الإقتصاد المنتج يتطلب أسساً وأنظمة وهيكليات حديثة، سريعة وآمنة. ما زالت الحالة في لبنان بعيدة عن هذه المشهدية.
من المستحيل الحديث عن قطاعات منتجة في ظل البطء القائم أولاً وآخراً في التنمية الإدارية.
نعم، تمكننت الوزارات عبر إنشاء مواقع إلكترونية لها. بعض المعاملات الإدارية من الممكن المباشرة بتنفيذها عبر خدمة الإنترنت. ولكن، ماذا بعد. معظم المعاملات تحتاج ذهابا وإيابا الى مبانٍ وطوابق وأقسام وأدراج وأيام وأسابيع وحتى اشهر من أخذ ورد وتدقيقات بعضها نسبي.
تعود القوانين النافذة في لبنان المتعلقة بشروط بعد الرخص الصناعية والسياحية والتجارية الى السبعينيات رغم بعض التعديلات التي تحققت لاحقا. بعضها تعجيزي ولا يتوافق مع واقع العقارات او مع الحداثة في الإجراءات والشروط المتّبعة في دول الجوار، مثل قبرص، تركيا او الإمارات العربية المتحدة.
يجب ان تطرح الدولة أسئلة عدة من المنظار الاقتصادي حول المسائل التالية:
-كيف يؤثر النظام الإداري، النظام المصرفي، النظام القضائي، النظام التشريعي، النظام الأمني والنظام السياسي على مستوى جلب الاستثمارات الأجنبية؟.
-ما السبيل الأمثل والأسرع لتحقيق التطور المنشود للنهوض بالاقتصاد؟.
-كيف نعزز ثقة المستثمر الأجنبي بالاقتصاد المحلي وبالمناخ الاستثماري وبأركان الدولة لا سيما الركن الأمني (على مستوى ممارسة القوى الأمنية لمهامها)؟.
-كيف يمكن توزيع الاستثمارات الأجنبية على كافة المحافظات دون تمييز؟.
-هل تشجيع الاستثمارات يتوقف على مؤسسة عامة فقط؟
-كيف توضع الاستراتيجية الوطنية لتشجيع الاستثمارات و كم سنة يحتاج إعدادها وتنفيذها؟
-القانون وقم ٣٦٠ المسمى بقانون تشجيع الاستثمارات هل هو كاف ويحتاج فقط لتحديث؟
-لماذا لا تنشر الوزارات اللبنانية تقييمًا رسميًا لمخاطر الاستثمارات في قطاعاتها تبيّن مؤشراتها؟
عوامل عدّة تحوّل الاستثمارات الأجنبية الى دول أخرى غير لبنان. ليست الحال الأمنية السبب المباشر. من جهة أخرى، لا حوافز للاستثمارات الداخلية.
ارتفاع الفوائد على التسليفات المصرفية للمشاريع الاستثمارية تعرقل الوضع الاقتصادي وتشجع على الهجرة.
لا أفق واضح حول واقع الحياة الاستثمارية في لبنان كما لا مؤشر دقيق لمستوى البطالة بين خريجي الجامعات.
سوق العمل المحلّي يضيق امام اللبناني وكذلك الأسواق الخارجية بظل انحسار فرص الحصول على تأشيرات الهجرة.
كل شيء يدل اننا على اعتاب أزمة اجتماعيّة واقتصاديّة كبيرة، ولا بد من فتح سوق لبنان امام استثمارات اجنبيّة في قطاعات خاصة لا سيما صناعيّة وتكنولوجيّة وإلكترونيّة ما قد يؤمن مئات الاف فرص العمل.
لا يمكن الاستمرار في لبنان ضمن سياسة الأحادية الفردية او الحزبية، فالجهود لا بد ان تتضافر .
لا ينهض بلد وحده. إن لم ينهض بسواعده فنحن امام مخاطر احتلال اقتصادي من نوع اخر قد يُفرَض بدءاً من المصارف.
تبيّن تقارير غرفة التجارة والصناعة ان ارقام الاستثمارات الأجنبية قد ازدادت في قطاعات البناء وشراء وبيع العقارات.
الإنفاق الاستثماري للحكومة GIR يطرح علامات استفهام حول جدواه على الإنتاج المحلي.
السياسات المالية المختلفة والمتعددة التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة والتي أوصلت لبنان الى العجز ما زالت قائمة.
يقتنع كثيرون ان السياسات الاقتصادية والمالية الملزمة بشقّيها الطويل والقصير الأمد باتت حاجة وطنية، يجب البدء بوضعها. تجربة اليونان تدق بابنا ولا يبدو أن أحدا مستشعر بالقلق فعلا.