لم يتبدل المشهد السياسي الذي تعرض لاهتزارة قوية بسبب احداث الجبل الاخيرة التي ترافقت مع زيارة رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لعدد من بلداته، ومقتل اثنين من مرافقي الوزير صالح الغريب واصابة مواطن ثالث في منطقة البساتين في قبرشمون.
ورغم تكثيف الاحتجاجات والتحركات في الساعات الماضية فان الجهود المبذولة على غير صعيد لم تتوصل الى حل للمشكلة اكان على صعيد المعالجة الامنية والقضائية ام على الصعيد السياسي.
ووفقاً للمعلومات المتوافرة فان التحرك الناشط الذي بدأه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم لم يتوقف رغم العقبات التي مازالت تواجه مسألة تسليم المطلوبين من الطرفين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي اللبناني.
وبقي الخلاف مستمراً حول اولوية احالة القضية الى المجلس العدلي كما يصر النائب ارسلان وعدم الاحالة كما يشدد النائب جنبلاط، مع الاشارة الى ان هناك جهودا بذلت في الساعات الماضية لايجاد مخرج يشكل صيغة توفيقية بين الرأيين.
وتقول مصادر مطلعة ان المساعي تركزت ايضا على تخفيض نسبة التجاذب السياسي والسعي الى تخفيف الاحتقان السياسي للانصراف الى تحسين ظروف التحرك الذي يقوم به اللواء ابراهيم، وتشير الى ان هناك تقدماً احرز في هذا المجال من دون الوصول الى التهدئة الكاملة.
ولوحظ ان الرئيس الحريري رفع من وتيرة دخوله على خط المساعي الجارية انطلاقا من مبادرة الرئيس بري، واجتمع بعد ظهر امس مع النائب ارسلان الذي جدد تأكيده على وجوب احالة القضية الى المجلس العدلي قبل تسليم اي مطلوب من طرفه، مؤكدا ان ما جرى هومحاولة اغتيال للوزير صالح الغريب الذي رافقه بالزيارة.
وقالت المعلومات ان محاولات جرت لفصل مسار موضوع التحقيقات والقضاء على المسار السياسي المتعلق بعقد جلسات لمجلس الوزراء لكنها لم تؤت ثمارها.
وقد زار الحريري بعد اجتماعه مع ارسلان القصر الجمهوري والتقى الرئيس ميشال عون، وجدد القول بانه يفضل الهدوء قبل الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء لتفادي نقل الخلاف السياسي الى داخل قاعة المجلس كما اكد تصميمه على عقد جلسة لمجلس الوزراء وبالتالي مقابل التريث هناك تصميم على اجتماع مجلس الوزراء . ولفت الى ان «الهدوء هو الذي ينتج اما الصراخ السياسي لا يفيد ولا يوصل الى نتيجة». واكد في الوقت نفسه ان جلسات الحكومة ستحصل ولن يوقفها شيء، مشيراً الى انه هو الذي ارجأ انعقاد مجلس الوزراء.
ولم يستبعد رداً على سؤال امكانية انعقاد الحكومة خلال جلسات مناقشة الموازنة المقررة ايام الثلاثاء والاربعاء والخميس المقبلة. وقد التقى الرئيس الحريري الوزير وائل ابو فاعور واكد انه يرفض ان تكون حكومته متراسا ضد جنبلاط .
وتبرز الحاجة الى انعقاد مجلس الوزراء لاجل اقرار مشروع قانون قطع الحساب لاقراره في مجلس النواب كما ينص النظام الداخلي للمجلس كمعبر لاقرار الموازنة ونشرها.
وتضيف المعلومات ان هناك جهوداً ايضاً تجري من اجل التوصل الى صيغة حل وسط بين موقفي جنبلاط وارسلان، وان هناك اتجاهاً قوياً لتتويج هذه المعالجة بمصالحه.
ورداً على سؤال حول الجهود القائمة على مستوى المعالجة الامنية والقضائية قال مصدر نيابي في التيار الوطني الحر: ان موقفنا معروف ونحن ندعم حليفنا الامير طلال ومواقفه في هذا الشأن، لكننا لسنا مقاطعين لجلسات مجلس الوزراء ومستعدون للمشاركة فيها اذا ما دعا الرئيس الحريري لانعقاد المجلس.
