في كل مرة تقترب الأزمة الأميركية-الإيرانية من الحل، يطرأ جديد ليعيد الشرخ بين الدولتين، ويعود معه التشنج إلى المنطقة، ففيما كان يترقب الجميع بدايات لحلّ الأزمة، خصوصاً بعد الزيارات الدوليّة التي تقوم بها بعض الدول على شكل وسيط، ظهرت مساء الأربعاء العقوبات الأميركية الجديدة بحق وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لتعود الأزمة إلى ما كانت عليه.
عن علم أو من دون علم، فأميركا، وبفرض عقوبات على ظريف، حوّلته في الداخل الإيراني إلى بطل مجددا، وخفّفت كثيرا من حدّة الانتقادات الموجّهة إليه. كما أن واقع إيران من الداخل، يؤكّد أنّ هذه الاجراءات ستؤدّي بالطبع إلى تقارب الإيرانيين في ما بينهم.
رغم أن هذه العقوبات لن تؤثر على ظريف كشخص، إذ أنه أعلن سابقا على لسانه أن لا أملاك ولا أموال باسمه خارج إيران، إلا أنّ أهميتها تكمن في استهدافها رأس الدبلوماسية الإيرانية، كما أنها ستؤدي إلى الحد من تحركاته خلال سفره الى الدول الأوروبيّة. وفي نفس السياق يرى المحلل السياسي الإيراني حسين ريوار، في حديث مع "النشرة"، أن "القرار الأميركي بفرض عقوبات على ظريف هو دليل على فشل دبلوماسي أميركي جديد، ويؤكد عدم رغبة واشنطن بالحوار"، لافتاً إلى أن "ما حصل هو فعل العاجز".
ويشير ريوار إلى أن "إعلان طهران نيّتها الخروج من الاتفاق النووي ليس تهديداً فقط بل هي جادة بذلك، فلا يعقل أن تلتزم وحدها بالاتفاق بينما تقوم الدول الأوروبيّة بالتهرب من التزاماتها"، لافتاً إلى أنّه "يحتوي على 11 بنداً على الدول الأوروبية التقيّد بها الا انها لم تفعل ذلك حتى اليوم".
قسوة الإمارات على السعودية!؟
على صعيد آخر، وفي ظل انغلاق كافة السبل حول إيران، أدّت الإستدارة الإماراتيّة إلى تغيّر في قواعد اللعب في الخليج. فالإمارات التي كانت رأس حربة في الصراع الإيراني–الأميركي–الخليجي، عدّلت من قراراتها السياسية وخرجت من محور المعاداة لطهران وبدأت تبحث عن صفحة جديدة من العلاقات، كان آخرها التوقيع على مذكّرة تفاهم لتعزيز العلاقات وترسيخ أمن الحدود، اثر لقاء جمع قائد قوات خفر السواحل الاماراتي العميد محمد علي مصلح الاحبابي وقائد قوات حرس الحدود للجمهوريّة الاسلاميّة الايرانيّة العميد قاسم رضائي، الامر الذي يجده خصوم ايران في المنطقة "ضربة" قاسية لهم.
ولعل أهميّة الزيارة الإماراتية الى إيران، تكمن بحصولها في هذه الظروف التي تعيشها طهران، مع الإشارة الى أنها المرة الأولى منذ عام 2013 التي يزور فيها وفد إماراتي إيران للتداول حول أمن الحدود، ويأتي كلام سياسي كبير عن خلاف بوجهات النظر بين السعودية والإمارات، يترافق مع قرار إماراتي مؤخرا بتخفيض أبو ظبي لقوّاتها في اليمن، ما يعني حكما ترابط الملفّات بعضها ببعض.
ويرى متابعون أن الإمارات قرّرت المضي قدما بما تمليه عليها مصلحتها، وعدم الاستمرار بحرب لا ناقة لها بها ولا جمل، خصوصا عندما نستطلع أرقام التجارة بين الإمارات وإيران، اذ وصلت قيمة التبادل التجاري بين البلدين عام 2017 الى حوالي 13 مليار دولار أميركي، ما يجعل الإمارات أكثر دول العالم تصديراً لإيران.
كلما سُدّت منافذ بوجه الجمهوريّة، فُتحت اخرى، أما بشأن أزمة ناقلات النفط، فيعتبر ريوار ان "رفع الحجز عن أيّ ناقلة نفط سيؤدّي إلى إخراج الناقلة على الجهّة الأخرى"، موضحاً أنه "رغم النفي الرسمي، إلا أن المطروح اليوم هو أن تطلق إيران ناقلة النفط البريطانية مقابل إطلاق بريطانيا للإيرانية".
اذا، لا تزال الأزمة الإيرانيّة تتراوح بين التصعيد الإيجابي لها والسلبي والتهدئة، فأيّ منطق ومسار ينتصر بالنهاية؟!.