واصل الفلسطينيون في لبنان حراكهم واتصالاتهم بموقف مُوحّد، مُطالبين بإلغاء إجراءات وزارة العمل، باشتراط الحصول على إجازة العمل، وضرورة عدم التعامل مع اللاجئ الفلسطيني على أنّه أجنبي، لأنّ وجوده قسري جرّاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ومُسجّل في سجلات وزارة الداخلية اللبنانية.
الموقف الفلسطيني من أجل رغيف الخبز والعيش بكرامة، قابله دعم لبناني واسع لإنصاف الفلسطينيين.
وعلى خط مُعالجة الأزمة، تكثّفت الاتصالات الهادئة والهادفة، بهدف الوصول إلى حلٍّ جذريٍّ للأزمة المُستجدّة، ومنع تفاقمها، وعدم الاستغلال من قِبل المتضرّرين من التنسيق اللبناني - الفلسطيني، الذي أعطى نتائج إيجابية.
وشارك في الاتصالات عن الجانب الفلسطيني: مُوفد الرئيس محمود عباس رئيس دائرة العلاقات العربية والبرلمانية في "منظّمة التحرير الفلسطينية" المشرف العام على الساحة الفلسطينية في لبنان عزام الأحمد وسفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، وشملت المسؤولين اللبنانيين، وفي طليعتهم: رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، رئيس الحكومة سعد الحريري، وزير العمل الدكتور كميل أبو سليمان، قائد الجيش العماد جوزاف عون، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ورئيس "لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني" الوزير السابق الدكتور حسن منيمنة.
وتهدف اللقاءات والتحرّكات والاتصالات إلى ضرورة إيجاد الحلول لمُعالجة مُشكلة عمل اللاجئين الفلسطينيين، بما يضمن تطبيق القوانين اللبنانية وحفظ وضعهم الخاص.
ويُصرُّ الفلسطينيون على عدم حاجة اللاجئ الفلسطيني إلى إجازة عمل - وحتى لو كانت مُعفاة من الرسوم - لأنّ وجودهم في لبنان بشكل قسري جرّاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ومُسجّلين في سجلات وزارة الداخلية اللبنانية، ما ينفي عنهم صفة الأجنبي.
فيما تُصرُّ وزارة العمل على ضرورة حصول العامل الفلسطيني على إجازة عمل، وأصبحت مُعفاة من الرسوم.
ويُؤكد الوزير أبو سليمان أنّه قدّم الكثير من التسهيلات لحصول الفلسطينيين على هذه الإجازة، وإنّ ما قام به هو تنفيذ لما طالبت به "لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني" في العام 2017، والقرار الصادر عن وزير العمل السابق محمّد كبارة بتاريخ 15 شباط 2018، مع تسهيلات في المستندات المطلوبة.
معالجة قضية العمال الفلسطينيين تحتاج إلى قرارات ومراسيم، وبينها من مجلس الوزراء، وهو ما يأمل الفلسطينيون بأنْ يتم إقراره في أوّل اجتماع للحكومة بعد انتهاء جلسات التصويت على الموازنة في المجلس النيابي.
وأمس، كانت "جمعة فلسطين" شملت المخيّمات الفلسطينية، وعدداً من المدن والبلدات اللبنانية، رُفِعَتْ خلالها الأعلام اللبنانية والفلسطينية، والرايات الحزبية والشعارات، مع هتافات تُطالب بإنصاف الفلسطيني، ومنحه حقوقه التي تُعزّز تمسّكه بحق العودة ورفض التوطين، وتزيد من أعبائه الحياتية والمعيشية.
فيما كان أطفال "نادي الجليل" في مخيّم برج الشمالي - صور يقدّمون الورود إلى ضبّاط وعناصر الجيش اللبناني على مدخل المخيّم.
السفير دبور
من جهته، أكد السفير دبور "أنّنا نريد إنهاءً كاملاً للوضع المعيشي السيىء الذي يعيشه الشعب الفلسطيني. إذ يجب أنْ يحيى الفلسطيني حرّاً وكريماً هو وعائلته وأهله، إلى حين عودته إلى بلده، لأنّ هذا الشعب حضر قسراً إلى لبنان، ولم يأتِ للسياحة".
