مرة جديدة تجد "النشرة" نفسها معنية بالدفاع عن القوانين، اذ لا شكّ بأن أحدا لن يقف الى جانب محتقري الاديان، مهما كانت توجّهاتهم الدينيّة والسياسيّة والاجتماعيّة والحزبيّة، ولكن بنفس الوقت نعيش في بلد يحكمه القانون والدستور، ولا يجوز بأيّ حال من الاحوال ممارسة "النكايات" او استغلال مواطن ما ليكون عبرة لغيره، من خارج القوانين المرعية.
هو مواطن من دين معيّن اخطأ بحق دين غيره، في معرض ردّه على مواطن من دين آخر، اخطأ بحق دينه، فكان الفعل مدانا وردّة الفعل مدانة، ومسرح الاخطاء، كان "وسائل التواصل الاجتماعي". لم يدّعِ أحد على محمد وهبة الذي يعمل في أفريقيا، بل تحركت مخابرات الجيش بعد الاستحصال على الأذونات المطلوبة، فأوقف الامن العام وهبة في مطار بيروت الدولي وسلّمه للمخابرات.
هنا من الطبيعي أنّ ما قام به محمد يستوجب المحاسبة، والمكان القانوني للمحاسبة بحسب المحامي شادي حسين هو محكمة المطبوعات، أو القاضي المنفرد الجزائي، وبكل تأكيد لا صلاحيّة للقضاء العسكري. ويضيف حسين في حديث لـ"النشرة": "أخطأ القانون عندما أحال ما قام به محمد وهبة المُدان للقضاء العسكري والنيابة العامة العسكريّة التي ادّعت عليه امام قاضي التحقيق بجناية، الامر الذي يشكّل مخالفة صريحة للأصول القانونيّة المفروض اتباعها بالأفعال التي تعبّر عن الرأي والتي تصيب او تخطىء، والمكان الطبيعي لهذه الأفعال، ولدينا على ذلك شواهد كثيرة، محكمة المطبوعات، أو يحصل كما جرى منذ يومين في الدعوى التي رفعها المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى على 3 أشخاص بجرم إثارة النعرات والقدح والذم، وتمت إحالتهم امام القاضي المنفرد الجزائي في بيروت بجرم القدح والذم".
يؤكّد حسين أنّ كل الحالات المشابهة لحالة وهبة لم تذهب الى القضاء العسكري، مشيرا الى وجود حالات اخطر من حالته أيضا لم تشهد أيّ تحرك قضائي، لذلك يصبح تدخل القضاء العسكري في غير مكانه ويشكل مخالفة قانونية صريحة يجب التراجع عنها لاحالة القضية أمام المراجع المختصة.
إن هذه النكايات التي تقع على رؤوس أشخاص محدّدين ستزيد حالات الحقد بين اللبنانيين، وستؤجّج المشاعر الطائفيّة، لأن التشفّي يوّلد الكره، والكره لن يؤدّي الا الى الصدام، يقول حسين، مشيرا الى أنّ المطلوب محاسبة كل مخطىء ولكن وفق القوانين، لأنّها الحكم، والقضاء هو المرجع الوحيد الذي كنا نؤمن بسلامته وعدالته.
تتفاعل قضيّة وهبة على وسائل التواصل، وفي القضاء، اذ شهد أمس ادّعاء أحد المحامين على حسابات على وسائل التواصل تثير النعرات الطائفية، طالبا من النيابة العامة التحرك، الامر الذي سيودي اذا ما استمرّ الى مزيد من الدعاوى. هنا تشير مصادر الى أن لا غطاء على أحد ولكن بنفس الوقت لا لحالات التشفّي والتمييز، داعية عبر "النشرة" الى احترام القوانين التي ترعى حالات التعبير عن الرأي.
في تفاصيل قضية محمد انه أحيل الى القضاء العسكري، فاستلم القضية القاضي بيتر جرمانوس وبعده القاضي فادي صوّان الذي يصرّ على الادعاء عليه بجناية. اليوم ينتظر وهبة التحقيق أمام قاضي التحقيق الذي يملك 3 خيارات فإمّا يختمه ويحيله موقوفا أمام المحكمة العسكرية الدائمة للحكم، وإما يدّعي عليه، وإما يستدرك ما يحصل ويعلن عدم صلاحية المحكمة العسكرية فيعيده للنيابة العامة ليسلم الملفّ الى المسار المطلوب.
مجدّدا تؤكّد "النشرة" انها لا تدافع عن الشاب بشخصه، لا بل تدين كلامه وكلام من كانَ الرد موجها اليه وكلام الردود اللاحقة، وتدين كل كلام طائفي، سواء صدر من شخص عاقل او غير عاقل، بُرّر بجنون وحالات نفسيّة أم لم يُبرَّر، وتسعى كما دائما لأنْ تكون صوت الحقّ في وجه الممارسات اللا قانونيّة، صونًا لما تبقّى من عدالة في هذا الوطن، ومنعا من ازدياد الأحقاد بين اللبنانيين.