في الأيام الماضية، دخل كل من "الحزب التقدمي الإشتراكي" و"الحزب الديمقراطي اللبناني" صراعاً من نوع آخر، على خلفية الخلاف حول توصيف حادثة قبرشمون، عنوانه القيام بجولات على المرجعيات الدينية وبعض الأفرقاء السياسيين، لضمان وقوفهم إلى جانبهما.
وبعيداً عن الجولات التي يقوم بها الحزبان على الفعاليات الدينية، سواء دار الفتوى أو بكركي، يظهر حرصهما على زيارة رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية، الذي يرى البعض أن ممثله في الحكومة وزير النقل والأشغال العامة يوسف فنيانوس قد يتحول إلى الوزير الملك، في حال طرح إحالة الملف على المجلس العدلي على التصويت داخل الحكومة.
انطلاقاً من هذا الواقع، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن بعض القوى السياسية حسمت موقفها مسبقاً، فالتيار "الوطني الحر" سيكون إلى جانب "الحزب الديمقراطي اللبناني"، خصوصاً أنه يعتبر نفسه معني مباشرة في ما حصل في قبرشمون، والأمر نفسه ينطبق على "حزب الله"، الذي قرر الوقوف إلى جانب حلفائه، ما يعني أن هذا الفريق بات لديه 14 صوتاً من أصل 30 وزيراً. في المقابل، يقف كل من "حزب القوات اللبنانية" وتيار "المستقبل" إلى جانب "الحزب التقدمي الإشتراكي"، ليؤمن هؤلاء 10 أصوات من أصل 30 وزيراً أيضاً، ليبقى السؤال عن موقف وزراء "حركة أمل" (3 وزراء)، بالإضافة إلى الوزراء عادل أفيوني وفيوليت الصفدي ويوسف فنيانوس.
في هذا السياق، تشير المصادر نفسها إلى أن رئيس "الإشتراكي" هو أول من أطلق حرب الجولات، الهادفة بشكل أساسي إلى تأمين إلتفاف سياسي حوله من قبل القوى التي تقف في موقع الخصومة مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، لا سيما على الساحة المسيحيّة، كـ"القوات" و"الكتائب"، في حين يمكن وضع تحرك رئيس "الديمقراطي" النائب طلال أرسلان في إطار ردّة الفعل، مع العلم أن جولات وفد حزبه كانت على المرجعيات الروحية، بالإضافة إلى فرنجية، حيث من المتوقع أن يزور الوفد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في وقت قريب، نظراً إلى أنه تم تأجيل موعد الزيارة التي كانت المفترض أن تحصل يوم أمس.
وتشدد المصادر السياسية المطلعة على أن هذه الأزمة التي تعطل عمل الحكومة في الوقت الراهن، تخطت السعي إلى الكشف عن حقيقة ما حصل في قبرشمون، بالرغم من حرص الجانبين على إعلان إصرارهما الوصول إليها مهما كان الثمن، فـ"الإشتراكي" يحمل المسؤولية إلى مرافقي وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، بينما "الديمقراطي" يعتبر أن ما حصل كان بمثابة الكمين المسلح لممثله على طاولة مجلس الوزراء.
وعلى الرغم من تشديد المصادر نفسها على أهميّة المبادرة التي يقوم بها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ترى أن عنوانها الأساسي من المفترض أن يكون سياسيا بالدرجة الأولى، لأن أحداً لن يكون مقتنعاً بنتائج التحقيقات في حال لم تكن لصالحه، الأمر الذي قد يضيف هذا الملف إلى مجموعة كبيرة من الملفات التي لم تعرف حقيقتها بعد، وتضيف: "الأزمة تتخطى ما حصل في قبرشمون إلى ما قبل الحادثة وما بعدها".
على هذا الصعيد، تكشف هذه المصادر أن الفريق الأول يرفض أي بحث يتجاوز الإحالة إلى المجلس العدلي، على أن ينطلق بعد ذلك البحث في أي حل لهذه المسألة، بينما الفريق الثاني يعتبر أن مجرد الإحالة يعني بشكل أو بآخر التسليم برواية وجود محاولة إغتيال للغريب، الأمر الذي لا يمكن القبول به حكماً.
في المحصّلة، تجزم المصادر السياسية المطلعة بأن، على الرغم من التصاريح العالية السقف بين الجانبين، أبواب الحلّ لا تزال مفتوحة، وتشير إلى أنه من الممكن الوصول إلى النتيجة المطلوبة في أي لحظة.