وأشار السفير دبور إلى أنّه "لو كانت فلسطين مُحرّرة اليوم، لما رأينا فلسطينياً واحداً إلا في منزله في فلسطين"، مُوضحاً أنّ "الوجود الفلسطيني في لبنان ليس وجوداً أجنبياً، بل هو وجود لاجئ، ونُطالب كما اللبناني بالعيش الكريم".
وشدّد على "أننا لا نريد إلا أنْ نأخذ الحقوق التي هي من حقّنا كبشر وكمجتمع، ولبنان لن يقبل على نفسه أنْ يختزل شيئاً من هذه الحقوق عن الشعب الفلسطيني"، مُعرباً عن "أنّنا نريد أنْ نُعَامَل كاللبنانيين بالنسبة إلى الحقوق الإنسانية، ولا نريد التوطين".
وذكّر بأنّه "في الفترة الأخيرة صدر موقف لبناني - فلسطيني واحد، بأنّنا نرفض التوطين و"صفقة القرن"، لذلك لن يستطيع أحد أنْ يجر أو يُفكّر أنّ باستطاعته أنْ يُغيّر بوصلة شعبنا الفلسطيني. ومَنْ يُفكّر بذلك يكون واهما".
ونوّه السفير دبور إلى أنّ "أمن لبنان هو أمن المخيّمات الفلسطينية، واستقرار لبنان وعافيته، هو دعم لقضيتنا، ولبنان قوي يعني فلسطين قوية"، مجدِّداً تأكيد أنّ "بوصلة الشعب الفلسطيني لن تنحاز إلا إلى فلسطين".
"مجموعة العمل اللبنانية"
إلى ذلك، عقدت "مجموعة العمل حول قضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان"، التي تضم ممثّلين لـ"التيار الوطني الحر"، "تيار المستقبل"، "الحزب التقدّمي الاشتراكي"، حركة "أمل"، "القوّات اللبنانية"، و"حزب الله" اجتماعاً، صباح أمس في مقر "لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني" في السراي الكبير.
وترأس الاجتماع رئيس لجنة الحوار الوزير السابق الدكتور حسن منيمنة، حيث ناقش خلاله المجتمعون "الأوضاع والتطوّرات التي رافقت تطبيق وزارة العمل خطتها لـ"مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية"، وما أثارته من احتجاجات واعتراضات من اللاجئين الفلسطينيين".
كما ناقشوا "الدعوة إلى عرض الموضوع على مجلس الوزراء وضرورة إصدار المراسيم التطبيقية لقانوني العمل والضمان 128 و129 المعدلين وإقرار "وثيقة رؤية لبنانية مُوحّدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان" التي أطلقتها المجموعة عام 2017".
وأحال المجتمعون نتائج اجتماعهم إلى رئاسة مجلس الوزراء في بيان حمل تواقيع المشاركين: النائب سيمون أبي رميا عن "التيار الوطني الحر"، النائب علي فياض "حزب الله"، الوزير السابق الدكتور طوني كرم "القوّات اللبنانية"، النائب السابق الدكتور عمار حوري "تيار المستقبل"، محمد الجباوي حركة "أمل"، والدكتور بهاء أبو كروم عن "الحزب التقدّمي الاشتراكي"، توافق فيه المجتمعون على "ضرورة إيجاد الحلول المناسبة لمُعالجة المشكلة الحالية بما يضمن تطبيق القوانين اللبنانية وحفظ الوضع الخاص للاجئين الفلسطينيين في لبنان".
مسيرات في صيدا
* ميدانياً، نفّذت القوى الإسلامية اللبنانية والفلسطينية في مدينة صيدا، أمس، اعتصاماً في ساحة الشهداء في المدينة، عقب صلاة الجمعة، تحوّل إلى مسيرة راجلة وسيّارة، جابت بعض شوارع صيدا، بمواكبة عناصر من الجيش اللبناني والقوى الأمنية استنكاراً لقرار وزير العمل أبو سلميان بحق العمّال الفلسطينيين.
