بات شبه محسوم أن لقاء سيعقد هذا الاسبوع بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، يحلو للبعض تسميته بلقاء "المصارحة والمصالحة"، الا أن حقيقة الوضع أن اللقاء سيكون مصيريا لجهة تحديد ما اذا سيتم خلاله الاتفاق على استعادة التحالف الاستراتيجي بين الحزبين، أو تخصيصه حصرا للبتّ بكيفية ربط النزاع الذي انفجر الشهر الماضي، لتصبح علاقة الحريري–جنبلاط أشبه بعلاقة الحريري–حزب الله والتي يحكمها منذ سنوات التفاهم على "ربط النزاع".
ويمكن الحديث عن جناحين سواء في "المستقبل" أو في "التقدمي الاشتراكي"، الاول يصرّ على تصوير ما حصل أخيرا بـ"غيمة الصيف العابرة" والثاني يؤكّد انه لم يكن الا غيضا من فيض التباينات والخلاف المستحكم بين الحزبين منذ فترة، رغم نجاح معظم محاولات عدم تظهيره الى العلن. ويسعى الفريق الأول لاستعادة بعض "أمجاد" 14 آذار اقتناعا منه أن تباعد مكوّناته يؤدّي مع مرور السنوات لاستفراد فريق 8 آذار بشكل متفرّق بكل مكون من مكوّنات 14 آذار لتحجيمه والقضاء عليه، وبأن تلاقي هذه المكونات مجددا، رغم خلافاتها غير الاستراتيجيّة، يقوّيها ويعزز دورها ويمنع الغاء دورها. أما الفريق الثاني فيعتبر أن الحزبين سلكا مسارين سياسيين مختلفين منذ سنوات، فـ"المستقبل" الذي سار بالتسوية الرئاسيّة متمسك بها ويقدم كل التضحيات اللازمة للحفاظ عليها، فيما "الاشتراكي" يحاول لعب دور المعارضة من داخل الحكومة وصفوف السلطة، ما يجعلهما في موقعين مختلفين تماما يصعّب تلاقيهما مجددا.
وترفض مصادر "التقدمي الاشتراكي" الحسم بما ستؤول اليه النقاشات الناشطة بعيدا عن الاضواء بين الحزبين والمتوقع ان تتوج قريبا بلقاء الحريري–جنبلاط، قائلة لـ"النشرة": "نحن لن نستبق نتائج النقاشات، لكننا نتجه الى ايّ لقاء بايجابيّة وسيُبنى على الشيء مقتضاه بعد اي اجتماع، وان كنا نتمنى أن يكون ما حصل سحابة صيف عابرة فنؤسس لمرحلة جديدة من التعاون المشترك مع "المستقبل".
ولا تخفي المصادر أنه لولا المسعى الذي قام يه رئيس المجلس النيابي، لكانت الامور وصلت الى مرحلة قد يصعب بعدها استئناف الحوار سريعا، معتبرة انه "دائما في المنعطفات الصعبة يبرز دور بري كمرجعية تسعى لتحقيق التقارب من اللبنانيين والحدّ من التوتر الداخلي وتعزيز الاستقرار"، مضيفة: "لم يعد خافيا على أحد انه كما سعى لرأب الصدع بيننا وبين حزب الله، يقوم بهذا الدور اليوم مع الحريري".
وتشدد المصادر على ان ما حصل يؤكد اننا "لا نقوم بالنقاش لأجل النقاش، انما نطرح وجهة نظرنا من القضايا السياسية الوطنية ورؤيتنا لكيفية الحفاظ على التوازن الداخلي وحماية الاستقرار، وتفعيل العمل الحكومي بما يتلاءم مع اتفاق الطائف بكل مندرجاته الميثافية والسياسية، لذلك بادرنا فورا بعد انفجار السجال الى التهدئة ونقل النقاش الى غرف الاجتماعات المباشرة بدل أن يكون عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل". وختمت: "نحن سنذهب الى أي حوار بكثير من الانفتاح والتفاؤل، وبخلفيّة مشاركتنا بادراك تام للمحطات النضاليّة الكبيرة التي جمعتنا مع الحريري بمواقع مختلفة".
بالمحصّلة، يبدو واضحا أن ترميم ما انكسر مؤخّرًا بين "المستقبل" و"التقدمي الاشتراكي" لن يكون بالمهمّة السهلة، وأن كل حديث عن توجه سريع لتمتين التحالف السياسي بينهما هو اقرب الى أمنيات البعض منه الى الواقع، ما يعزز خيار التوصّل لتفاهمات من نوع "الحدّ الأدنى" الأقرب الى ربط النزاع.