ليس القلق المسيطر على الكثير من القوى السياسية اللبنانية ومرجعيات شتى من تطورات دراماتيكيّة قد تشهدها المخيمات الفلسطينية بالتزامن مع استمرار الحملات المعترضة على الاجراءات القانونيّة التي تتخذها وزارة العمل باطار خطّتها لمكافحة اليد العاملة غير الشرعيّة، مبالغ فيه. اذ لا تخفي مصادر فلسطينية متعدّدة هواجسها أيضا من دخول طابور خامس على الخط للعبث بأمن هذه المخيّمات الممسوك منذ فترة وبالتحديد منذ وقف اشتباكات مخيم المية ومية في شهر ايار الماضي.
فلطالما تحرك الأمن في المخيّمات وبالتحديد في مخيم "عين الحلوة" على وقع التطورات والاحداث في لبنان والمنطقة، فكانت حوادث واستحقاقات بسيطة تفجّر الوضع في المخيّم الذي يعاني من اكتظاظ سكّاني كبير ومن سلاح متفلّت، والاهم من تمركز جماعات ارهابيّة-تكفيريّة متشدّدة فيه لا ترضخ بكثير من الاحيان لقرارات القيادة الفلسطينية المشتركة التي تدير شؤون المخيمات. لذلك تتخوّف مصادر لبنانيّة، من أن يشكّل الاجماع الفلسطيني الحالي على رفض اجراءات وزارة العمل منطلقا لتحرك الجماعات والعناصر المتطرّفة للعبث بالأمن مستفيدة من التحركات الاحتجاجيّة المستمرّة منذ أكثر من شهر، والتي تتخذ أشكالا شتى وتتحول الى الاضراب والاقفال العام كل يوم جمعة.
وتدرك قيادة الجيش حجم التحدّي الذي تواجهه في التعامل مع ملفّ المخيمات الفلسطينية في هذه المرحلة، لذلك اتّخذت بحسب مصادر، تدابير أمنيّة بمحيط هذه المخيمات كما هي تفتح خطوط اتصال مع كل الفصائل والجهات الفلسطينيّة المعنيّة لضمان عدم تطور الاوضاع باتجاه أيّ اشكالات أمنيّة. وأشارت المصادر الى أنّ الجيش يتواصل مع الجميع لبقاء الأمور هادئة، وهو يؤكد ان التحرّكات الشعبيّة التي يقوم بها اللاجئون منذ فترة مضبوطة كما ان الامن ممسوك، مؤكدة تجاوب وتعاون الجهات الفلسطينيّة المعنيّة مع كل ما يطلبه الجيش.
من جهتها، تبدو الفصائل الكبرى مستنفرة داخل المخيّمات منذ أسابيع لتخوفها من استغلال التحرّكات التي تقول انها تحرص على ابقائها سلميّة ومطلبيّة، من قبل جهات سواء داخل هذه المخيّمات او خارجها لتفجير الوضع وتوتير العلاقة بين المجتمعين اللبناني والفلسطيني. وفي هذا الاطار، تؤكّد مصادر فلسطينيّة اتخاذ التدابير اللازمة من قبل الجهات الامنيّة داخل المخيّمات لقطع الطريق على ايّ محاولات من هذا النوع، وبالتحديد على اي مسعى لاي احتكاك مع الجيش اللبناني، مشدّدة على انّ التنسيق قائم معه على اعلى المستويات وعلى مدار الساعة، وقد أثبتت التدابير والاجراءات المتّخذة من قبلنا وقبله جدواها بحيث بقيت التحركات سلميّة ولم تتطوّر الى أيّ اشكالات كبيرة تهدّد امن مخيماتنا والجوار.
الا أن طمأنة الجهات المعنيّة سواء اللبنانيّة او الفلسطينيّة للوضع الراهن، لا تبدو كافية للجم الهواجس من خروج الامور عن السيطرة في أيّ لحظة، طالما التوتر والاحتقان لا يزال مسيطرا داخل المخيّمات، ما يستدعي استنفارا سياسيا لبنانيا–فلسطينيا لمعالجة الوضع القائم بأسرع وقت ممكن. فهل تسبق الحلول السيناريوهات غير المستحبّة؟، ام تتسلل هذه الاخيرة الى الواقع اللبناني–الفلسطيني المتوتّر في ظلّ تعطّل العمل الحكومي والانشغال بالازمة السياسية الحالية؟.