شارك في الاعتصام، ممثّلون عن القوى والأحزاب الفلسطينية واللبنانية الإسلامية، فرفعوا الأعلام الفلسطينية واللبنانية، ولافتات ندّدت بقرار الوزير، وأكدت أنّ "الفلسطيني لاجئ لحين عودته إلى بلاده وليس أجنبياً"، وأطلقوا هتافات داعية إلى "مواصلة التحرّكات حتى إسقاط هذا الإجراء".
وتحدّث في المعتصمين نائب رئيس المكتب السياسي لـ"الجماعة الإسلامية" في لبنان الدكتور بسام حمود فأكد أنّ "خطورة قرار وزير العمل تكمن في البعد السياسي، وهو إسقاط كلمة اللجوء عن الشعب الفلسطيني، تمهيداً لإسقاط حق العودة وللتوطين، كما تمهيداً لإنجاح صفقة العار "صفقة القرن" ومؤتمر البحرين".
وألقى الشيخ خالد العارفي كلمة "هيئة العلماء المسلمين" في لبنان، داعياً وزير العمل إلى "الاستقالة"، وقال: "ليس منّا مَنْ يُحاصر إخواننا السوريين والفلسطينيين.. إنّنا في الهيئة ماضون في التحرّكات، ومتضامنون حتى نيل الفلسطينيين حقوقهم ورفع الظلم عنهم".
من جهته، اعتبر المسؤول الإعلامي لحركة "حماس" رأفت مُرّة أنّ "قرار الوزير اعتداء على كرامة وحقوق الفلسطينيين في لبنان".
عين الحلوة
*وفي مخيّم عين الحلوة، ووسط تدابير مشدّدة اتخذها الجيش البناني، عند مداخل المخيّم وفي شوارع وأحياء مدينة صيدا، خرج الآلاف من الفلسطينيين في مسيرة، دعت إليها الفصائل والقوى الفلسطينية بعد صلاة الجمعة، انطلقت من "مسجد النور"، وجابت شوارع المخيّم، وصولاً إلى مدخل الحسبة، المتاخم لمدينة صيدا، بمشاركة قيادات عسكرية وسياسية فلسطينية، أطلقت هتافات مندّدة بقرارات وزير العمل، داعية إلى مواصلة التحرّكات والاعتصامات.
مخيّمات صور
*وفي مخيمات منطقة صور، خرج عدد كبير من أبناء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، في مسيرات احتجاجية بعد صلاة الجمعة، شارك فيها ممثّلون عن القوى والأحزاب الفلسطينية والإسلامية، فرفعوا الأعلام اللبنانية والفلسطينية، ولافتات ندّدت بقرار وزارة العمل المتعلّق بالعمّال الفلسطينيين في لبنان، مؤكدة أنّ "الفلسطيني لاجىء حتى عودته الى بلاده"، وكُتِبَ على بعض اللافتات: "نحن هنا قسراً ولا بديل عن فلسطين".
كما أطلق المتظاهرون شعارات وهتافات دعت إلى "مواصلة التحرّك حتى التراجع عن القرار المجحف بحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان".
لقاء تضامني
*هذا، ونظّمت "الجمعيات الأهلية والاجتماعية والأندية" في منطقة صور، لقاءً تضامنياً مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وذلك في "منتدى صور الثقافي"، بحضور ممثّلين عن فصائل "منظّمة التحرير الفلسطينية" وفاعليات سياسية واجتماعية.
بعد النشيدين اللبناني والفلسطيني، ألقى نائب رئيس المنتدى الدكتور ناصر فران كلمة، ومما قال فيها: "ليس بهكذا نكافئ الشعب الفلسطيني، الذي قدّم التضحيات عن العرب إلى جانب اللبنانيين"، معتبراً أنّ "إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المدنية أكثر من واجب، فهذه الحقوق لن تمنعه من حق العودة الى دياره".
برج الشمالي
* إلى ذلك، قام أطفال "نادي الجليل الفلسطيني"، أمس، بزيارة حاجز الجيش اللبناني على مدخل المخيّم، حيث كان في استقبالهم قائد السرية وضبّاط وجنود الحاجز.
وبعد تقديم الورود إلى كافة الضبّاط والجنود قالت الطفلة ملك نهيلي: "نحن أطفال فلسطين، وأطفال المخيّم نحبّكم... وجينا نقدّملكم ورد لأنّه نحن وياكم واحد... إنتم بتحمونا".
