ان يظهر قائد قوّة القدس في الحرس الثّوري الإيراني اللواء قاسم سليماني في منطقة البوكمال السوريّة الحدوديّة مع العراق، ويلتقي قادة ميدانيّين في الفِرَق العسكريّة الحليفة هناك، ففي ذلك مؤشّر لعمليّة عسكريّة كبيرة مُرتقبة في ملعب الإحتلال الاميركي، في وقت استقطبت ضربات الجيش السوري في عمليّاته العسكريّة مؤخرا ضدّ مجاميع جبهة النّصرة والميليشيات المتحالفة معها في ريفَي حماه وادلب، اهتمام محلّلين وخبراء عسكريّين، لناحية إطباق قوّاته على نقاط وبلدات استراتيجيّة محصّنة بينها تل ملح، مسجّلا “اهدافا بالجملة” في مرمى الإستخبارات التركيّة التي حصّنت البلدة بعتاد عسكري ضخم وحشدت فيها نُخبة قادة وعناصر الميليشيات التابعة لها بهدف تشكيل سدّ منيع يُفشل تقدّم القوات السوريّة، رغم الدّعم اللوجستي والإستخباري غير المسبوق التي تؤمّنه بالتوازي، انقرة وواشنطن وتل ابيب لتلك الميليشيات لمنع تحرير “المعقل الإرهابي الأكبر”، والإنطلاق بعده الى المعركة في شرق الفرات ” الذي بات على مقربة من عمليّة عسكريّة قد يكون حُدّد توقيت انطلاقها خلال زيارة الرئيس السوري الى طهران في شهر شباط المنصرم، ولقاءاته المسؤولين الإيرانيّين وحصر احداها على حضور اللواء قاسم سليماني – وفق ما كشف الصّحفي الألماني اولي غاك الأسبوع الماضي.
تؤكّد مصادر سوريّة انّ دمشق باتت مستعجلة اكثر من ايّ وقت مضى لتحرير منطقة شرق الفرات وانهاء حالة الإنفصاليّين الأكراد الشّاذة، الطّامحين لإقامة كانتون كردي يشكّل خنجرا في خاصرة سورية ويهدّد وحدة اراضيها، واستعادة المنطقة الغنيّة بحقول النفط والغاز التي باتت –بفضل الإنفصاليّين- بقبضة الدول المعادية وبشكل خاصّ “اسرائيل”، بينما يُحرم منها الشعب السوري الذي عانى الأمرّين من ازمة وقود جرّاء الحصار الإقتصادي المفروض على سورية..
مؤخرا تمّ الكشف عن تفويض ميليشيا “قسد” لرجل الأعمال “الإسرائيلي” موتي كاهانا، لبيع النّفط السوري في المناطق التي تُسيطر عليها، بعد فترة وجيزة من الكشف ايضا عن اجتماع قادة من الميليشيا الإنفصاليّة بوزير الحرب “الإسرائيلي” السابق افيغدور ليبرمان في مدينة “دشقلان” بكردستان العراق منتصف شهر ايّار الماضي.
حينها تمّ الإتفاق على كيفيّة تهريب كميّات اضافية من نفط الشرق السوري الى “اسرائيل”، مقابل تعهّد الاخيرة بدعم عسكري “اسرائيلي” كبير للإنفصاليّين الكرد وتأمين حظر جوّي فوق مناطق سيطرتها في سبيل تحقيق مشروع “كردستان سوريا”.. قبل ان يُكشف مرّة اخرى عن اجتماع ضمّ قادة من “قسد” وشخصيّات من الإستخبارات الإسرائيليّة والأميركيّة اضافة الى اخرى من السعوديّة والإمارات في مدينة اربيل في 13 من شهر حزيران الفائت- وفق ما اكّدت صحيفة “كيو ستريت جورنال” اضافة الى مصادر مقرّبة من “قسد”.
