أكّد "مجلس الإنماء والإعمار" أنّ "كميّة المياه الّتي سيُرفد بها السدّ كافية بحسب الدراسة الهيدرولوجيّة الحديثة الموضوعة له"، وذكّر بأنّ "السدّ سيؤمّن مخزونًا يبلغ 125 مليون متر مكعّب من المياه سنويًّا ليُصار إلى جرّها إلى المناطق المستفيدة منه، علمًا بأنّ هذه الدراسة استندت إلى بيانات المتساقطات وقياس كميّات التصريف في نهر بسري للأعوام الـ40 الأخيرة والّتي تبيّن أنّ المعدّل العام لكميّة التصريف في نهر بسري هو 133 مليون م. م. سنويًّا، وترتفع كميّة التصريف إلى حدود الـ267 مليون م.م. في سنوات الغزارة، أي انّها تفوق كميّة التخزين المطلوبة، وبالتالي فإنّ هذا المخزون مؤمّن سنويًّا في الحالات الطبيعيّة".
ونوّه في بيان، حول ما يتعلّق بمقوله انّ طبيعة التربة تمتصّ المياه ولا تتيح تجميعها في السد، إلى أنّ "آراء العديد من الجيولوجيّين الّذين تمّت استشارتهم حول هذا الموضوع بمن فيهم الخبير الجيولوجي العالمي العضو في هيئة الخبراء الدكتور بول مارينوس، تؤكّد أنّ معظم الطبقات في البحيرة هي طبقات ضابطة للمياه. أمّا لجهة وجود بعض الطبقات النافذة فهو أمر قد تمّ اتّخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجته من ضمن تصميم السد، كما يحدث في كلّ السدود حول العالم". وأفاد بأنّ "أساسات السد ستخضع لعمليّات معالجة دقيقة لضبط المياه، ومنها أعمال الحائط المانع للتسرّب (cutoff wall) واعمال حقن الطبقات الصخريّة (grouting) بخرسانة خاصّة".
وفي شأن الزعم بأنّ كلفة المتر المكعب ستكون 6000 ليرة بينما سيُباع بـ600، أوضح المجلس أنّ "احتساب الكلفة الحقيقيّة للمتر المكعب من المياه يتمّ باحتساب الكلفة الاستثماريّة (CAPEX) والكلفة التشغيليّة (OPEX) للمشروع على فترة زمنيّة مستقبليّة (أقلّه لـ30 سنة)، واحتساب معدّل العائد الداخلي (Internal Rate of Return) - وهو مؤشّر رئيسي للدلالة على مدى الجدوى الاقتصاديّة – والّذي جاءت نتيجته جيّدة نظرًا للمردود الّذي سيؤمّنه المشروع على هذه الفترة، علمًا أنّ الكلفة الحقيقيّة للمتر المكعب من المياه وفقًا لهذه الدراسة لا تتخطّى الـ400 ليرة لبنانية، من ضمنها كلفة التكرير".
وركّز، ردًّا على الادعاءات بأنّ الدراسات والتقارير الّتي نشرها المجلس على موقعه الإلكتروني "منقوصة أو مزوّرة أو لا تحترم الأصول والمعايير"، أو "أنّها غير نهائيّة ولم تستكمل"، على أنّ "التقارير الّتي نشرها وعددها 36 تقع في أكثر من 8000 صفحة، هي دراسات محدّثة تشمل النواحي الزلزاليّة والجيولوجيّة والجيوتقنيّة والهيدرولوجيّة والهيدروليكيّة ودراسة تقييم الأثر البيئي والاجتماعي، ودراسة مقارنة البدائل ودراسة الجدوى وتقرير لجنة التفتيش العائدة للبنك الدولي وغيرها". وشرح "أنّه بادر في الفترة الأخيرة إلى تحديث واستكمال بعض من هذه الدراسات الّتي كانت موضوعة في التسعينيات للتماشى مع المعايير الحديثة العائدة لهذا الشأن، نظرًا لما كانت تحمله التقارير السابقة حول هذه الدراسات من "تساؤلات" فنيّة، ومنها الدراسات النهائيّة حول جيولوجيا المنطقة وبشكل خاص حول موضوع الفوالق ومخاطر الزلازل، ولو كان في نيّة المجلس إخفاء الدراسات المعدّة سابقًا، وهو طبعًا ادّعاء غير صحيح على الإطلاق، لما كان قد اتى على ذكرها او الاستناد إليها في نصّ الدراسات المحدّثة".
أمّا عن الادعاءات بأنّها دراسات "غبّ الطلب"، فكشف أنّ "هذه الدراسات أعدّت من قِبل العديد من المكاتب الفنيّة والاستشاريّة الهندسيّة المحليّة والأجنبيّة المرموقة، خلال الفترة الممتدة بين العامين 2012 و2017، وقد قامت لجنة الخبراء المستقلّة وكذلك خبراء "البنك الدولي"
بمراجعة هذه الدراسات وإبداء الملاحظات بشأنها في حال وجودها وتطويرها والموافقة عليها، علمًا أنّ هذه اللجنة شكّلت عملًا بالأصول المتّبعة عالميًّا في مشاريع السدود الكبيرة، وقد نالت موافقة "البنك الدولي"، وأعضاؤها مستقلّون عن "البنك الدولي" وعن "مجلس الإنماء والإعمار"، ولا سلطة لأي من الجهتين على آراء هؤلاء الخبراء".
