أكد مستشار وزير الخارجية أنطوان قسطنطين أن "التيار الوطني الحر" كان ولا يزال تيارا سياسيا يحمل مشروعا علمانيا للدولة اللبنانية ويصرّ عليه، "لكن أن نحمل هذا المشروع لا يعني على الاطلاق أن نتنازل عن حقوق من نمثلهم في هذا النظام الطائفي الذي يرتضيه اللبنانيون حتى الآن"، مشددا على ان "لا تناقض بين طموحنا لقيام دولة مدنية بكل المقاييس وبين المطالبة بالمناصفة الشاملة والعادلة طالما النظام الطائفي لا يزال قائما".
واستغرب قسطنطين في حديث لـ"النشرة"، "كيف أن مسؤولا سياسيا او تيارا او حزبا ما يعطينا دروسا ويتهمنا بالطائفية، وهو يصر على تكريس الوجه الطائفي بالدستور، من خلال حديثه عن مناصفة في الفئة الأولى حصرا"، لافتا الى ان ذلك هو "الاعتراف منه بأن الدستور عادل بما يخص الفئة الأولى وملتبس بما يخص باقي الفئات". وقال: "بدل أن يقول تعالوا نلغي كل المحاصصة الطائفيّة ونذهب باتّجاه الدولة العلمانيّة بكل مندرجاتها، يقول نريد من النظام الطائفي ما ينفع مصالحنا، ونتمسك من الدولة العلمانية بما يرضي مصالحنا أيضا، وبالتالي هذه الازدواجيّة هي العلّة الاساس بطريقة مقاربة الموضوع".
وأشار قسطنطين الى أنّ لـ"التيار الوطني الحر" قراءته للمادة 95 من الدستور، كما للآخرين قراءتهم، ما يستدعي وضعها على بساط المناقشة في مجلس النواب، وأضاف: "برأينا العمل بهذه المادة بما يتعلق بالوظائف يبدأ بعد تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، وبالتالي طالما هذه الهيئة لم تتشكّل يجب أن تبقى المناصفة قائمة بكل الوظائف، على ان يشكل ذلك حث جميع الفرقاء للذهاب الى الدولة المدنيّة"، لافتا الى ان "وزير الخارجية جبران باسيل كان قد وجه دعوة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري لنتشارك معه تطوير النقاش ووضع الاسس اللازمة لتكريس مدنيّة الدولة لا بل علمانيتها اذا كان اللبنانيون يرتضون ذلك". وأردف "أما اتهامنا بالدفاع عن حقوق المسيحيين باطار النظام الطائفي القائم، فبالنسبة الينا هذه ليست تهمة بل واجب علينا".
وردّا على سؤال عما اذا كان "الوطني الحر" يخوض هذه المواجهة وحيدا، قال قسطنطين: "ان يكون الغير معنا او لا فهذه مشكلته. نحن نعبّر عن رأينا بشكل واضح ومن دون قفازات، وهنا لا نطلق معركة بوجه أحد، إنّما كل ما نقوم به هو اطلاق صرخة انذار ليتنبه جميع اللبنانيين أن التمادي في هذا النهج يولد مشاعر غبن عواقبه لن تكون سليمة". واعتبر أن "البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي انضم لصرختنا بما يُظهر أنه ليس بعيدا عن موقفنا، كما كان هناك موقف لأحد نواب "القوات" يلامس ما نقوله، ما يستدعي ان يتحمل الجميع مسؤولياتهم لجهة ضمان تحقيق الشراكة الحقيقية والمتوازنة".
واعتبر قسطنطين انّ "التعاطي مع هذا الملف يشبه رقصة التانغو بحيث لا يمكن أن ينجح طرف واحد بالرقصة، فالأمر يستدعي استجابة جميع الأطراف لأنّ التذاكي والتلاعب بهكذا مسائل يؤدي لضرر كبير". وتوجه بسؤال الى "من سبق له أن هدّد بوقف العدّ" قائلا: "هل المسألة مسألة ابتزاز وسيف مسلط فوق رؤوس المسيحيين؟ هل هكذا تُبنى الاوطان بالتهديد والابتزاز؟ ام انه بات المطلوب أن تصبح الدولة مختصرة بطوائف محددة وتغيب عنها طوائف أخرى؟ هل نقف مكتوفي الايدي امام ضمور المسيحيين عن الترشّح الى وظائف القطاع العام ونغمض أعيننا امام هجرتهم للدولة والقطاع العام، او نضع معايير وضوابط جديدة وحتى لو اقتضى الامر التعديل بالقوانين والدستور"؟.
وشدد قسطنطين على أن "التيار الوطني الحر" معني باصدار الموازنة وبعودة عمل الحكومة، "لكن السكوت عن الحق فعل شيطان أخرس، من هنا سنظل نجاهر بحقيقة ما نفكر فيه ايمانا منا بأن الناموس أي الدستور والقوانين وُضعت لخدمة الانسان وليس العكس".