قبل ساعات المساء الاولى نهار الاحد الماضي حصلت اشتباكات بين مهربين من الجنسيتين السوريّة واللبنانيّة في جرد المصنع مجدل عنجر، أسفر عنها مقتل 2 من المهربين السوريين نُقلا الى الجانب السوري، وجُرح 2 من اللبنانيين نقلا الى مستشفيات المنطقة في البقاع. على الاثر قام الجيش اللبناني بتمشيط المنطقة الفاصلة بين لبنان وسوريا في تلال مجدل عنجر وجبل الصويري، للبحث عن جرحى أو مسلّحين.
لا يُعتبر موضوع التهريب جديدا، فالامر عمره يكاد يكون من عمر "الجرود"، الأمر الذي يطرح علامات إستفهام حول عدم ضبطه حتى اليوم، فماذا في تفاصيل تلك النقطة. تعدّ نقطة "الصويري" القريبة من جرود منطقة "المصنع" الحدودية من أشهر المناطق التي تشهد تهريبا للأشخاص السوريين الى لبنان، ولكنها بطبيعة الحال لا يمكن فصلها عن عشرات المعابر غير الشرعية المعروفة من قبل جميع القوى اللبنانية.
بالعودة الى نقطة الصويري، تكشف مصادر مطلعة عن "الخطوط العريضة" لعمليات تهريب الأشخاص، مشيرة الى أن المهربين هم بأغلبهم من الجنسيّة السوريّة، بينما المشغّل من الجنسية اللبنانية. وتضيف: "يخرج المُهَرِّبون والمُهَرَّبون من "المصنع السوري" بطريقة شرعيّة، ومن ثمّ يقصدون الجرود، ويتوغلون داخل الأراضي اللبنانيّة"، مشدّدة على أنّ ما يهم السلطات السوريّة هو خروج ودخول السوريين الى سوريا بطريقة شرعيّة، اما ما يحصل بعد ذلك فهو مسؤوليّة اللبنانيين.
يتزعّم "الراعي" مجموعة التهريب من سوريا الى لبنان، ونادرًا ما تُهرّب بضائع في تلك النقطة، وتكون عمليّة التهريب منسّقة بين المُهرِّب والمشغِّل في لبنان، ويحفظ "الراعي" الطرق الوعرة عن ظهر قلب، ويتحرّك ليلا. وهنا تشير المصادر الى وجود مجموعات أخرى فاعلة في تلك الجرود، مؤلّفة من 4 او 5 أشخاص، تسمى مجموعات "قطع الطرق" ومهمتها سرقة ما يملكه المهرِّب والمهرَّب، كاشفة أنّ الجيش اللبناني اصطدم بهؤلاء مرات عديدة ودارت بينهم اشتباكات.
والمفاجأة التي تكشفها المصادر، هي أعداد الذين مَنَع الجيش اللبناني تهريبهم من تلك النقطة في السنوات الماضية التي لا تزيد عن 3 سنوات، اذ وصل عددهم الى حوالي 25 ألف سوريّ، مشيرة الى أن الإقفال النهائي لنقطة التهريب هذه يحتاج الى اجراءات استثنائيّة وتنسيق استثنائي بين السلطات اللبنانيّة والسلطات السوريّة.
بالنسبة الى الحلول التي توصل لمنع التهريب مطلقا تكاد تكون مستحيلة، اذ بحسب المصادر فإنّ الولايات المتحدة الاميركيّة بعظمتها تنوي بناء جدار لمنع تهريب الأشخاص، فكيف الحال بجرود لبنان الوعرة والجبال، حيث تشير المصادر الى أن نقطة التهريب في جرود المصنع وعرة للغاية وتحتاج الى حوالي 1000 عسكري لضبطها.
وتضيف المصادر: "الحلول المتاحة للتخفيف من حجم التهريب معروفة وهي تبدأ بتقريب المصنع اللبناني من المصنع السوري، بحيث تصبح رؤية المجموعات التي تخرج من سوريا مُتاحة بالعين المجرّدة، اما الحل الثاني فسياسيّ، ويحتاج لتعاون الدولتين اللبنانيّة والسوريّة".
اذا، يستمر التهريب عبر المعابر غير الشرعيّة، تهريب بشر، قد يكون بينهم ارهابيون مثلا، وبضائع تسبب الخسائر الضخمة للاقتصاد اللبناني، ولكن مكافحة التهريب تتطلب اكثر من خطوة، منها ما يتعلق باللبنانيين وحدهم، ومنها ما يحتاج التعاون مع سوريا، فهل هناك نيّة جديّة لذلك؟.