تميّزت زيارة مُوفد الرئيس الفلسطيني محمود عباس عضو اللجنتين التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" والمركزية لحركة "فتح" والمشرف العام على الساحة اللبنانية عزام الأحمد إلى لبنان، عن غيرها من زيارات، بأنّها الأطول والأشمل، بحيث استمرّت 12 يوماً، وتوزّعت على جولتين:
- الأولى: من الأربعاء إلى السبت بين 14-17 حزيران/يونيو 2019.
- والثانية: من الإثنين إلى الإثنين بين 1-8 تموز/يوليو 2019، كانت بينهما زيارة إلى القاهرة ورام الله.
رافق الأحمد في جولته، سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور وأمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظّمة التحرير الفلسطينية" في لبنان فتحي أبو العردات.
ترافقت الجولتان باتصالات أجراها الرئيس عباس بالرؤساء والقيادات اللبنانية، مُنوّهاً بمواقفهم الوطنية بدعم القضية الفلسطينية، ورفض "صفقة القرن".
وتمحورت الزيارة حول:
- تقدير الموقف اللبناني المُوحَّد والجامع الداعم للشعب الفلسطينيي والرافض لـ"صفقة القرن"، ومقاطعة "ورشة البحرين".
- تنسيق الجهود لمُواجهة المخاطر التي تعترض القضية المُشتركة.
- تعزيز الجهود المُشتركة من أجل المُحافظة على أمن المخيّمات.
- التأكيد على إدانة الإرهاب، الذي هو ثقافة فلسطينية، تجسّدت بنبل وشجاعة الشاب الفلسطيني صابر ناصر مراد، بتصدّيه للإرهابي عبد الرحمن مبسوط، خلال تنفيذ عمليته الإرهابية في طرابلس، عشيّة عيد الفطر المبارك.
وكان اللافت في زيارة الأحمد، مروحة اللقاءات الواسعة، التي شملت مسؤولين وقيادات لبنانية: رسمية، روحية، سياسية، حزبية، أمنية وعسكرية، فضلاً عن فلسطينية.
وشملت شخصيات يزورها الأحمد للمرّة الأولى، تتويجاً للقاءات واتصالات لبنانية - فلسطينية، حيث يُتوقّع أنْ تتوسّع دائرتها في المرحلة المُقبلة، انطلاقاً من الانفتاح على كل الأطراف اللبنانية، الذين أكدوا دعمهم للقضية الفلسطينية، ورفض "صفقة القرن" تثبيتاً لأهمية استمرار التنسيق اللبناني - الفلسطيني.
وجد الأحمد إشادة وتنويهاً من مختلف القوى اللبنانية بمواقف الرئيس "أبو مازن"، بالتصدّي المُبكِر لـ"صفقة القرن"، قبل الحديث عنها، وكشف عناوينها، وعقد لقاءات وورش من أجلها، وتأكيد أنّ القضية الفلسطينية هي قضية سياسية، وأنّ الأساس في حل الصراع هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم وفقاً للقرار الدولي 194.
والتقى الموقف الفلسطيني مع الموقف اللبناني على مختلف المستويات، من الرؤساء الثلاثة: العماد ميشال عون، نبيه بري وسعد الحريري، إلى مختلف القيادات الرسمية والسياسية والروحية والوزارية والحزبية والأمنية والعسكرية والنقابية والشعبية.
وسمع الأحمد كلاماً لبنانياً واضحاً بالتنويه بالموقف الفلسطيني، الذي ثبت بعدم استخدام الورقة الفلسطينية في لبنان، في الأحداث التي شهدها طيلة الفترات السابقة، بل إنّ الفلسطينيين دفعوا ضريبة بالتصدّي إلى الإرهاب، وخير مثال ما قام به الشاب الفلسطيني صابر مراد بمواجهة الإرهابي عبد الرحمن مبسوط في عمليته الإرهابية في طرابلس.
وشملت الجولة الأولى التي قام بها الأحمد: رئيس الجمهورية، حيث سلّمه رسالة من الرئيس عباس، وتسلّم منه رسالة إلى نظيره الفلسطيني، الرئيسان بري والحريري، رئيس "الحزب التقدّمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، رئيسة "كتلة المستقبل النيابية" النائب بهية الحريري، رئيس "لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني" الوزير السابق الدكتور حسن منيمنة، قائد الجيش العماد جوزاف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
والزيارة الثانية شملت: الرئيس الأسبق أمين الجميّل، الرئيس السابق العماد ميشال سليمان، الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ نعيم حسن، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة الكاردينال بشارة بطرس الراعي، رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النيابية النائب محمد رعد ووفد "حزب
الله"، أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" النائب الدكتور أسامة سعد، رئيس "حزب القوّات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع في معراب، رئيس "حزب الاتحاد" النائب عبد الرحيم مراد، رئيس المجلس الأعلى في "الحزب السوري القومي الإجتماعي" النائب أسعد حردان، أمين عام لـ"الحزب الشيوعي" اللبناني حنا غريب، أمين الهيئة القيادية في "حركة الناصريين المستقلين" - "المرابطون" العميد مصطفى حمدان، المنسّق العام لـ"الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة" معن بشور، فضلاً عن الوزير والنائب السابق غازي العريضي، ورئيس بلدية صيدا السابق الدكتور عبد الرحمن البزري.
وكذلك كان لقاء مع اللواء إبراهيم، والمُشاركة بحفل تكريمه الذي أقامه على شرفه رئيس "رابطة مختاري قضاء جزين" المختار هادي يوسف في "مطعم المختار" - جنسنايا.
