اعرب المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى عقب اجتماع الدوري الذي عقده عن "قلقه الشديد جراء الحادث الأمني الأليم الذي تعرّضت له بعض قرى الجبل وأدى الى سقوط عدد من الضحايا ، وذلك لخطورة انعكاساته على السلم الأهلي والوحدة الوطنية".
وإذ يشيد المجلس بحكمة القيادات الوطنية التي عملت على احتواء مضاعفات هذا الحادث، وعلى إعادة فرض هيبة الدولة وسلطتها، محذراً من "الحسابات الفئوية والخاصة ومن الممارسات الضيقة التي يُخشى أن تعيد الأمور الى ما كانت عليه قبل مصالحة الجبل ، وهي المصالحة التي تُعتبر في حدّ ذاتها إنجازاً وطنياً يجب المحافظة عليه وتثبيت أركانه".
وناشد المجلس القيادات السياسية والوطنية على اختلاف انتماءاتها إيلاء الوحدة الوطنية والسلم الأهلي والعيش المشترك الأولوية على كل الحسابات والمطامح والمصالح الخاصة .
وحذر المجلس من الانعكاسات السلبية الخطيرة للاضطراب الذي عصف بالجبل على الوضع الاقتصادي الدقيق، والذي قد يدفع اللبنانيون جميعهم ثمنه غالياً جداً .
وناشد المجلس الشرعي أركان الدولة وخاصة المجلس النيابي الإسراع في إقرار مشروع الموازنة وذلك من أجل تسريع عمليات التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة ومع المؤسسات المالية الدولية الأخرى التي تعهدت بمساعدة لبنان مالياً واقتصادياً، مضيفا: "فإذا لم نساعد أنفسنا كلبنانيين في تحقيق الأمن والاستقرار وفي ضبط الإنفاق ووقف الهدر وقطع الطريق أمام الفساد والمفسدين، عبثاً نقنع الآخرين بمساعدتنا . لقد كان بإمكاننا أن ندفع ثمناً أقل لإصلاح الوضع المالي الاقتصادي لو اننا بادرنا الى ذلك عندما كان لبنان معافىً وقادراً على تحمل أعباء الإصلاح ، الا اننا اليوم نجد أنفسنا مضطرين لدفع ثمن مرتفع لأننا تأخرنا في الإصلاح حتى أصبحنا مضطرين اليه" .
ولاحظ المجلس بقلق شديد استمرار محاولات الإلتفاف على روح وأسس ومبادئ وثيقة الوفاق الوطني التي أُقرّت في الطائف وأصبحت دستوراً جديداً للبنان، محذرا من "المحاولات والممارسات الآحادية الجانب التي تحاول الإلتفاف على الطائف وفرض أمر واقع جديد يعرّض الاستقرار والوفاق الوطني للخطر"، مناشدا "المسؤولين جميعاً الالتزام بالطائف نصاً وروحاً ، والعمل على تنفيذ جميع المواد والبنود التي نصّ عليها ، بما يعزز الوحدة الوطنية والعيش المشترك ، ويثبت دعائم الدولة وسيادتها على كامل أراضيها".
وأثنى المجلس على الدور الذي يقوم به رئيس الحكومة سعد الحريري لإمتصاص التوترات وردات الفعل السلبية في اطار تمسكه بالثوابت الوطنية وقواعد العيش المشترك .
وتابع المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى باهتمام كبير المراحل التي مرت بها حتى الآن ما اتُفق على تسميته بصفقة القرن والتي تستهدف بيع فلسطين بحفنة من الدولارات، ملاحظا "بتقدير كبير الإجماع الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة على رفض هذه الصفقة ، وعلى التمسك بالحق الفلسطيني في إقامة الدولة الوطنية فوق كامل التراب الفلسطيني بحيث تضمّ كل الشعب الفلسطيني المقيم والمهاجر ، وتكون القدس الشريف عاصمتها"، داعيا "العرب والمسلمين وأحرار العالم جميعاً الى مؤازرة الشعب الفلسطيني في وقفته المعترضة على تصفية قضيته الوطنية والانسانية العادلة ، كما أثنى المجلس على الموقف اللبناني الموحد من هذه القضية، وخاصة الإجماع على رفض إغراءات التوطين والتمسك بالمطالبة بحق العودة ومنع التوطين، ليس فقط التزاماً بما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني والدستور اللبناني، ولكن التزاماً أيضاً بعدالة القضية الفلسطينية، والتزاماً بحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق التي أقرتها قرارات الأمم المتحدة ومواثيقها".
ولمناسبة قرب انتهاء ولايته العادية، أعرب المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى عن "تقديره لصاحب السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية على رئاسته الحكيمة للمجلس، متمنياً للمجلس المقبل الذي وُجهت الدعوة لانتخاب أعضائه، كل النجاح والتوفيق في مواصلة العمل على خدمة القضايا الاسلامية والوطنية".