على هامش النقاش في مشروع قانون موازنة 2019، برز إقتراح قانون لتأمين الواردات، يقضي بزيادة عدد اللوحات العموميّة على نحو كبير، 15000 لوحة تاكسي، 15000 لوحة ميني باص، 6000 للشاحنات، 600 للصهاريج، الأمر الذي يثير موجة واسعة من الإعتراضات في أوساط السائقين، لكنه من جهة ثانية يؤكّد أنّ البحث عن خطّة نقل حديثة ليس على جدول الأعمال.
على هذا الصعيد، لا يبدو أن هناك موقفاً موحداً بين النقابات والإتحادات المعنية، حيث توجه الإتهامات بوجود من يعمل على هذا الموضوع بالسياسة، بعيداً عن مصلحة السائقين، في المقابل يفتح هذا الإقتراح الباب على السؤال عن اللوحات المزوّرة التي تغزو السوق اللبناني، بالإضافة إلى عمل السائقين الأجانب، من دون تجاهل إحتمال إنعكاس هذه الزيادة على وضع الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي.
في هذا السياق، شدّد الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان مروان فياض، في حديث لـ"النشرة"، على رفض هذا الإقتراح لخطورته، ورأى أنه قبل البحث في هذا الموضوع يجب التنبه إلى أن هناك في السوق اليوم 33400 لوحة تاكسي، وبالتالي على الدولة تطبيق قانون السير وقانون العمل لناحية منع العمال الأجانب من العمل على السيارات العمومية والميني باص والشاحنات والصهاريج، وتقدّم إعفاءات للسائق اللبناني، كالإعفاء من رسوم الميكانيك والتسجيل والجمارك لتجديد إسطول النقل، بالإضافة إلى تحسين وضع السائقين في الضمان الإجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، يطالب فياض باقرار خطة النقل الموجودة في مجلس الوزراء، خصوصاً أن السائق يعمل ما يقارب 18 ساعة ليؤمن لقمة عيش عائلته، ويسأل: "كيف سيكون عليه الوضع بعد زيادة هذا العدد من اللوحات العمومية، ومن سيعمل عليه"؟، ويشدد على أنه "لم يتم الحديث مع النقابات في هذا الموضوع، بل جرى العمل عليه بالسياسة من قبل رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس ورئيس اتحاد النقل البري عبد الأمير نجدة، ويضيف: "لو تم بحث هذا الموضوع في الجمعيّات العمومية ما كانت لتتمّ الموافقة على هذا الإقتراح".
على صعيد متصل، يرفض فياض الحديث عن أنّ هذه الزيادة قد تؤدي إلى معالجة مشكلة اللوحات المزورة، حيث يرى أن الدولة ستكون مضطرة إلى بيعها بالأسعار الموجودة في السوق (42 مليون ليرة للتاكسي، 70 مليون ليرة ميني باص، بين 55 و60 مليون ليرة الشاحنات)، وهو ما لا يمكن أن يتحمله المواطن العادي، ويشير إلى أن هذا الأمر قد يكون له إنعكاسات على واقع الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، الذي قد لا يكون قادراً على إستيعاب هذه الزيادة.
فياض رأى أن المطلوب دراسة كل هذه الأمور بشكل دقيق قبل تقديم أي إقتراح، خصوصاً بالنسبة إلى عملية العرض والطلب، بدل التعامل مع هذا الملف على أساس أنه قد يؤدي إلى تأمين موارد للخزينة العامة، الذي يقارب مليار ونصف مليار ليرة لبنانية، وأكّد أن الدولة لا يمكن أن تسعّر إلا على أساس الأسعار القائمة في السوق، لأن أيّ تخفيض سيؤدي إلى "خربان بيوت".
في هذا الإطار، كشف رئيس لجنة النقل والأشغال العامة النيابية نزيه نجم، في حديث لـ"النشرة"، عن وجود 51000 لوحة عمومية مزوّرة على الطرقات (25000 سيارة سياحية، 13000 ميني باص، من 10 إلى 12000 شاحنة، 1000 صهريج)، وأردف، "نحن نعمل على تأمين الإنتظام العام".
وأوضح نجم أن توقيف هؤلاء عن العمل من الممكن أن يؤدي إلى أزمة، وبالتالي فإنّ الإقتراح هو تنظيمهم طالما هم يعملون على أرض الواقع، ولفت أنه لن يُمسّ بقيمة المبالغ المدفوعة من قبل المالكيين الحقيقيين، حيث سيتكون الأسعار على الشكل التالي: 40 مليون ليرة للسيارات، 50 مليون ليرة للميني باص، 55 مليون ليرة للشاحنات، 50 مليون ليرة للصهريج.
وأشار نجم إلى أن الإقتراح يأخذ بعين الإعتبار أن 25% من المخالفين لن يستمروا بالعمل بعد التنظيم، وبالتالي فان الزيادة ستكون 6500 لوحة للشاحنات، 15000 ميني باص، 15000 للسيارات، 500 للصهاريج، وبحال كان هناك من حاجة يمكن رفع الأعداد.
من وجهة نظر رئيس لجنة النقل والأشغال العامة والنيابية، لن يؤدي هذا الأمر إلى زيادة عدد العاملين على الطرقات، لأنهم في الأصل يعملون، لكن اليوم بدل إستخدام لوحة مزورة سيكون هناك لوحات حقيقية، مؤكّدا امكانية تقسيط ثمن اللوحة، بحيث يؤمن السائق 25% من ثمنها على أن يتم تقسيط الباقي بفائدة 7%، وخلال 3 شهور لن يكون هناك من لوحات مزورة على الطرقات.
وفي حين شدد نجم على أن النقابات تؤيد هذا التوجه، سأل: "هل المطلوب الإستمرار في الفوضى"؟، وطالب قبل القيام بأي خطة نقل معالجة الفوضى القائمة، وأشار الى أنّ "الشبيحة والزعران هم المتضررون من هكذا خطوة".
في المحصّلة، يمكن القول أن البحث بدأ لتنظيم قطاع النقل العام في لبنان، فهل تتخذ السلطات المسؤولة عن هذا القطاع إجراءات أخرى أكثر حزماً على هذا الصعيد؟.