جسّد اللبنانيون والفلسطينيون اتحادهم في "عاصمة الجنوب"، صيدا، التي شهدت مساء أمس (الثلاثاء)، واحدة من أضخم التظاهرات في المدينة منذ سنوات عدّة، مُطالِبة بالحقوق المشروعة للاجئين الفلسطينيين.
من صيدا، ومخيّمَي عين الحلوة والمية ومية والبلدات المجاورة، خرج الآلاف شيباً وشباباً، نساءً وأطفالاً، متّحدون، يظلّلهم علما لبنان وفلسطين، ويكرّسون ما جسّدته وحدة الدم، مصاهرةً وتضحيات، ويرفعون اللافتات، ويردّدون الهتافات المُطالِبة بإقرار الحقوق الإنسانية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ورفض "صفقة القرن"، والتصميم على إسقاط كل المؤامرات، التي تُحاك ضد القضية الفلسطينية.
المسيرة المطلبية السلمية، التي نُظمت بدعوة من "اللقاء السياسي الشعبي اللبناني - الفلسطيني"، خرجت تنديداً بإجرات وزارة العمل، وتأكيداً على رفض التوطين، وتمسّكاً بحق العودة إلى فلسطين.
فجنباً إلى جنب، سار ممثّلو الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية والجمعيات والهيئات النسائية والشبابية، الذين باعدت السياسة في ما بينهم، فوحّدتهم الهموم المطلبية والمصيرية.
تقدّم المشاركين: أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" النائب الدكتور أسامة سعد وشخصيات سياسية واجتماعية ودينية لبنانية وفلسطينية، وحشد جماهيري كبير.
انطلقت المسيرة من ساحة الشهداء في صيدا، وصولاً إلى ساحة النجمة وسط المدينة، التي ما أنْ وصلتها حتى كانت لا تزال صفوف المشاركين تتجمّع في ساحة الشهداء، وسط إجراءات أمنية اتخذتها وحدات الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
سعد
وتوجّه النائب سعد في كلمة له بالتحية إلى "الثائرين والمُنتفضين من صيدا الأبيّة ومن مُخيّماتها المُقاوِمة، ومن كل لبنان، وإلى أهلنا الصامدين في فلسطين في وجه العدو الصهيوني".
وشدّد سعد على أنّ "الشعبين اللبناني والفلسطيني كانا معاً على مدى عقود من الزمن في النضال والكفاح، وسنبقى معاً إلى أنْ نعود جميعاً إلى فلسطين المُحرّرة من النهر إلى البحر، وفلسطين ستًحرر وستُهزم "إسرائيل" من قِبل هؤلاء الشباب، والشباب الفلسطيني هو الضمانة ضد التوطين".
وقال: "يا حكومة لبنان، الشعب الفلسطيني لا يريد منكم لا الجنسية ولا الامتيازات، إنّما يُريد كرامته الإنسانية، وهذا حق له. كما لا نرضى نحن الوطنيون اللبنانيون بديلاً عن كرامة الإنسان، وحق الشعب الفلسطيني. لا تخوّفوا الناس من التوطين، فالشباب الفلسطيني هو الضمانة ضد التوطين، هذا الشباب المُناضل المُكافح لا يُكافح من أجل الجنسية، وإنّما يريد العودة إلى وطنه، وإيّاكم أنْ تفرّطوا بكرامته الإنسانية".
ورأى أنّ "الإجراءات التي اتخذتها وزارة العمل هي إجراءات ساقطة، ولا تزال تُغطى من قِبل الحكومة، والجماهير اللبنانية والفلسطينية قد أسقطت هذه الإجراءات"، معتبراً أنّ "هذا القانون ظالم، وساقط عندما يسبّب الظلم، وتكون له انعكاسات خطيرة على أمن البلد واستقرار البلد ومعيشة الناس، فليسقط هذا القانون".
واستطرد بأنّ "حجّة وزارة العمل بحماية اليد العاملة اللبنانية عبر تطبيق القانون، إجراء غير سليم وغير بريء، ويخدم الصفقات وأصحاب الصفقات، فاليد العاملة اللبنانية هي بكل الأحوال منكوبة بسبب السياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية للحكومات المُتعاقبة".
وختم النائب سعد مُؤكداً "مُواصلة النضال من أجل إقرار الحقوق السياسية والاجتماعية والإنسانية والمدنية للشعب الفلسطيني، وإسقاط مشاريع التوطين والتهجير".
المطران حنا
وكان رئيس اساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس المطران عطا الله حنا قد وجّه رسالة صوتية إلى المتظاهرين في صيدا، ومما جاء فيها: "يسعدني أنْ أُشارككم، وأخاطبكم من القدس الشريف، عاصمة فلسطين، من منطقة وادي حمص المنكوبة، من ضواحي القدس، حيث قضى العدو على أكثر من سبعين منزلاً، وأحدث كارثة إنسانية وشرّد العائلات".
وتابع: "أحييكم وأحيي النائب أسامة سعد بإسمي وبإسم الوفود المُتضامنة مع حي وادي الحمص، وبإسم أبناء القدس المنكوبين، الذين أخرجوا بالقوّة من منازلهم قبل تفجيرها"، مؤكداً أنّ "هدف الفلسطينيين العودة إلى وطنهم، واللاجئون الفلسطينيون المُشاركون بالتظاهرة أقول لهم: فلسطين بانتظاركم، كل فلسطين من بحرها إلى نهرها وعاصمتها القدس، القدس بانتظاركم".
وناشد المطران حنا "السياسيين اللبنانيين من أجل التضامن مع اللاجئين، والوقوف إلى جانبهم ليتمكنوا من الحصول على حقوقهم المدنية، ريثما يعودوا الى وطنهم"، مُجدِّداً تأكيد أنّ "الفلسطينيين لا يريدون إلا أنْ تُحترم حقوقهم من أجل العيش بكرامة".