وبحسب الصحيفة، فإنّ الجانب “الإسرائيلي” ركّز في هذا الإجتماع على ضرورة زيادة الإنتاج النّفطي من آبار الشّرق السوري وآليّة نقل النّفط من هناك الى اقليم شمال العراق، ومنه الى ميناء جيهان التركي، لنقله لاحقا الى الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، على ان تحصل الرّياض وابو ظبي على كميّات ضخمة من القمح والشعير ونقلهما من الأراضي السوريّة الى كردستان، لتقوم حكومة الإقليم بنقله برّيا عبر طرقات العراق الى الأراضي السعوديّة..وتمّ الإتفاق ايضا على زيادة التعاون بين الموساد “الإسرائيلي” والإنفصاليّين الكرد وتدريب اعداد منهم في تل ابيب، مقابل تعهّد “قسد” بعدم تسليم المناطق التي تحتلّها للدولة السوريّة، والإبقاء على إغلاق كل قنوات الحوار معها.
ولا تقف خطورة الميليشيا الإنفصاليّة عند هذا الحدّ.. فارتباطها بمنظمة “بلاك ووتر” الإجراميّة، وثيق ايضا!
المنظّمة التي سبق للكاتب والصّحفي الاميركي جيريمي سكاهيل ان فضحها في كتاب” بلاك ووتر أخطر منظّمة سريّة في العالم”، بيّن انّ أعضاءها ارتكبوا جرائم مرعبة في مناطق سيطرة “قسد”، وهم يُطبقون فعليّا على حقول النّفط والغاز في شرق الفرات.. وفيما اكّد مركز “فيريل” الألماني للدراسات انّ مرتزقة هذه المنظّمة يسيطرون فعليا على نفط الشرق السوري تحت مسمّى “خبراء وعمّال نفط”، وانّ ابرز مهماتهم تكمن في حماية حقول النّفط في تلك المنطقة من ايّ هجوم للجيش السوري، بدا لافتا ما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية منذ شهور، حين تطرّقت الى من اسمتهم “معتقلين اميركيين لدى الدولة السوريّة”، ليتّضح فيما بعد –وبشهادة ضابطَين اميركيّيَن سابقَين لوكالة “فرانس برس”، انّ هؤلاء المعتقلين هم عناصر من منظّمة “بلاك ووتر” وقعوا في كمائن للجيش السوري عبر عمليّات استدراج نوعيّة.
وعليه، لا تُغفل دمشق رصد خطورة ما يجري في شرق الفرات سيّما الزيارات والإجتماعات المكثّفة لوفود اميركية وخليجيّة الى دير الزور وغيرها ربطا بقرار واشنطن ارسال قوّات برّية الى تلك المنطقة.. لعلّه من المفيد التذكير بالتحذير الذي سبق ووجهه الرئيس السوري الى جماعة الإنفصاليين الكرد” اما بالمفاوضات.. او التحرير بالنّار حتى لو احتميتم بواشنطن”..ويبدو انّ الخيار الثاني هو الأرجح.
ثمّة مؤشرات تُنذر باقتراب حدث عسكريّ هام في سورية يخرق تطوّرات المنطقة، على وقع مفاجآت مرتقبة تلي قرار الهدنة في ادلب والذي لا يُعرف بطبيعة الحال كم سيصمد.. العسكريّ السابق، كبير محرّري صحيفة” veterans today” جوردن داف، اعتبر انّ ظهور اللواء قاسم سليماني في مدينة البوكمال السورية منذ ايام، يعني انّ عمليّة عسكريّة ضخمة قد جهزتها دمشق وطهران قد تفاجئ الجميع فيّ ايّ لحظة.. وسط انباء وُصفت ب”الموثوقة” كشفت عن زيارة مُرتقبة لشخصيّة عربيّة غير مُتوقّعة الى دمشق للقاء الرئيس الأسد، تستحوذ الإهتمام الدّولي.