وأيضاً المُشاركة في افتتاح الملتقى الشعبي والسياسي الثاني "مُتّحدون ضد صفقة القرن"، الذي أُقيم في بيروت، وعقد لقاءات مع عدد من القوى العربية والإسلامية التي شاركت في الملتقى، والعشاء السنوي الذي نظّمه "المنتدى القومي العربي" لدعم أنشطته الثقافية والشبابية.
على أنّ اللافت في زيارة الأحمد كان اللقاء الذي عُقِدَ مع جعجع في معراب، وهو الأوّل على هذا المستوى.
وترأس الأحمد اجتماعات داخلية لحركة "فتح" وفصائل "منظّمة التحرير الفلسطينية"، وشارك في حفل إطلاق مجلة "المقدسية" في المكتبة الوطنية - الصنائع، التي أطلقها "مركز دراسات جامعة القدس" و"دار أبعاد"، برعاية وزير الثقافة الدكتور محمد داود داود ممثلاً بمدير المكتبة الوطنية حسان عكرا.
كما قلّد الشاب الفلسطيني صابر ناصر مراد، "ميدالية الشجاعة" من "وسام الرئيس الشهيد ياسر عرفات"، التي منحه إياها الرئيس "أبو مازن"، لنبله وشجاعته بالتصدّي للإرهابي عبد الرحمن مبسوط خلال تنفيذه عمله الإرهابي، الذي أدى إلى استهداف الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، فاستشهد 4 منهم وجرح آخرون، بينهم مواطنون، ومُخاطرة صابر بحياته مُنقذاً "عاصمة الشمال" من مُجزرة حتمية.
نقل الأحمد إلى القيادات اللبنانية تحيات الرئيس "أبو مازن"، ووضعهم في أجواء التصعيد العدواني الإسرائيلي ضد القدس والأماكن المُقدّسة الإسلامية والمسيحية والأراضي الفلسطينية، والموقف الفلسطيني من مجمل التطوّرات، واستمع منهم إلى رؤيتهم حول الأوضاع الراهنة.
وتم خلال اللقاءات التأكيد على:
- العلاقات المُشتركة اللبنانية - الفلسطينية، والتي هي في أوجها، بالتشديد على حفظ أمن لبنان واستقراره.
- أنّ المخيّمات هي جزء من الأرض اللبنانية، والوجود الفلسطيني مُؤقت، والتزام الفلسطينيين بالقوانين اللبنانية بما يحفظ الاستقرار الداخلي.
- رفض "صفقة القرن" وكل مُندرجاتها، في ظل الاستهداف الإسرائيلي والتصعيد الخطير بحق الشعب الفلسطيني ومُقدّساته وتراثه ووجوده.
- دعم الموقف الفلسطيني في مُواجهة المُؤامرة الأميركية - الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة على مُقدّرات الأمة العربية ومُحاولات شطب القضية الفلسطينية.
- أنّ القضية الفلسطينية هي قضية سياسية وليست اقتصادية، كما تسعى الإدارة الاميركية إلى تحويلها، ومُمارسة الإبتزاز من خلال طروحات لحلول اقتصادية.
وشدّد الأحمد في تصريح لـ"اللـواء" على أنّ "القضية الفلسطينية أمانة يحملها أبناء شعبنا والأحرار والشرفاء كافة في أمتنا والعالم، وهو ما لمسناه ونلمسه باستمرار، ما يُؤكد أنّ القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمُسلمين والمسيحيين والأحرار في العالم".
ونوّه بـ"موقف لبنان المُوحّد بكل فئاته ومُكوّناته برفض "صفقة القرن" و"ورشة المنامة"، والدعم الكامل لنضال شعبنا الفلسطيني من أجل إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة والقدس عاصمتها".
وأوضح أنّه "وجدنا أنّ موقف القوى اللبنانية يُعبّر عن الموقف الفلسطيني والعربي الأصيل، في رفض كل المُحاولات لتصفية القضية الفلسطينية بعناوين مُختلفة، بالتخلّي عن القدس واللاجئين والعمل على توطينهم".
وشدّد الأحمد على أنّ "فلسطين ليست للبيع، وهو الشعار الأكثر تعبيراً عن رفض مُخطّط ترامب والإدارة الأميركية، حيث يُؤكد جميع الفلسطينيين أنّ وطنهم فلسطين ولن يقبلوا بديلاً عنها، وصحيح أنّنا أمّة عربية واحدة، لكن لا نقبل تحت أي ظرف أنْ تصنع الولايات المتحدة الأميركية وإدارة البيت الأبيض واليمين المُتطرف في "إسرائيل" شعارات بديلة تنتقص من حقوق أمتنا العربية، ونرفض جميعاً الحلم الصهيوني بإقامة "إسرائيل الكبرى" من الفرات إلى النيل، وما ضم القدس والجولان السوري العربي المحتل، إلا بداية لمحاولة تنفيذ هذا المُخطط".
وأكد "تربطنا بشعب لبنان ثقافة مُشتركة، وقد احتضنت الثورة الفلسطينية وقاومنا سوياً الاحتلال الإسرائيلي، ومصيرنا واحد، وهدفنا كذلك، وهو مُواجهة العدو الواحد".
وختم الأحمد بالقول: "إنّ أفضل وصف لـ"صفقة القرن" هو ما أعلنه الرئيس "أبو مازن" بأنّها "صفعة القرن"، ولا علاقة لها بالسلام وإحلال السلام، ولا بقرارات الشرعية والدولية، لأنّها تهدف إلى تصفية المشروع الوطني الفلسطيني".