وفي شأن انتهاء مدّة دراسة تقييم الأثر البيئي، والدعوة إلى إجراء تقييم جديد، لفت المجلس إلى أنّ "المادة 13 من المرسوم الرقم 8633/2012 (أصول تقييم الاثر البيئي) لا تعني أنّه بعد مرور سنتين تعتبر دراسة تقييم الأثر البيئي غير صالحة حكمًا، إنّما يعود لوزارة البيئة التحقّق من نشؤ عناصر جديدة تدعو إلى تحديث هذه الدراسة أم لا". وذكر "أنّه قام أخيرًا ومع البدء بتنفيذ الأشغال، بإعلام وزارة البيئة، عملًا بأحكام هذه المادة، بمتابعته تنفيذ المشروع، وأنّه لا يرى بناءً لمتابعته لواقع المشروع ومحيطه خلال الفترة السابقة، نشوء اية عناصر بيئيّة جديدة تستدعي تحديث دراسة الأثر البيئي أو الفحص البيئي المبدئي مجدّدًا، علمًا أنّه تمّ خلال هذه الفترة تنفيذ الاستملاكات على كامل مساحة هذا المشروع وبالتالي لم تنشأ حكمًا ضمن هذا الموقع أيّة مشاريع بنى تحتية أو عمرانيّة أو غيرها أدّت إلى تغيّر واقعه".
وعن الشروع في الأعمال قبل صدور قرار مجلس شورى الدولة النهائي بشأن المراجعة المقدّمة إليه عام 2014، أشار إلى أنّ "مجلس شورى الدولة سبق أن أصدر قراره الأوّلي في العام نفسه، الّذي قضى في حينه بردّ طلب الجهة المستدعية لجهة إبطال مرسوم الاستملاك وتوقيف المشروع، بناءً على الإيضاحات الفنيّة والقانونيّة المقدّمة من قبل "مجلس الإنماء والإعمار" بوجه الإدعاءات المغلوطة حول المشروع من قبل الجهة المستدعية، ممّا أتاح للمجلس المتابعة بتنفيذ المشروع".
وكرّر المجلس ترحيبه بـ"تشكيل لجنة أو تكليف جهة محايدة من أصحاب الكفايات النظر في كامل الدراسات"، لكنّه شدّد على
"ضرورة المبادرة إلى ذلك في أقرب وقت ممكن، ومن دون أن يكون له تأثير على سير الأعمال، بحيث لا يتسبّب هذا الأمر في حال اللجوء إليه، بأيّ تأخير إضافي للبدء بتنفيذ هذا المشروع الحيوي الّذي ينتظره معظم اللبنانيين ليوفّر المياه لنحو 1,6 نسمة في بيروت وجبل لبنان وهم بأمسّ الحاجة اليها".
كما طمأن المجلس إلى أنّ "المشروع لن يتسبّب بتهجير السكان، إذ أنّ لا وجود فعليًّا ضمن موقع المشروع لخدمات بنى تحتية أو منشآت سكنيّة يقتضي إزالتها وإعادة إسكان اهلها، فيما الواقع أنّ مساحة المشروع تمتدّ على خراج عدد من القرى ضمن الوادي غير المأهول، لا بل على العكس فإنّ هذا المشروع سوف يصبح مركز استقطاب سياحي واستثماري وسيؤمّن فرص عمل كثيرة وفي نواحي عدّة، إن خلال فترة إنشائه أو بعد إنجازه لاحقًا وعلى المدى الطويل".
وفي هذا الإطار، ذكّر بـ"أنّه أطلق العمل ببرنامج مشاريع المنفعة المشتركة للقرى المحيطة بالمشروع، بحسب ما تتضمّنه دراسة تقييم الأثر البيئي والاجتماعي، والّذي يتضمّن إنشاء عدد من المشاريع المحليّة ذات الطابع البيئي - الاجتماعي التنموي في محيطه ومرتبطة به، على أن تشمل هذه المشاريع إشراك البلديات وهيئات المجتمع المحلي في اقتراحها وتنفيذها ومتابعتها والاستفادة منها لاحقًا عبر مردود مادي وفرص عمل، ومنها اقتراح بإنشاء مرافق لزوّار بحيرة سد بسري ومشاريع لنشاطات ترفيهية او مرافق لعرض اثار قد تقرّر المديرية العامة للآثار إبقاءها في محيط المشروع وتحت إشرافها (فيما سوف تُحفظ كامل هذه الاثار التي سوف يتم التنقيب عنها لدى المديرية)، وغيرها من المشاريع".
