حين كان قائدًا لفرع المكافحة في مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، همس احدهم:
"إحفظوا إسم هذا الضابط جيدًا".
وحين أصبح المدير العام للأمن العام، همس أحدهم:
"إحفظوا إسم هذا اللواء جيدًا".
***
بين فرع المكافحة والامن العام، تدرَّج هذا الضابط الذي إسمه عباس ابراهيم في مواقع قيادية في المؤسسة العسكرية وصولًا إلى الأمن العام: في فرع المكافحة ثم في لواء الحرس الجمهوري ثم في فوج المغاوير ثم في قيادة منطقة بيروت ثم في مخابرات الجنوب ثم مساعد مدير المخابرات ثم مديرًا للأمن العام.
"هذا ضابط في سجِّله صفر أخطاء"، ولذا فهو محط ثقة الجميع: كل السياسيين، من دون استثناء مختلفون مع بعضهم بعضاً، لكنهم جميعهم مُجمعون على اللجوء إلى اللواء ابراهيم في الملمات وفي الملفات سواء الداخلية منها أو الخارجية، سواء البسيطة منها أو الاكثر تعقيداً، سواء السياسية منها أو الأمنية.
إذا أجرى أحدهم استطلاعًا حول مَن يحمل، ومَن حمل أكثر الملفات اليوم، لوجد ان اللواء عباس ابراهيم هو الشخص الذي يحمل العدد الأكبر من الملفات: من بسيطها إلى أكثرها تعقيدًا:
ملف عودة النازحين السوريين إلى سوريا.
ملف إطلاق نزار زكا من إيران.
ملف المصور سمير كساب الذي اختفى في سوريا.
ملف المطرانين بولس اليازجي (مطران أنطاكية للروم الأرثوذكس) والمطران غريغوريوس يوحنا ابراهيم (مطران السريان الارثوذكس) واللذين اختُطِفا في سوريا.
وإذا أكملنا في اللائحة فإنها ستطول، لكن ما هو المهم في كل هذا التعداد هو: تصوروا لو أن اللواء ابراهيم لم يكن موجودًا في كل هذه الملفات، ألم يكن مصيرها الأحتراق والدخول في أنفاق مجهولة؟
وأهمية اللواء ابراهيم انه رغم ثقل الملفات فإن سهره على الامن العام لا يهدأ، خاصة بملف إطفاء نيران حادثة قبرشمون في الجبل. وهو الملف الأحدث الذي تولاه: الجبل كان على فوهة بركان فتلقَّف اللواء ابراهيم كرة النار وبدأ حركة مكوكية شملت لقاءات مع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط والنائب طلال إرسلان وآخرين، وبعد هذه الحركة المكوكية نجح في تجميع لائحة بالمطلوبين ومن هنا بدأ تفكيك الألغام في الملف.
***
ومن "إطفائي الملفات" إلى رجل العهد الاول:
من دون مقدِّمات: إنه جبران باسيل: رئيس الديبلوماسية اللبنانية، رئيس التيار الوطني الحر وهو التيار الاول في لبنان العابر للمناطق والطوائف والمذاهب، رئيس أكبر تكتل نيابي في مجلس النواب حيث تبلغ كتلته النيابية 29 نائبًا. رئيس أكبر كتلة وزارية حيث تبلغ كتلته 11 وزيرًا ما يتيح له ان يملك الثلث المعطِّل في مجلس الوزراء.
إلى هذا الحد، ما هي مشكلة جبران باسيل مع الآخرين؟ وما هي مشكلة الآخرين مع جبران باسيل؟
مشكلة جبران باسيل مع الآخرين انه لا يلتفت وراءه حين يعمل خصوصا أن شعاره:
"ما حدا بيوقِّفنا"، وهذا حقه لأنه يتحرك من ضمن القانون ومن ضمن مواقعه الثلاثة: كوزير للخارجية وكرئيس لأكبر تيار سياسي وكرئيس لأكبر تكتل نيابي.
حركته الخارجية كرئيس للديبلوماسية اللبنانية، لا غبار عليها: خطابه الديبلوماسي واحد اياً يكن البلد الذي يزوره واياً تكن القمة التي يحضرها أو المؤتمر الذي يشارك فيه.
***
من حق كل ماروني غير معلن انه مرشح للرئاسة، مثل جبران باسيل ان يجول ليطرح أفكاره بصلابة العيش المشترك في كل لبنان يعرض حياته للخطر في طرحه أفكاراً انه يحق لكل طائفة ما يحق لسواها.
لا تهميش للدور المسيحي بعد اليوم، يقولون انه يستفز الناس وان موكبه فضفاض... صح انما يوجد أشخاص عاديون ربما مقتدرون نسبياً، موكبهم مثل موكبه.
لكن ما سمعناه في الشمال وخطابهُ كرئيس لتيار لبنان القوي، كلام سياسي موزون مؤمن بالعيش المشترك وحق العودة لكل النازحين، بخاصة انه يعمل جاداً على طرح الافكار المتقدمة للتيار اللبناني القوي.
لا عتب ولا استفزاز ان يقوم كل ماروني يعتبر نفسه مرجعاً أو مرشحاً ان يقوم بنفس الخطوات الجوالة. أليس لبنان بلداً ديمقراطياً بإمتياز.
***
انما العقلُ والحكمةُ يقولان انه لا يزال أمامنا ثلاث سنوات كاملة من عهد الرئيس ميشال عون وكل الإتكال على فخامته ان يضرب بيده على ملفات الهدر والفساد.
"جبران يتحدَّى" ولكن بالديموقراطية والشعبية وصناديق الإقتراع، أليست هي التي أوصلته؟؟ مع 29 نائباً فقط!