لفت النائب السابق فادي كرم خلال توقيع الكاتب وائل خير كتابه تحت عنوان "من يدحرج الحجر" مصير مسيحيي الشرق في قاعة "ال نهيان" في جامعة البلمند في الكورة إلى أنه "من الصفحة الاولى للكتاب أبدأ مداخلتي هذه حول كتاب لمفكر أدخلنا فورا ومن السطر الأول في المخاض الخطير الذي يمر به وطننا الجبيب، لا بل المخاض الوجودي الذي نمر به، فوطننا التاريخي بأرزاته، المظللة لشعبه والحامية لحريته والدافعة لعنفوانه، تتعرض اليوم منطقته الإقليمية لحقبة من التغيرات البنيوية، يذكرها الكاتب في صفحات كتابه لإبداء خشيته على الحضور المسيحي بشكل عام والارثوذكسي بشكل خاص، ولكنه يستدرك فورا في الصفحة الثانية ليقول ان محو القتامة يبقى بيدنا نحن، ان عرفنا ان نأخذ الخيارات الإنقاذية".
وأشار إلى أن "هنا يأتي دوري كسياسي، ارثوذكسي العقيدة الإيمانية، أنتمي لحزب سياسي قراره لبناني وشعاره الأرزة ووجوده من وجودنا وبقاؤه من بقاء هذا الوطن التاريخي، سياسي أمثل، بأصوات أبناء منطقتي وليس بالقانون الانتخابي، أمثل اغلبية في منطقة اغلبيتها أرثوذكسية، فيقع على مسؤوليتي المشاركة في وضع الرؤية الإنقاذية، ولأنني اعتدت على الخوض في الأمور المصيرية فقد طرحت في عدة لقاءات نظرتي لهذا الأمر المتمثلة بأن "خلاصنا يأتي من فعاليتنا، ووجودنا من دورنا". فيأتي هذا الكتاب القيم اليوم ليؤكد في صفحته 203 اعتقادي الراسخ هذا. يسرد الكاتب في تلك الصفحة النقاشات التي كانت تجري بين ممثلي الدول العظمى في ذلك الوقت حول التقسيمات الادارية التي من المفترض ان تقلص التشنجات بين اللبنانين بعد الأحداث المؤلمة التي شهدها جبل لبنان وما نتج عنها من فرز طائفي، فتلك النقاشات كانت تدور حول وضع نظام جديد لجبل لبنان بناء على تقسيم طائفي ومذهبي، وقد خصص للكورة نتيجة اصرار المندوب الروسي في المفاوضات نفيكوف، وهو السكرتير الأول للوزارة الروسية في اسطنبول، خصص للكورة قائمقامية، اعتبر المندوب الروسي بطرحه هذا أن القائمقامية الأرثوذكسية هي للحفاظ على الدور الارثوذكسي في الجبل اللبناني وفي مستقبل لبنان. وان اردنا ان نترجم ذلك الواقع على واقعنا الحالي فأضعه تحت عنوان " ماذا تقدم المجتمعات لأوطانها وللمجتمعات الأخرى وللإنسانية جمعاء".
وأضاف "إن مبدأ الفصل والعزل والخطوط الحمر بين المجتمعات من أجل الحماية والتمايز قد ولى، فتلك الإستراتيجية انتهى دورها، ولسنا هنا اليوم لتقييم نتائجها، فالإنسانية اليوم في قرية كونية، وإنفتاح الحضارات على بعضها أصبح واقع وحقيقة لا ينتظر الموافقة من أحد فكل ما نستطيع القيام به هو التأثير على مسار هذا الانفتاح، فهل هو حوار أو صراع؟"، مشيراً إلى أن "نحن اللبنانيين بشكل عام والارثوذكسيين بشكل خاص مؤهلين للعب دور الموجه لهذا الانفتاح للجغرافيا تأثير كبير في مسائل استراتيجية كهذه، فجغرافية الكورة التي تتوسط أقضية أخرى كل لها ميزاتها، تستطيع أن تلعب دور الجامع، أي القضاء المركزي للأقضية المجاورة والكورة هي المناسبة جغرافيا وبنيويا وفكريا، ولا أكشف سرا إن أعلنت اليوم أنني أسعى منذ فترة لتمركز دوائر الدولة اللامركزية في هذا القضاء الجامع، القضاء اللقاء، وقد ساهمنا في تحقيق بعضها على أمل ان نستقبل دوائر أكثر".
وتابع "أما النقاش الارثوذكسي-الارثوذكسي الذي فصله الكاتب في كتابه هذا، فهو نقاش غني بالفلسفة وبالتراث الفكري، والإنجاب له قد يبعدنا عن الواقعية وعن السياسات الاقتصادية والعلمية والإدارية وهو حتما نقاش يضيء المسار المستقبلي الريادي، ولكنه لا يفي بالمتطلبات التطورية الحياتية، فالعالم متغير ومتطور تكنولوجياً والفلسفة ليست الأداة للتطور بل الرؤية العلمية هي الآداة لترجمة فلسفتنا".