لفت وزير الثقافة محمد داوود، في كلمة له خلال اختتام الورشة التدريبيّة عن "بناء القدرات في مجال حصر التراث الثقافي غير المادي"، الّتي نظّمتها اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو ومكتب "اليونسكو" الإقليمي في دير سيدة الجبل- فتقا، بالتعاون مع وزارة الثقافة، إلى أنّ "اللقاء اليوم يأتي تتويجًا لختام أعمال ورشة "بناء القدرات في مجال حصر التراث الثقافي غير المادي"، مركّزًا على أنّ "هذه الجهود تتناغم مع مقرّرات منظمة "اليونسكو" العالمية ومكتب بيروت وبالتعاون مع اللجنة الوطنية لليونسكو، إنفاذًا لاتفاقية 2003 لصون التراث غير المادي".
وأوضح "أنّنا في وزارة الثقافة نتطلّع باهتمام كبير إلى نتائج هذه الجهود الآيلة إلى ترسيخ انتمائنا وهويّتنا، عبر حماية هذا الموروث الثقافي المتناقل بين الأجيال، في العادات والطقوس والفنون الشعبيّة والأمثال والشعر العامي، والّتي اصطلح على إدراجها ضمن مسمى "الفولكلور" -عالميًّا- منذ العام 1846".
ونوّه داود إلى أنّ "ممّا لا شكّ فيه أنّ الاتفاقيّة الّتي أقرّتها "اليونسكو" عام 2003، وحفاظًا على هذا التراث العالمي، تعتبر وثيقة دوليّة ملزمة، على غرار اتفاقيّة العام 1972، حول التراث العالمي الثقافي والطبيعي، وسرى تطبيقها في لبنان اعتبارًا من العام 2006". ورأى أنّ "هذا التراث العريق -غير المادي- مهدّد بالانقراض والنسيان، لغياب الممارسة العمليّة والإضاءة عليه. وهو يشكّل بوتقة للتنوّع الثقافي وفرادات الشعوب، ويترجم من ظلال إرادات البشر في التقارب والتناغم، لفهم واحترام الخصائص المتنوّعة لأعراق البشريّة، عبر التعاون الدولي تحت مظلّة "اليونسكو"، وحراك المجتمعات في كل الدول".
وشدّد على أنّ "إحياء هذا التراث العريق يستلزم بالضرورة الإضاءة عليه وتحفيز المجتمع الأهلي على استعادته بالممارسات اليوميّة في حياتنا اللبنانية، ما يزيد ثراء تنوع عادات وتقاليد مناطقنا الجميلة"، مشيرًا إلى أنّ "ورشة البحث والعمل ومحترفات التأهيل والتدريب الّتي أقمتم وتقيمون في المناطق، بالتعاون الوثيق مع المدارس والتجمعات الأهلية، هي خريطة الطريق المثلى للحفاظ على هذا الإرث الحضاري وتفعيله".
كما بيّن "أنّنا لا نكشف جديدًا إن ذكرنا الحاجة الماسّة إلى دور حيوي جدًّا، هو واجب اضطلاع الإعلام المرئي- المسموع والمكتوب بالإضاءة على هذه القضية، عبر البرامج والتقارير، كما ضرورة التنسيق مع إدارات المدارس لإدراج المتيسّر من معرفة هذا التراث، من خلال برامج خاصّة من خارج المناهج الرسميّة، وهذا يندرج أيضًا ضمن مسؤوليّات وزارة التربية والتعليم العالي".
وركّز داود على أنّ "وزارة الثقافة تولي أهميّة قصوى للعمل على واجب صون هذا الإرث الحضاري الجميل والمحافظة عليه، ونشجّع على تعاون وثيق بين الوزارات المعنية، من تربية وسياحة وشؤون اجتماعية ومؤسسات رسمية أخرى وأندية محلية، ينشط السياحة الثقافية-التراثية ويخلق فرص عمل جديدة ويشكل عامل جذب سياحي خارجي ويسهم في دفع الدورة الاقتصادية، ويعرف أهلنا والأجانب على منحى غني من فرادتنا الوطنية". وكشف أنّ "وزارة الثقافة ستطلق قريبًا الخطة الوطنية لصيانة التراث الثقافي غير المادي، الّتي أقرّت عام 2017 بجهود اللجنة الوطنية لليونسكو ومكتب بيروت لليونسكو ومؤسسات المجتمع المدني".
من جهتها، أوضحت الأمينة العامة للجنة الوطنية لليونسكو الدكتورة تالا زين، أنّ "صون التراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني يعزّز الهويّة الوطنيّة الموحّدة، وذلك من خلال التوعية على أهميّة التراث الثقافي غير المادي للجماعات وعلى ضرورة صونه والحفاظ عليه، تحقيقًا للاندماج الاجتماعي وتعزيزًا للاحترام المتبادل لتراث الآخرين، ولاحترام التنوّع الديني والثقافي، ممّا يسهم في تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات وفي ترسيخ ثقافة السلام".