الرئيس بري
وفي احتفال تخريج طلاب جامعة فينيسيا دعا الرئيس نبيه بري الى «عدم استحضار لغة وسلاح وتاريخ الحرب الاهلية، ونزع فتيل اي تفجير»، مؤكداً على اجراء تحقيق حول الذي حصل في الجبل خصوصاً. ودعا الى «اجراء المصالحات السياسية والعائلية ضمانا للعيش الواحد الموحد، فالمعركة ليست بيننا المعركة معنا. لبنان في خطر اقتصادي وتوطين وفي خطر دائم اسرائيلي، وفي عقوبات من كل انحاء العالم، فماذا ننتظر كي نتوحد ونتصالح. اتهدم اسوار لبنان ونحن نناقش جنس المحاكم؟».
الموازنة
اما على صعيد الموازنة فإن اجتماعات ومداولات مكثفة سجلت في الساعات الماضية رغم انتهاء لجنة المال من درسها.
وعلم ان هذه الاجتماعات والمداولات تركزت حول معالجة بعض الاعتراضات والتحفظات على ما تم التوصل اليه بالاضافة الى السعي الى تسهيل اجواء مناقشة الموازنة في الهيئة العامة ايام الثلاثاء والاربعاء والخميس المقبلة.
وتقول المصادر المطلعة ان رئىس الحكومة سعد الحريري ليس مرتاحا ويبدي بعض التحفظ على التخفيض الذي اقرته لجنة المال في باب الانفاق والذي طاول بعض المؤسسات والهيئات التابعة لرئاسة مجلس الوزراء مثل مجلس الانماء والاعمار كما لديه ملاحظات لتوفير اموال اضافية من اجل تحسين شروط تحقيق العجز المقدّر.
وقد افصح عن ذلك بعد هذه الاجتماعات لدى خروجه من لقاء الرئيس عون لكنه حرص في الوقت نفسه على تهنئة لجنة المال للجهود التي قامت بها.
وتضيف المعلومات بأن هناك تحفظات اخرى كان اعلنها رئىس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع على العديد من بنود الموازنة ،مشددا على ايلاء الاهمية على بنود اساسية من شأنها ان توفر اموالا طائلة للخزينة.
وقال مصدر قيادي في «القوات» لـ «الديار» في هذا المجال: «لقد شاركنا بفاعلية في درس ومناقشة الموازنة اولا في مجلس الوزراء واللجنة الوزارية المنبثقة عنه وثانيا في لجنة المال، وكنا من المساهمين في اقرار بنود في الموازنة تعتبر انها بداية اصلاحات يعوّل عليها. لكن لدينا في الوقت نفسه تحفظات واعتراضات على العديد من بنود هذه الموازنة، فبدلاً من الذهاب الى تحصيل مبالغ محدودة من هنا وهناك عبر فرض ضرائب ورسوم جديدة أو عبر اقتطاعات من هنا وهناك كان المطلوب التوجه الى الاجراءات الأساسية المطلوبة التي توفر اموالا طائلة للخزينة وابرزها: معالجة التهرب الضريبي، ومكافحة التهرب الجمركي وضبط المعابر، وموضوع الكهرباء وغيرها».
وقال المصدر رداً على سؤال: «ان هناك نقاشاً مستمراً داخل حزب القوات لاتخاذ موقف حازم بالنسبة للتصويت على بنود الموازنة، فقد اتخذ القرار بالمشاركة في الجلسة ومناقشة مشروع قانون الموازنة والتصويت على الاصلاحات. لكن هناك احتمالين: اما عدم التصويت على بنود الموازنة، واما التصويت لصالح عدد منها ومعارض الاخرى». واضاف «ان القرار النهائي لم يتخذ بشأن التصويت على الموازنة ككل»، لكنه ألمح الى اتخاذ قرار بالامتناع عن التصويت.
وكان مقرراً ان تكون صيغة الموازنة بعد التعديلات التي ادخلتها لجنة المال جاهزة للطباعة والتوزيع بعيد ظهر الامس الا انها تأخرت الى العصر بسبب الاجتماعات التي جرت امس وابرزها الاجتماع الذي ترأسه الرئيس الحريري.
وقالت مصادر مطلعة ان بعض النقاط تركت للهيئة العامة لحسمها، مع العلم ان مشكلة قطع الحساب تضع المجلس امام اكثر من خيار منها
- الاستناد الى النظام الداخلي للمجلس الذي يؤكد على اقرار قطع الحساب قبل اقرار الموازنة، ويمكن اقرار الموازنة وعدم نشرها بانتظار اقرار قطع الحساب.
- المباشرة بمناقشة الموازنة في اليوم الاول من الجلسة العامة املاً باجتماع مجلس الوزراء واحالة قطع الحساب في اليوم الثاني او الثالث.