وأعلن أنّ "على المدى المتوسّط والبعيد، سيكون الطلب على الأراضي لإنشاء الوحدات السكنيّة، ومجمّعات الشقق والفنادق والمنتجعات والمطاعم على التلال المطلّة على المشروع فضلًا عن تطوير البنى التحتية (طرق وبنى تحتيّة عامة...)، من دون إغفال الآثار الإيجابيّة على العقارات المجاورة لضفاف البحيرة لناحية الاستفادة منها للنشاطات الترفيهيّة للرياضات المائيّة، كأماكن الإقامة والتخييم والنزهة، ومناطق السباحة، والأرصفة على الضفاف، ومسارات الدرّاجات الهوائيّة وغيرها".
وبالنسبة إلى إسكان العاملين في المشروع، بيّن أنّ "مساكن خاصة ستقام لهم ضمن حرم الموقع، وليس في البلدات المحيطة نفسها الّتي لن تتأثّر بوجودهم، وسوف تحرص إدارة المشروع على ضبط القواعد السلوكيّة والسلامة العامّة (الاجتماعيّة) في محيط المشروع".
وعن الإزعاج الّذي قد تتسبّب به الشاحنات والآليّات وعمليّات التفجير خلال مرحلة تنفيذ المشروع، نوّه المجلس إلى أنّ "معظم مواد الردميات اللازمة للمشروع هي من ضمن الموقع نفسه، وبالتالي انّ تحرّك آليّات نقل المواد من خارج الموقع إليه سيكون محدودًا نسبيًّا، وسيُصار إلى تنظيمه ضمن خطة العمل لتفادي ازعاج المحيط وتامين السلامة العامة، كما أنّ عمليات التفجير هي محدودة جدًّا وفي حال الحاجة إليها ستكون في أماكن بعيدة عن المنشآت السكنيّة".
إلى ذلك، ردّ الادعاء بأنّ "الشق الاجتماعي لم يدرس في المشروع"، لافتًا إلى أنّ "دراستي تقييم الأثر الاجتماعية المشار إليهما أعلاه وخطة إعادة الإسكان الموضوعتين في عام 2014، تضمّنتا العديد من المواضيع الاجتماعيّة الّتي أُعطيت لها الأولويّة في سير عمل المشروع، بدءًا من جلسات المشاركة العامة الّتي بدأت في عام 2012 وما زالت مستمرّة بوتيرة مكثّفة، والّتي حرص المجلس والاختصاصيّون من خلالها على الاستماع إلى رأي الاهالي وتقديم التوضيحات والعمل بمطالبهم، إلى حسن سير عمليّة الاستملاك بشفافيّة مطلقة، إلى إنشاء وتطبيق آلية لتسهيل تقديم المراجعات من قبل المعنيين والتواصل مع الادارة والسلطات المحلية بشأن مختلف هذه الامور، وصولًا للتقارير الأخيرة الّتي وضعها مكتب استشاري مستقل كُلف بمراقبة وتقييم تنفيذ الإدارة لهذه الخطوات بما فيها الاستملاكات، والّتي خلصت إلى تأكيد حسن سير هذه الأمور وشفافيّتها".
وعن المخاوف من أنّ الأرض رمليّة قابلة للإنزلاق والإنجرافات، أوضح أنّ "الدراسات واستقصاءات المسح الجيولوجي والنيوتكتوني للبحيرة ومنحدراتها، أثبتت أنّ جوانب السد هي من الصخور الرمليّة ومن الصخور الكلسيّة الثابتة في موقعها". وكرّر تطميناته بالنسبة إلى "المخاطر الزلزاليّة الّتي يستند إليها البعض في معارضته المشروع". وذكّر بأنّ "التقارير، ومنها تقرير قدّمه في أيار 2019 الخبير الدكتور مصطفى ارديك، موقّع منه ومن بقية أفراد لجنة الخبراء المستقلين، تضمّن أجوبة مباشرة وشرحًا مفصّلًا في شأن ما أثير عن مخاطر الزلازل، وخلص إلى أنّ من غير المنطقي تمامًا اعتبار أن تعبئة بحيرة سد بسري فوق "فالق"، إعتُبر أساسًا أنّه موجود تحتها وأنّه متّصل بفالق روم، سيؤدّي إلى تحريك هذين الفالقين والتسبّب بزلزال وفقًا لما يُعرف بـ"(Reservoir Triggered Seismicity (RTS".
ونفى أن "يكون السدّ يمر في مطمر نفايات الناعمة"، مشيرًا إلى أنّ "مياه السد ستجر بواسطة النفق الجاري تنفيذه حاليًّا من منطقة جون غلى خلدة في باطن الأرض وعلى عمق يزيد عن 140 م عن سطحها. كذلك يتضمّن هذا النفق إنشاء غلاف من الخرسانة والمواد العازلة لمنع تسرب المياه منه واليه في باطن الارض، علمًا أنّ مسار هذا النفق في الأساس لا يقع مباشرةً تحت موقع مطمر النفايات المذكور".