وتمَّ تقديم المياه والفواكه للأطفال والابتسامات الحنونة من قِبل افراد الجيش.
وتحدّث عضو الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم الشتات/لبنان محمد رشيد أبو رشيد قائلا: "علّمونا ونحن صغار أنّنا شعب واحد وتأكدنا ونحن كبار أنّنا عائلة واحدة مع الشعب اللبناني وجنوده الابطال، حيث تجمعنا وحدة المصير والدم والمصاهرة والأخوة والأمن والسلام، وقد جاء أطفالنا ليقولوا للعالم إننا نحب الجيش ونحن مع القانون الذي يحمي كرامتنا وعزتنا ونحن ضيوف لديكم وسنستقبلكم على أرض فلسطين وهي محرّرة من براثن العدو الغاشم، وسنزرع سوياً شجرة زيتون وأرزة لبنان، وسنرفع علم فلسطين ولبنان فوق ترابنا وارضنا".
سبلين
* كما نفّذت الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية و"لجنة المتابعة اللبنانية – الفلسطينية" في منطقة داوود العلي في سبلين، عقب صلاة الجمعة، اعتصاماً أمام مسجد داوود العلي، احتجاجاً على إجراءات وزارة العمل.
وأُلقيت كلمات طالبت "وزارة العمل بالعودة عن قرارها، وإعادة النظر بالموضوع كون الفلسطينيين ضيوفاً مؤقتين".
"الاتحاد العام لعمّال فلسطين"
كما أصدر "الاتحاد العام لعمّال فلسطين" بياناً وجّه عبره التحية إلى "رئيس الاتحاد الدولي لنقابات عمال العرب غسان غصن، والاتحاد العمالي العام في لبنان من خلال مسير الاتحاد حسن فقيه "أبو طلال" والمكتب التنفيذي للاتحاد، على المسارعة في عقد الاجتماع الثلاثي بين "الاتحاد الدولي لنقابات عمّال العرب" و"الاتحاد العمالي العام في لبنان" و"الاتحاد العام لعمّال فلسطين"، لمُتابعة المستجدات، واحتواء الأزمة التي طرأت من خلال دعوة وزير العمل لمكافحة العمالة الأجنبية، التي طالت العامل الفلسطيني، وما عكسه هذا القرار على الشارع الفلسطيني من استنكار".
وتابع البيان: "حيث أكد الجميع أنّ مصلحة العامل البناني أولاً ومن ثم الحفاظ على العمّال العرب وإعطاء الفلسطينين مُقوّمات الحياة، وحيث إنّهم مُقيمون وليسوا وافدين، وإصلاح التشريعات الخاصة بهم، فإنّ قرار وزير العمل أتي في الوقت الذي يتعرّض له شعبنا لمخطّطات الولايات المتحدة الأميركية التي تستهدف القضية الفلسطينية، فأتى هذا اللقاء النقابي التشاوري ليصوّب الأمور ويؤكد دعم العمّال اللبنانيين لإخوانهم الفلسطينيين".
وأضاف: "كما أكد عمّال فلسطين أنّهم لن ولم يكونوا، لا مزاحمين، ولا بديلاً عن أصحاب الأرض، ونحن تحت سقف الدولة اللبنانية، نعترف بحق الضيافة لشعب فلسطين اللاجئ قصراً، إنّما الضيف يريد دعماً لصموده لمُحاربة التوطين، والعودة إلى دياره، وتنفيذ القرار 194، وحرصاً من الجميع بحثنا سُبُل احتواء الأزمة في الشارع، حيث أكدنا أنّ أمن الشارع من أمن المخيّمات، وتمنّى الجميع على وزير العمل تنفيس الأجواء المشحونة، وإيجاد حل لهذا الموضوع، مشددين على الأمن والأمان والاستقرار في لبنان الحبيب".
وختم: "فخرج بيان فيه مفردات تدل على الحرص لدى الجميع من أجل خدمة عمّال لبنان أولاً والعمّال العرب وعمّال فلسطين بصفة خاصة، لأنهم لاجئون مقيمون ويجب إعطاؤهم سُبُل إعالة أسرهم وسُبُل الصمود في وجة المؤامرات التي تستهدف قضيتهم التي تطال لبنان أيضاً".