بين ان يكون حُطام صاروخ مضادّ من طراز"اس200" من ضمن دُفعة الصواريخ التي أطلقتها الدّفاعات الجويّة السوريّة باتجاه الغارات "الإسرائيليّة"، او ان يكون حطام طائرة "اسرائيليّة" أسقطتها تلك الدّفاعات خلال العدوان الأخير على حمص ومحيط دمشق ليل الأحد الماضي، بقي الجسم الحربي المجهول الذي تحطّم في شمال قبرص مثار زوبعة من التساؤلات حيال ماهيّته.. ففي حين أعلن وزير خارجيّة شمال قبرص انّ الجسم المحطّم يعود إما لطائرة تحمل متفجّرات، او لصاروخ، جنحت تقديرات عسكريّة الى اعتباره حطام مقاتلة حربيّة من طراز "اف35" او "اف16 "، قبل ان تنقل معلومات صحافيّة روسيّة عن مصدرعسكري روسي وصفته ب" الموثوق"، إشارته الى "حسم قرار هامّ" وتغيُّرجذري مُرتقب في الردّ الدّفاعي السوري على اي عدوان"اسرائيلي" مُحتمل.
"اسرائيل" التي تكتّمت بشكل مُطبق كعادتها على واقعة تحطّم الجسم الحربي في شمال قبرص، تُدرك جيّدا انّ باستطاعة الدّفاعات الجويّة السوريّة، اسقاط ايّ مقاتلة "اسرائيليّة" في حال تجرّأت على اختراق الأجواء السوريّة، ولذلك تعتمد مقاتلاتها الى توجيه غاراتها من خارج تلك الأجواء، وغالبا من الأجواءاللبنانيّة. وسبق ان اسقطت دفاعات سورية مقاتلة "اف16" اسرائيليّة خلال عدوان "اسرائيلي" سابق على مناطق سوريّة في العاشر من شباط من العام الماضي، ومثّلت هذه الواقعة هدفا "ذهبيّا" سوريّا غير مسبوق في المرمى"الإسرائيلي"، ما دفع المقاتلات "الإسرائيليّة" مذ ذاك الحين الى جعل سماء لبنان منطلقا لشنّ غاراتها باتجاه الدّاخل السوري..وليُقرّ موقع "ديبكا" الإستخباري "الإسرائيلي لاحقا،" ب" انّ عدم مهاجمة دفاعات سورية للطائرات "الإسرائيلية" التي توجّه صواريخ باتجاه الدّاخل السوري، يعود لأنّ هذه الطائرات تُنفّذ هجماتها انطلاقا من المجال الجوّي اللبناني".. ولكن!
ثمّة رسائل على قدر عال من الأهميّة أعقبت العدوان الأخير، تُنذر بمشهد جديد قادم في الرّد السوري على الغارات "الإسرائيليّة" المتكرّرة حريٌّ التوقّف عندها: الزيارة المفاجئة لكبير مساعدي وزير الخارجيّة الإيراني للشؤون السياسية على أصغر حاجي الى دمشق، والتي بدت لافتة في توقيتها – بعد يوم واحد على العدوان، وفي رسائلها التحذيرية باتجاه "اسرائيل"، وهو ما بدا واضحا على لسان نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد بعد لقائه حاجي مباشرة، مُحمّلا كلامه تحذيرا شديد اللهجة ب" استعداد سورية لردّ الصّاع صاعَين"، والتّنبه الى انّ الردّ السوري القادم على ايّ اعتداء "اسرائيلي" سيكون مختلفا.. مسبوقا بإعلان عسكري سوري "انّ قوات الدّفاع الجوّي السوري شغّلت منظومة "أس300 " الصاروخيّة اثناء العدوان، ووضعتها في حالة تأهّب لكنها لم تستخدمها! وفي هذا الإعلان تهديد يضع "اسرائيل" بمواجهة احتمال استخدام المنظومة في ايّ عدوان لاحق..هذا قبل ان تحذّر روسيا بدورها - على لسان الناطقة باسم الخارجية اسرائيل "من انّ أفعال مقاتلاتها "غير القانونيّة" تجاه سورية تهدّد الإستقرار الإقليميّ وتثير قلق موسكو البالغ"!
مصادر صحافيّة روسيّة واكبت مؤتمر القدس الأمني الأسبوع الماضي،والذي ضمّ مستشاري الأمن القومي الإسرائيلي والأميركي والرّوسي، كشفت انّ فشل المؤتمر لم يقتصر فقط على رفض نيكولاي باتروشيف لموقفَي تل ابيب وواشنطن من ايران ووصفها ب" التهديد الرئيسي على الأمن الإقليمي" مُعلنا انّ قوات الأخيرة في سورية شرعيّة بموافقة حكومتها، بل أكثر من ذلك مرّر باتروشيف رسالة تحذيريّة قبل ان يعود أدراجه الى موسكو، ناصحا تل ابيب بالتحضّر ل "حدث ما" على قدر عال من الخطورة اذا ما عاودت عُدوانها على سورية!
هذا قبل ان يُبلَّغ السفير "الإسرائيلي" في موسكو، انّ الأخيرة تلقّفت معلومات استخباريّة تُفيد بأنّ الجولة الأولى من الحرب الأميركيّة-الإيرانيّة غير المُعلنة التي كسبت فيها طهران الهدف الأوّل عبر اسقاط "دُرّة تاج الصّناعة العسكريّة الاميركية" فوق مضيق هرمز، ما هي الا تمهيد لهدف آخر "قد يكون اكثر خطورة".. بوجه مقاتلات اسرائيل هذه المرّة.. حتى ولو تسلّلت من خارج الأجواء السوريّة! –بحسب ما كشفت المعلومات. فهل الإعلان العسكري السوري عن تشغيل منظومة "اس300" ووضعها في حالة تأهُّب خلال العُدوان الأخير يؤشّر الى قرب استخدام هذه المنظومة؟
ام انّ الأصحّ يكمن بردّ سوري-ايراني لم يعد بعيدا على غارات اسرائيل المتكرّرة، بواسطة منظومات صاروخيّة متطوّرة قد يكون آن الوقت لإظهارها وهي من ستتكفّل بردّ الصّاع صاعَين- حسب كلام نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد.
وربطا بالتهديد الإسرائيلي بالتدخل عسكريا في حال وقوع اي مواجهة بين الولايات المتحدة وايران على وقع تزايد وتيرة الأنباء عن تموضع أسراب من المقاتلات "الإسرائيليّة" في قواعد عسكريّة في دول عربيّة قريبة من ايران، وتلويح بنيامين نتنياهو-رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، أمس بشنّ عمليّة عسكرية واسعة النطاق على قطاع غزّة.. تنقل معلومات صحافيّة نروجيّة عن مصدر في موقع "انتيليجانس اونلاين" الإستخباري الفرنسي، ترجيحه ان تكون تل ابيب في المرحلة القادمة بمواجهة حدث امني غير مسبوق يستدعي إقالة رؤوس عسكرية كبيرة، مقابل إنجاز عسكري غير متوقع لرجال المقاومة الفلسطينيّة.