مع تحوّل مخيمات النازحين السوريين، والتي تُنشأ عادة لفترة زمنية محدودة، إلى مستوطنات طال العيش فيها، بدأت الأضرار المترتّبة عنها تظهر خصوصاً على المستوى البيئي. ورغم اتخاذ القوى الأمنية قرارات عديدة(1) للحدّ من انتشار هذه المخيّمات وعدم الوصول إلى "شرعنتها"، يبقى استمرار تواجدها أزمة على كافة الصعد. في هذا الإطار، تعمل المؤسسات الرسميّة والوزارات على دراسة الأثر البيئي والأضرار الناجمة عن الكثافة السكانيّة الموجودة داخل هذه المخيمات.
آخر الدراسات التي أُنجزت هي تلك التي قامت بها مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، حيث أجريت دراسة على الأثر البيئي الناتج عن المخيّمات النازحين السوريين في منطقة مرج الخوخ–مرجعيون. وظهرت بنتيجتها، ومن خلال نتائج الفحوصات المخبرية التي تقوم بها المؤسسة دورياً، وجود ارتفاع في معدلات التلوث البكتريولوجي للمياه الجوفيّة لآبار مرج الخوخ. كما أشارت المؤسسة إلى أن تواجد المخيمات داخل حوض مسقط المياه التي تغذي هذه الآبار تشكل سبباً في تلوث المياه الجوفيّة، بسبب الحفر الصحيّة غير المطابقة للمعايير البيئيّة في بعض المخيّمات وبسبب الرمي والحرق العشوائي للنفايات الصلبة داخل جميع المخيّمات.
في هذا السياق، أوضحت مصادر مؤسّسة مياه لبنان الجنوبي عبر "النشرة"، أن "المؤسسة تجري فحوصات دوريّة على المياه الجوفية والسطحية الموجودة ضمن نطاق عملها، مستخدمة المختبرات الخاصة فيها والموجودة في كل الدوائر من صيدا وحتى الناقورة"، لافتة إلى أن "الفحوصات أثبتت وجود تلوّث في مجرى المياه الجوفية، لذا نحن نراسل ونطلب من المؤسسات المعنيّة إبعاد اسباب التلوث عن "حرم مصدر المياه" لأن المياه الجوفية هي عبارة عن مجرى للمياه وليست نقطة لذا علينا حمايته".
وأوضحت المصادر أن "الحفر الصحّية التي وجدناها لا تعتمد المعايير البيئية اللازمة. ففي المخيمات التي لم تقم المنظمات الدولية بحفر حفر صحية فيها، كان بعض النازحين يرمون المياه الآسنة على سطح الأرض، وبالتالي فإن التلوث الحاصل سطحي وجوفي"، لافتة إلى "أننا نعتمد الأساليب والمعايير العلمية أثناء الفحوصات التي نقوم بها"، ومشيرة إلى أن "أننا كمؤسسة لدينا صلاحيات لحماية المياه وفق القانون، ونحن دائماً نعمل على حل أي مشكلة بالطرق الايجابية أولاً ما يعزز ثقة المواطنين بعملنا".
بناءً على ما سبق، أوصت الدراسة بأنه نتيجة تواجد المخيمات في حرم حوض الآبار، يجب على الوزارات والإدارات المعنيّة اتخاذ الاجراءات اللازمة لإبعاد جميع هذه المخيّمات من حوض مسقط المياه في منطقة مرج الخوخ.
تتضافر الجهود في الفترة الأخيرة للعمل على حماية المياه الجوفية والسطحية في لبنان من الأضرار الناجمة عن مخيمات النزوح السوري. فإضافة إلى عمل مياه لبنان الجنوبي ووزارة البيئة، تعمل أيضا المصلحة الوطنية لنهر الليطاني على إزالة التعدّيات على مجرى النهر، حيث بنى عدد من النازحين بيوتاً وخيماً على المجرى إضافة لتحويل مياه الصرف الصحي لهذه الخيم إلى مجرى النهر.
بدأت نتائج وتبعات أزمة النزوح السوري تتفاقم على المستوى البيئي، مما يتطلب من الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذا الخطر، حتى الوصول إلى الحل الشامل القاضي بإعادتهم إلى سوريا.
1 –قرار مجلس الدفاع الأعلى بازالة الباطون والجدران الإسمنتية داخل مخيمات النازحين السوريين، وقرار الأمن العام اللبناني بمنع إدخال مواد البناء إلى المخيمات.