطا صالحة للسباحة، اهمها شاطئ البترون وشاطئ صور.
منذ ما يزيد عن 35 عاما يقوم المركز الوطني لعلوم البحار بمراقبة شهرية للحالة البكتيرية لمياه الشاطئ اللبناني الممتد من العريضة شمالا حتى الناقورة جنوبا، وذلك بأخذ عينات شهرية من 26 محطة، فتؤخذ العينات من على سطح الماء وحتى عمق 50 سنتم، وتعتبر هذه المحطات الثابتة مصدرا علميا موثوقا لنشر المعلومات العلمية، وتتضمن، مسابح شعبية، المناطق بالقرب من مصبات الأنهار، شواطئ رملية وصخرية غير خاصة، ونقاط قريبة من المعامل الصناعية تعتمد أرقامها لاجل المقارنات.
يؤكد المركز أن مؤشرات التلوث البكتيري المعتمدة في هذه الدراسة هي نسب المستعمرات (colonies)، وفق المعايير المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، وهي العقديات البرازية، والقولونيات البرازية، مع التشديد على ان كل محطة تمثّل جزءاً محدودا من الموقع، ولا يمكن اعتبارها ممثلة للحالة البيئية للمنطقة كلها.
بالنسبة الى الأرقام وكيفية قراءتها، فالمياه تكون بحالة جيدة جدا الى جيدة طالما أن أرقام المستعمرات البكتيرية هي من 1 الى 200 في 100 كل مليلتر من مياه البحر، وحذر الى حرج غير مأمون من 201 الى 500 مستعمرة بكتيرية في كل 100 مليلتر من مياه البحر، وملوثة الى ملوثة جدا اذا تخطى العدد 500 مستعمرة بكتيرية في كل 100 مليلتر من مياه البحر.
في المنية عند الشاطئ الرملي العام يمكن السباحة، مع العلم أن هذا الشط يعتبر مقصدا لهواة السباحة، وتحده المطاعم الصغيرة والمقاهي، كذلك في نقطة طرابلس قرب الملعب البلدي، بينما الوضع يسوء للغاية في نقطة القليعات قرب المطار حيث لا تصلح المياه للسباحة، ويعتبر الشاطئ غير مؤهل لاستقبال الزوار، وفي نقطة طرابلس (جزيرة عبد الوهاب)، كذلك في نقطة الشاطئ الشعبي في طرابلس، وهنا تُطرح علامة استفهام كبيرة عن دور أصحاب المنتجعات الخاصة والبلدية بترك المكان العام ملوثا بدرجة كبيرة حيث تصب فيه عدة مجار للمياه الآثنة.
في أنفة دير الناطور، حيث الشاطىء الصخري يزيّن المنطقة، تعتبر المياه نظيفة وصالحة للسباحة، وهنا يحذّر المركز بأن مجرى للصرف الصحي يظهر ويختفي في تلك المنطقة، ما يمكن ان يؤثر على نوعية المياه بالمستقبل، مشددا على ضرورة ازالته بأسرع وقت ممكن. أما في منطقة الهري، حيث الشاطىء الرملي يشكل مقصدا لأعداد كبيرة من اللبنانيين، أبرزت الفحوصات وجود نسبة كبيرة من الملوثات، وصنفت المنطقة بالحذرة، مع احتمال وجود تلوث كيميائي، نظرا لموقع الشاطئ وقربه من أحد أكبر معامل الاسمنت.
بالمقابل في نقطة كوبّا بسلعاتا، لا يمكن السباحة اطلاقا، فالمياه ملوثة جدا بملوثات كيميائية، وهذه النقطة تأتي على مقربة من معمل "كيماويات سلعاتا". في البترون- الحمى، كيث يوجد محمية طبيعية، حالة المياه جيدة جدا، وصالحة للسباحة، كذلك في نقاط جبيل- البحصة، والشاطئ الرملي في جبيل، والفيدار، والعقيبة نهر ابراهيم، وطبرجا ونقطة جونية المعاملتين فالمياه بحالة جيدة جدا، وصالحة للسباحة.
في الضبية لا يمكن السباحة فالمياه ملوثة جدا، حيث تصل معدلات التلوث البكتيري في الـ 100 مليلتر الى 5000 مستعمرة، وهذه النقطة يقصدها عدد لابأس به من اللبنانيين يوميا، ومعظمهم من الفئات الفقيرة، كذلك في انطلياس –مصب نهر انطلياس حيث عدد المستعمرات في كل 100 مليلتر يصل الى 36000 مستعمرة، وهو رقم ضخم جدا يجعل المياه مرضا متحركا.
في بيروت عدد النقاط الملوثة كبير، ولكن في نقطة عين المريسة، بين مرفأ الصيادين الجديد والريفييرا، فالمياه صالحة للسباحة، بينما هي سيئة جدا أسفل منارة بيروت، وشاطئ الرملة البيضاء. بالتوجه جنوبا، يعتبر شاطئ الدامور صالحا للسباحة وحالة مياهه جيدة جدا، تتحول الحالة الى حذرة في الرميلة-دير المخلص، لتصبح السباحة غير مأمونة في شاطئ صيدا الشعبي، ومثلها في نقطة الصرفند. اما في نقطة شاطئ صور الشعبي والذي حصد المركز الرابع كأجمل شواطىء الشرق الأوسط، فإن حالة المياه جيدة جدا، ونسبة المستعمرات في 100 ملل لا تتعدى الـ 63 مستعمرة فقط، ولنصل أخيرا الى نقطة الناقورة حيث المياه جيدة جدا أيضا.
العار هو أن تحوّل السلطات المياه الآثنة الى الشواطئ العامة، فتعرض الفقراء لخطر التسمم وربما الموت، ولكن ليست الصورة سوداء قاتمة، خصوصا بعد النتائج الأخيرة، وما على المواطنين سوى التنبه.