قبل يوم واحد من تصويت رابطة المندوبين في الجامعة اللبنانية على قرار نقض الإضراب السبت الماضي، اجتمع ممثلو جميع الأحزاب في الجامعة اللبنانية: تيار المستقبل، حزب الله، حركة أمل، التقدمي الاشتراكي، التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، وكل باقي الأحزاب التي تتمثّل في رابطة المندوبين برئاسة علي رحال، وهذا ما جرى...
بدأ النقاش يومها من المكان الذي انتهت اليه وعود وزير المال علي حسن خليل بإلغاء عبارة "تدريجيا" من تخفيض التقديمات لأساتذة الجامعة وتحديدا التقديمات المخصصة لتعليم الأبناء، وكان اللافت التزام الاحزاب جميعها دون استثناء بقرار تثبيت تعليق الاضراب.
في هذا السياق تكشف مصادر مطلعة عبر "النشرة"، أن النقاش كان حول "تأمين النصاب" او عدم تأمينه، وتم اخيرا الاتفاق على تأمينه والتصويت لتعليق الاضراب لعودة الجامعة الى حياتها الطبيعية.
في ذلك اللقاء كان العمل على كل إسم من أسماء المندوبين، وكل ممثل حزبي يتلقف الإسم ويعلن ما اذا كان مضمونا تصويته أم لا، فرست النتيجة بحسب المصادر على أن جاء الاقتراع لصالح تعليق الاضراب بـ85 مندوبا، وبالتالي كانت النتيجة محسومة. وهنا تشير المصادر الى أن المطلعين على ذلك اللقاء كانوا يعلمون بأن النتيجة ليست دقيقة، خصوصا وأن بعض ممثلي الأحزاب تعاطوا بخفة مع الملفّ، لذلك كانت النتيجة في يوم التصويت لصالح تثبيت الاضراب.
وتكشف المصادر أن ممثلي حزب القوات اللبنانية لم يلتزموا بقرار حزبهم المُعلن، فجاء تصويتهم على عكس ما كانوا قد صرحوا به في اللقاء، وبنسبة أقل كان تصويت أساتذة الاشتراكي والمستقبل وحركة امل وحزب الله، ومثلهم التيار الوطني الحر، مع العلم أن عدم التزام المندوبين بقرار أحزابهم، كان لافتا، حيث أن كل هؤلاء اختاروا الانحياز لمصالحهم، لا مصلحة أحزابهم، التي تقف حائرة بين الأساتذة والطلاب وأهاليهم.
لا شك أن نتيجة التصويت أفرحت رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة أساتذة الجامعة اللبنانية يوسف ضاهر، وهو المحسوب على المستقلّين، والذي تبوأ منصبه بعد "زعل" التيار الوطني الحر وخروجه من الهيئة التنفيذيّة، ولا شك أن قرار ممثل حزب الله بالهيئة الاستقالة من حزبه والثبات على موقفه المطالب باستمرار الاضراب كان لافتا أيضا، ولكن بعد فرحة "النصر" بساعات قليلة، طرح التساؤل الأهم على "غروبات" الاساتذة وامام الهيئة التنفيذية: ماذا نفعل الآن؟!.
بداية تلفت المصادر النظر الى أن عودة الهيئة التنفيذية للرابطة الى مجلس المندوبين لتثبيت قرارها بشأن تعليق الاضراب أو نقضه يعني أنها تخلّت عن صلاحياتها مرّة، وعليها ان تتخلى عنها في كل مرة، اذ انها اليوم لم تعد قادرة على تحديد الموقف من الاضراب، او أي إضراب بالمستقبل، وأي قرار جديد يجب أن يصدر عن مجلس المندوبين لا عنها. وتضيف: "اليوم باتت رابطة الاساتذة المتفرغين في زاوية ضيّقة، خصوصا بعد أن أصبحت مطالبها في الأيام الماضية محصورة بطلب إلغاء تخفيض تقديمات الأساتذة، ما يعني أن مطالب تحسين الجامعة وتطويرها وزيادة موازنتها سقطت على درب الاضراب، فباتت الامور غير متعلقة بمصير جامعة الوطن، كما يقول بعض الطلاب الداعمين للاضراب، بل متعلقة بمستقبل أبناء الأساتذة".
وعليه، نتيجة لما حصل، وبعد ان كان امام الاساتذة فرصة للعودة عن الاضراب بعد تحقيق نتائج إيجابيّة بشأن عدم المسّ بموازنة الجامعة، والوعد بنيل الدرجات الثلاث، والخمس سنوات إضافية، ثبّت الإضراب، فباتت فروع الجامعة تغنّي على هواها، اذ تكشف المصادر أن الأسبوع الحالي سيشهد تعليما طبيعيا في بعض الفروع، وبات الامر متعلّقا بموقف كل أستاذ، فمنهم من يرغب بإنهاء محاضراته قبل عطلة آب، ومنهم من اختصر مادته لتجنب الأسوأ، وبقي الطالب ضائعا لا يعلم مصير عامه، رغم أننا لن ننكر وجود طلاب لا يبالون بعامهم، والدليل غيابهم عن محاضرات الأسبوع الماضي الذي شهد تعليق الاضراب ليومين.
كان لدى رئاسة الجامعة تصورا عملت عليه فترة لرفع عدد طلاب الجامعة اللبنانية العام المقبل الى 100 ألف طالب، ولكنها اليوم قد تجد نفسها امام انخفاض بأعداد الطلاب، خصوصا عندما تعمد وزارة التربية الى نشر إعلان الجامعات الخاصّة لتشجع اللبنانيين على التسجيل فيها، ولعلّ خروج الجامعة اللبنانيّة من تصنيف مؤسسة "كيو أس" البريطانية العالمية المتخصصة بالتعليم العالي، أبرز دليل على حالتها.
جامعة الوطن ليست بخير، فهل من بينكم من يكون "حكيما" لإنقاذها؟.