يسأل اللبناني بأسف وأسى: لماذا هناك محاسبة في كل دول العالم إلا في لبنان؟ ويسأل أيضًا: إلى متى سيبقى البلد على هذا المنوال؟
يقرأ اللبناني ما يجري في دول العالم، فيتمنى لو أنه مواطنٌ في إحدى هذه الدول التي تقيم وزنًا للقانون والأنظمة المرعية الإجراء.
***
المثال الأقرب إلى ذلك "أمنا الحنون" فرنسا، في تلك الدولة "لا مزح": الدستور دستور والقانون قانون، لا مواربة ولا تغطية على أحد مهما علا شأنه، والتاريخ المعاصر في تلك الجمهورية يُنبئ بذلك:
يخبرنا التاريخ المعاصر عن فضيحة المجوهرات التي حصل عليها الرئيس الفرنسي، فاليري جيسكار ديستان، من قبل بوكاسا، ديكتاتور أفريقيا الوسطى.
ويخبرنا التاريخ عن فضيحة رئيس الوزراء، جاك شابان ديلماس، الذي تهرّب من الضريبة خلال أربع سنوات.
ويخبرنا التاريخ المعاصر عن فضيحة السكن الاجتماعي، التي كان الرئيس جاك شيراك وآلان جوبيه ضالعين فيها.
***
وتخبرنا الأوراق الحديثة جدًا عن "رشوة" الخمسين مليون يورو التي "شحنها الرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي إلى صديقه "نيكولا ساركوزي" لتمويل حملته الإنتخابية التي أوصلته إلى قصر الاليزيه. والمعروف عن ساركوزي حبّه للمال والهدايا، حتى انه صرَّح ذات مرة بما يلي: "إذا بلغتَ سنَّ الخمسين وأنت لا تملك ساعة رولكس من ذهب الـ 24 قيراط فقد خسرتَ حياتَكَ".
***
جميع الذين تقدَّمت اسماؤهم، لم يقعوا في الفضيحة فحسب بل تمت ملاحقتهم قضائيًا: من فاليري جيسكار ديستان إلى نيكولا ساركوزي، وما بينهما: التقى القضاء الفرنسي مع الإعلام الفرنسي عند فتح كل الملفات وصولًا إلى مثول المتهمين امام القضاء.
هكذا كان المواطن الفرنسي يطمئن إلى ان جمهوريته بخير وقضاءه بخير وإعلامه بخير. وبعد هذه الفضائح يَندر ان يجد المواطن الفرنسي مسؤولًا "مدَّ يده" على الأموال العامة وعلى خزينة الدولة، وإذا حصل ذلك فإن الإعلام يتحرك بصورة عفوية والقضاء يتحرك بصورة تلقائية، ولا خيمة فوق رأس أحد.
***
يقرأ اللبناني بأسف وأسى هذه الأخبار عن "الأم الحنون"، يتطلع من حوله فماذا يجد؟
كم من "بوكاسا التعهدات" أهدى مجوهرات إلى هذا المسؤول أو ذاك؟
كم من ساعة "رولكس" أو غيرها من الماركات الفاخرة تحملها إيدي، وسعرهم كان ولا يزال ساعة بلاستيك.
مساكين المسؤولون لدى "الأم الحنون"! يرضون بجوهرة أو بساعة "رولكس"!
ما هذا القحط، تعالوا إلى لبنان وانظروا بأم العين إلى "عجائب الرشاوى":
موظف برتبة مديرعام سُجِّلت باسم زوجته شقة فاخرة في أحد أهم الشوارع في العاصمة، وبات يمتلك "شاليه" على البحر في أحد أهم المنتجعات السياحية، هذا الموظف هو الذي سهَّل إعطاء ترخيص لمشروع حامت حوله عدة شُبُهات.
موظف فئة أولى في إدارة حساسة وعلى تماس مباشر بالمشاريع، بات يملك شقة في باريس وشقة في قبرص وشقة في اليونان، وقد دخل في شراكة مع احد كبار رجال الأعمال في مشروع كبير في إحدى الدول الأفريقية.
***
تريدون أكثر؟
يوجد....